[JUSTIFY]
منذ حديث الرئيس البشير للبرلمانيين بعيد الإعلان عن التشكيل الوزاري في ما يتعلق بأمر الحكومات الولائية والولاة وحديثه بأن التغيير سيكون شاملاً، تغيرت النظرة للولاة وللحكومات الولائية، وبات عدم الاستقرار في كل المعاملات يهدد الولايات، ولم يستطع بعض الولاة الذي بدأوا في إعادة ترتيب حكوماتهم واستنهاض الهمم لاستكمال دورتهم والاستعداد للانتخابات، المضي قدماً في تنفيذ مشروعاتهم وإصدار قراراتهم، فقد بات كل شيء في الولايات معلقاً، وأصبحت الشائعة هي سيدة الموقف، فنجد آخرين يحدثونك عن ان الوالي الفلاني ذهب للخرطوم لكن المسؤولين في القصر الجمهوري والمؤتمر الوطني اشاروا اليه بالتريث والانتظار إلى حين، وآخرون يحدثونك عن أن الوالي الفلتكاني «منعوه عديل» من التعديل، ونجد الحديث هنا وهناك، وفي مثل هذه الأجواء الضبابية تكثر الشائعة وينشط مروجوها الذين يعرفون جيداً كيف يصطادون في الماء العكر، وهذه الممارسات ليست غريبة على المجتمع السياسي المليء بالمنافقين والمخاضعين والكذابين الذين دائماً ما تقودهم مصالحهم للعب على المتعشمين في بلوغ المناصب الدستورية الرفيعة في الحكومات الولائية، والذين ينشرون لهؤلاء «بركات» جزء منها في الحال وبعضها آت والخير على «قدوم الواردين» كما المثل، وتجدهم يحدثونك عن أن المسألة على اعتبار انها خلاص في انتظار المكتب القيادي القادم، ويأتي المكتب القيادي وينعقد وينفض ولا أحد من المسؤولين فيه يتحدث عن تغييرات في الولاة، ثم تتواصل القصة بتقارير وأخبار صغيرة تجدها مبعثرة في الصحف، مفادها أن لجان المؤتمر الوطني تعكف على تقييم الوضع في الولايات والنظر في تعيين ولاة جدد، وأخرى تأتي بمواصفات الوالي الجديد في الولاية تلك، وهذا كله حديث لا يعرف ليه أول ولا آخر، والخلاصة منه أنه لم يفعل سوى أحدث ربكة في الولايات وصرف المسؤولين التنفيذيين والحزبين وحتى الآخرين الذين تهمهم المسألة بصورة او بأخرى عن مباشرة أعمالهم الروتينية، ولذلك اعتقد أن رئاسة الجمهورية والمؤتمر الوطني في حاجة لاستجلاء الموقف ووضع النقاط فوق الحروف، فإما تغيير أو اتركوا الناس ينصرفون إلى شغلهم لأن العامل النفسي من أسوأ العوامل التي تعقد بالمسؤول وتجهد همته في العطاء في حال الحديث عن تغيير مفتوح هكذا بلا سقف محدد.
وإذا عدنا للضرورة التي يجب أن تدفع المركز إلى إجراء تغييرات في مناصب الولاة، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن معظم الولاة جاءوا بانتخابات أجلها معلوم، والإبقاء عليهم ليكملوا فترتهم في حال عدم وجود إشكاليات أساسية تهدد الاستقرار في ولاياتهم وتنذر بإيقاع الفتنة القبلية، أو تفتح المجال لتمدد التمرد ولتعم الفوضى، انما هو وفاء لعهد المؤتمر الوطني مع قواعده وجماهيرية وترسيخ تجربة قطع المؤتمر الوطني العهد على نفسه تطبيقها، ومن الطبيعي أن تصاحب أية تجربة بعض الإشكاليات والإخفاقات في سياق التنفيذ، اذا اخذنا في اعتبارنا حجم المشكلات الملقاة على كاهل الولاة في اطار متطلبات الحكم وصرفه السياسي والخدمي في ظل شح الموارد المعروف لدى أعلى قمة في سلطة الدولة.
في ظل كل هذه المعطيات ينبغي أن يطول التغيير ولايات في حاجة للتغيير بدونه لن تهدأ فيها الأوضاع ولن يستقر الحال السياسي، وهي ولايات معروفة في غربنا الكبير.
إنني أشفق على إنسان الولايات الذي ينتظر ولو اليسير من الخدمات والتنمية بعدما رفعت الحكومة المركزية يدها تماماً عن قضاياه وتركته لمزاج الولاة بامكاناتهم الشحيحة كما قلت، وتقاطعات كسبهم السياسي وأثره على التنمية.. والخدمات في هذه الحال نرى أن مجيء حكومات وذهاب أخرى بزخم الحكومات الولائية والولاة المعروف انما المتضرر الوحيد منه هو المواطن الذي ما عاد يفرحه مجي أي مسؤول من عدمه.
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]