وكشف سعيد أن مبادرة الميرغني تحتوي على مراجعة قانون الأحزاب السياسية والانتخابات والقوانين المرتبطة بالحريات العامة وحقوق الإنسان والتحول الديمقراطي.
النظر إلى خبر المبادرة يحتاج إلى التأمل في واقع الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل خلال السنوات الأخيرة، فقد تمزق إلى جماعات وتيارات، واستعصى لم شمله عبر كثير من المبادرات التي أطلقها الميرغني، وغير خاف انتظار أعداد غير قليلة من الحزب من مولانا الإجابة عن أسئلة كثيرة، في مقدمتها موعد المؤتمر العام ورأي مولانا في توصية قيادة الحزب في أمر المشاركة في حكومة القاعدة العريضة.
ومن المفارقات أن الناطق الرسمي باسم الحزب إبراهيم الميرغني ظل ينقل إلى الرأي العام أخبارا عن تحركاته الأخيرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، في المناسبات الاجتماعية والمناشط الحزبية، بصورة راتبة؛ منها حضوره مناسبة زواج بولاية النيل الأبيض، ووحل سيارته الفارهة في الرمال هو وفي طريقه إلى العودة إلى الخرطوم. البوست تزيّن بعبارة (وحلانين في قوز أبو كلاب)، ثم نشره خبرا أورد فيه معلومة انه وبتكليف من السيد رئيس الحزب وبمعية وفد رفيع من قيادات وكوادر المركز وممثلى لجان المؤتمر العام شاركوا في الملتقى التشاوري لقيادات الحزب الاتحادي بولاية نهر النيل الذي عقد في الكتياب، وحضرته جميع مكاتب محليات الولاية بالإضافة لرموز الاتحادي وقياداته التاريخية وكان أهم مخرجات اللقاء الاتفاق على الشروع فورا في استكمال مؤتمرات المحليات وصولا لمؤتمر الولاية في أبريل.
ومن ينظر إلى اتساع رقعة مبادرة الزعيم واحتوائها على كل مشاكل السودان يجد أن الجهد الذي ينتظره حزب الحركة الوطنية لو وجد عشر معشار ما يحتاجه السودان لنهض من جديد واستجمع قواه وفارق الفرقة والشتات.. خصوصا أن الإعلام الإنقاذي الذي احتفى بالخبر لابدّ أنه لن ينسى أن وزراء الحزب الاتحادي من المشاركين في الحكومة قال عنهم قطب الحزب أبو سبيب في إحدى تحركاته لمناهضة المشاركة في الحكومة “إنّهم إذا حضروا لا يستشاروا، واذا غابو لم يفتقدوا”، ومعلوم أنّ حجم الشراكة إذا كانت كاملة بحقها ومستحقها لا تستوعب كل ما طرحة السيد الميرغني من المشاكل التي تواجه السودان، فكيف هي إذا كانت شراكة على تلك الصورة التي وصفها بها الشيخ أبو سبيب؟ وكيف للجان وقيادات تعكف على حلحلة جل مشاكل السودان والناطق الرسمي لا يعلن عنها شيئا، بل وربّما فوجئ بها مثله مثل كثير من الساسة السودانيين ووسائل الإعلام! وإذا كان لسان الحزب لا يعلم شيئا عن المبادرة فمن يعلم؟ وهو الذي نشر بيانا رسميا قال فيه إن الحديث عن الحزب فقط عبره وعبر الرئيس!
الأريحية التي قابلت بها الحكومة الخبر عبر واجهتها الإعلامية شبه الرسمية تدلل على مكاسب أولها أنّ مبادرة الميرغني تحتوي على ضمانات مؤكدة أن مولانا وحزبه سيظل جزءا من المشاركة ببركات هذه المبادرة أطول فترة ممكنة، ستجعل من العسير على الرافضين لمبدأ المشاركة التفكير في مطالبة رئيس الحزب بالمصادقة على توصية القيادة بالخروج، لأن النقاش تجاوز أزمة الشراكة إلى السعي لحل أزمة الوطن، لكن ستظل الأمثال السودانية (جحا أولى بلحم تورو) و(الأكل إن ما كفى ناس البيت يحرم على الجيران) تدور برؤس الكثيرين ما دارت النقاشات حول المبادرة، ودارت آلات الإعلام تنقل إلى المسامع جعجعتها، والعيون لا ترى لها طحينا ولا عجيناً
الخرطوم – أحمد عمر خوجلي: صحيفة اليوم التالي