ورغم ذلك فانا أرى أن هناك حقيقة واحدة تمشي في الإتجاه المضاد لما نعتقده صحيحاً لا يجب الإغفال عنه وهي أن هؤلاء الأوربيين حتى اليوم لا ينامون كثيراُ مثلنا، وإذا ناموا يعرفون متى يقومون بذلك ولماذا ينامون. ومن الأشياء التي لفت نظري وحيرني أن شمسهم تسطع مرات قليلة في العام لكنها لا تغرب سريعاً فقد كنت مستغرباً عندما فوجئت بالشمس التي تغرب الساعة العاشرة مساءً وقيل لي بأن بعض الدول تبقى الشمس مشرقة لفترة ستة شهور متتالية… إذن فرغم سطوع الشمس المستمر يعرف الأوربيون متى ينامون ويقومون بأعمالهم على أكمل وجه كل واحد يقدر مسؤوليته وقاموا بتوظيف ما وجدوه وورثوه من آبائهم لأبنائهم القادمين وإذا عدنا لعمل مقارنة بسيطة مع قومنا فساعات نومنا أكثر من ساعات صحونا أو في أحسن الظروف تتساوى ساعات النهار مع ساعات الليل ورغم ذلك فلدينا وقت للنوم نهاراً قد تمتد هذه الساعات لليوم التالي. وما أذكره فقط أن اليوم الوحيد الذي نمنا فيه ايام وجودنا هو يوم وصولنا عندما نزلنا الفندق مرهقين لطول مسافة السفر التي قضت على الليل بالكامل وعند ذلك فقد كنا نبدأ برنامج العمل يومياً من الساعة التاسعة بتوقيت بروكسل (الساعة 10بتوقيت السودان المحلي) وننتهي الساعة سبعة بتوقيت بروكسل (الساعة 8 بتوقيت السودان في أغلب الأيام أمتدت للساعة الثامنة) إذن فالعمل المتواصل المستمر جزء من التدريب المفقود الذي لا نعرف أين نجده.
لاحظت بأن المدينة تخلو من المارة مبكراً وليس هناك عدد كثير من السيارات تسير بعد الساعة التاسعة مساء والمدينة في هدوء عجيب جداً حتى أنك لا ترى بالكاد سيارة تعبر في منتصف الليل عدا سيارات الشرطة التي تجوب دورياتها الأسواق لتأمينها.
وملاحظة بسيطة عن المشاة على الشارع وسائقي السيارات وقوانينها تجد الإحترام المتبادل وتجد على بعد كل خمسين متراً تقريباً علامات عبور المشاة لم أر سائقاً تخطاها بسيارته متقدماً نحوك دون أن يتوقف هو للسماح لك بالمرور وفي الأماكن التي فيها لمبات توضح مرور المشاة ينتظر المشاة العلامة الحمراء دون الدخول للشارع والأمر لا يحتاج لوجود شرطي مرور فلم اعرف لبروكسل شرطي مرور خلال الأسبوع الذي بقينا فيه هذا بسبب الدور المتبادل لحفظ القوانين والنظام.[/ALIGN] لويل كودو – السوداني-العدد رقم 920 – 2008-06-5