وزير مجلس السلطة الإقليمية لدارفور :هناك أكثر من (17) موقعاً من المواقع شاغرة تم التفاهم فيها بين المؤتمر الوطني وحركة التحرير

[JUSTIFY]ما يزيد عن عشر سنوات مرت على أزمة دارفور، التي عايش شعبها ويلات الحرب، فجاءت اتفاقية الدوحة لسلام دارفور التي سبقتها مئات المبادرات وعشرات الورش والقرارات وخلافها، عل تلك الاتفاقية تسكت زخات الرصاص ونزيف الدم. ورغم أن الاتفاقية بدأت تتنزل على الأرض على مستوى العمل الإداري والهيكلي، لكن يبدو أن مشروعات التنمية وعودة النازحين واللاجئين، ما تزال عصية على أهل الإقليم. (المجهر) جلست إلى وزير شؤون مجلس السلطة الإقليمية “محمد يوسف التليب”، وقلبت معه سير إنفاذ اتفاق الدوحة وخرجت بالحوار التالي:
} بداية ما هي مهام واختصاصات وزارتكم وفي أي مجال تعمل؟
– هي وزارة معنية بشؤون مجلس السلطة الإقليمية الذي شكل بقرار جمهوري بعد اتفاقية الدوحة، والمجلس يضم (76) عضواً، وحتى الآن تم تعيين (50) عضواً يمثلون حركة التحرير والعدالة والمجالس التشريعية الولائية، والمؤتمر الوطني والقوى السياسية والمجموعات التي انضمت للسلام. والمجلس ينسق مع المجالس التشريعية الولائية والمجلس الوطني ومجلس الولايات حتى لا يحدث تقاطع في التشريعات، وهنالك قضايا في غاية الحساسية محتاجة إلى رعاية وإحكام التنسيق حولها، خاصة قضايا التشريعات العابرة للحدود بين الولايات التي تهم أكثر من ولاية في دارفور في آن واحد، أضف لذلك هنالك تدابير تشريعية يمكن أن يوصي بها المجلس لتنفيذها عبر الجهاز التنفيذي وهو السلطة الإقليمية، وبالتالي الوزارة تعمل في هذا الإطار. وبحمد الله استطاعت أن تقوم بالأعباء الموكلة إليها بصورة أحسب أنها تسير بشكل جيد، حيث استطعنا أن نقيم تدشين المجلس في يناير المنصرم بحضور النائب الأول السابق “علي عثمان طه” بمدينة نيالا، بحضور لفيف من القيادات التنفيذية والتشريعية والولاة في دارفور في جلسة مشهودة.
وأهم ما خرجنا به أن اتفاقية الدوحة تسير بشكل جيد، وأن النائب الأول السابق تعهد بمبلغ (800) مليون جنيه كاستحقاق أو التزام الحكومة ناحية تنفيذ اتفاقية الدوحة، ومن بعد أيضا ذهبنا في اتجاه هيكلة المجلس واختيار رئيسه وقياداته واختيار اللجان. وعقدنا الدورة الثالثة للمجلس في مدينة الفاشر، وهذا هو المسار الذي نمضي فيه، والآن نعمل على قيام ملتقى برلماني بمدينة “الجنينة” في الخامس عشر من هذا الشهر.
} لماذا لم يكتمل تشكيل المجلس بكامل عضويته، وهل استلمتم المبلغ الذي التزم به النائب الأول السابق “علي عثمان” ؟
-فيما يتعلق بعدم اكتمال نصاب المجلس أو العدد المتفق عليه في اتفاقية الدوحة المحدد بـ (76) عضواً، نعم لم يتم اكتمال العدد لسبب جوهري معلوم، وهو أن هذه الاتفاقية اتفاقية مفتوحة وما زالت فيها شواغر، وفي محور السلطة مازالت هناك مواقع شاغرة على المستوى التنفيذي والسياسي والتشريعي، وبالتالي هناك أكثر من (17) موقعاً من المواقع شاغرة تم التفاهم فيها بين الشريكين المؤتمر الوطني وحركة التحرير والوسطاء، وبلا شك هذه المواقع شاغرة كحافز للحركات التي ما زالت تحمل السلاح والتي واحدة من أجندتها تقسيم السلطة والثروة، والمواقع الشاغرة ليس في العضوية فحسب إنما حتى على مستوى قيادة المجلس. وهناك لجنتان ما زالتا شاغرتين أسوة بالجهاز التنفيذي، الذي ما يزال هناك به ثلاث وزارات شاغرة أو متروكة للحركات، التي يمكن أن تستجيب لاتفاقية الدوحة وتنضم إليها وهذا فيما يتعلق بإكمال النصاب.
أما فيما يتعلق بمشروعات التنمية أو مبلغ الـ(800) مليون جنيه، فالسلطة الإقليمية بدأت في استيعاب هذا المبلغ عبر مشروعات تنموية حسب إستراتيجية الاتفاقية المتعلقة بالتنمية، ممثلة في المياه والصحة والتعليم والمستشفيات. وأستطيع أن أقول إن هنالك لجنة مختصة تعمل في هذا المسار، وطرحت تلك المشروعات في مصفوفة، والآن نعمل على تنفيذها ونتوقع أن يتم التوقيع على عقوداتها قبل انقضاء هذا العام، هذا فيما يتعلق بالمبلغ الذي تم دفعه من حكومة السودان.
} كيف ترى مسار تنفيذ اتفاقية الدوحة عــلى الأرض؟
-هناك لجنة لتقييم هذا الاتفاق وهي لجنة دولية معنية بمتابعة إنفاذ الاتفاقية برئاسة دولة قطر وتعقد اجتماعات دورية، لكن لا أستطيع أن أقيم جهازاً وأنا بداخله، وممكن أن أعبر عن أن الاتفاقية في مسارها الاجتماعي والسياسي والتنموي تسير بشكل جيد، وأرى أن السلطة الإقليمية استطاعت أن توطن نفسها في دارفور، واستطاعت أن تجعل السلام واقعاً واستطاعت أن تمثل أهل دارفور في مؤسسات مختلفة، وتمارس صلاحيات على مستوى الجهاز التنفيذي، وعلى مستوى الجهاز التشريعي وعلى مستوى التنسيق الواجب تنفيذه بين الولايات والسلطة الإقليمية. وهذه كلها أدوار بخلاف المؤتمرات التي عقدت أو التي نخطط لانعقادها، مثل المؤتمر الاجتماعي المتوقع له في مقبل الأيام أو بداية 2014م.
} هناك تحديات ما تزال تواجه اتفاقية الدوحة؟
– طبعاً وبيانات وزراء السلطة الإقليمية في آخر اجتماع للمجلس حملت توصيات مهمة، ملخص هذه التوصيات هو ضرورة المضي قدماً في إنفاذ الاتفاق، أضف إلى ذلك وجود تحدي مالي معلوم، هذا التحدي موجود في المنطقة وعلى مستوى السودان. ونحسب أن الاتفاقية ما وضعته وأسسته من موارد يشي بتقدم، وكان هناك نداء لإنفاذ هذه الموارد عبر التزامات المانحين وأيضاً هذه التوصيات تحدثت عن ضرورة إنفاذ المشروعات التي بدأت وعلى رأس هذه المشروعات مشروعات قرى الإنعاش المبكر.
} لكن حتى الآن لا توجد مشروعات على الأرض ؟
-هذه حقيقة طبعاً للناظر إلى اتفاقية الدوحة يجد أنها تحدثت عن مشاريع كبيرة وطموح يقدر بنحو (7) مليار دولار، وإذا استطعنا أن نحدد ما نفذ من أموال فعلية على أرض الواقع، هي نسبة ضئيلة وما تحقق يحتاج إلى مضاعفة الجهود، لكن على مستوى العمل الإداري والهياكل ووجود السلطة في دارفور فهذا عمل متقدم، لكن في محور التنمية وخاصة الأموال على الأرض فالتنفيذ ضعيف والنسبة ضئيلة، وإذا نظرنا إلى أن النسبة مطلقة من جملة الـ(7) مليار دولار وهي الحاجة الفعلية لدارفور خلال الـ(30) سنة القادمة فالعمل بطيء، وكان لنا أن نضع أموالاً أقل من ذلك حتى نرفع نسبة ما أنجز، لكننا وضعنا هذا المبلغ جملة واحدة. ونحن نعمل حالياً في مجال الإنعاش المبكر بحوالي (35) مليون دولار، و(200) مليون دولار من حكومة السودان، وهذه المبالغ نستطيع أن نقول إنها نفذت على الأرض وإذا ما نسبت هذه المبالغ لمبلغ الـ(7) مليار دولار ستظهر النسبة بأنها ضعيفة جداً.
} طيب هل المشكلة في حكومة السودان أم المانحين أم السلطة الإقليمية ؟
-طبعاً الاتفاقية لا تستطيع أن تنسب فيها الضعف إلى جهة بعينها، رغم أن الاتفاقية موقعة بين عدد من الأطراف وتوجد رعاية من دول عظمى مثل أمريكا وفرنسا وعدد من دول أوروبا والدول الأفريقية ودولة قطر صاحبة المبادرة والأمم المتحدة وحكومة السودان والمؤتمر الوطني وحركة التحرير والعدالة وهم الموقعون على هذا الاتفاق، وبالتالي يمكن أن توزع هذه الالتزامات على هذه الأطراف،والحكومة كان دورها أن تهيء الأرضية وأن تنشيء السلطة وتعين الوزراء والمجالس التشريعية والمجالس القيادية، وتستوعب الوظائف على المستوى المركزي وتدفع المبلغ القاعدي وهذا ما تم. ويمكن أن نعطي التزام الحكومة نسبة متقدمة جدا، لكن هنالك التزامات من المانحين الذين تعهدوا بها في دولة قطر التي تجاوزت مبلغ (ملياري) دولار، فماذا فعلوا حيال هذه الاتفاقية وحيال هذه الالتزامات، فدولة قطر ملتزمة بحوالي (500) مليون دولار وبدأت في إنفاذ هذه المبالغ بشكل جيد. وما أعلمه أنها أودعت هذا المبلغ في الحساب لكن ما زالت اتصالاتنا مستمرة، ونناشد بضرورة أن تلتزم تلك الدول بدفع تلك الالتزامات، فبالتالي لا تستطيع أن تنسب عدم التنفيذ لجهة بعينها فالاتفاقية مركبة الالتزامات.
} اتسع نطاق الاقتتال القبلي مؤخراً ما هي رؤية السلطة للمخرج من هذا الكابوس؟
-نحن وضعنا إستراتيجية لوقف هذا الاقتتال، لكن أحد أهم أسبابه هو الحركات التي تحمل السلاح في دارفور، وتجدد الاقتتال بحمل أبناء الإقليم للسلاح في مرحلة، ثم أصبح لهؤلاء تأثير على القبائل في دارفور مباشراً وغير مباشر. واستمرار الاقتتال واحدة من أهداف الحركات المسلحة، لكن هذا لا يمنعنا من الوصول للسلام وإحداث وعي وسط القبائل بأن هذه الحرب ليس لها فوائد غير الدمار والتأثير على الاقتصاد، ونحن مسارنا العمل على تحقيق السلام الاجتماعي.
} ما تزال المعسكرات السمة الأبرز لأزمة دارفور، فهل يظل النازحون طيلة حياتهم في المعسكرات؟
-طبعاً لا يمكن أن يظل الناس في المعسكرات طيلة حياتهم، وهذا ما جعلنا نجعل أمر العودة الطوعية للنازحين أولى أوليات السلطة الإقليمية، ومسار النازحين في المعسكرات هو يأخذ المرتبة الأولى في مناشط السلطة الإقليمية، وبالتالي قطعنا عهداً على أنفسنا لابد أن تعالج مشكلة المعسكرات والجهود التي تمت حتى الآن هي الاتصال بين السلطة والنازحين، وهنالك آلية تم تشكيلها ومحفزات وأوضاع مطمئنة، والنازحون في أكثر من مناسبة عبروا عن رفضهم للحرب وعن رفضهم لما ظلت تنادي به الحركات الحاملة للسلاح، وهناك شبه بيات شتوي للحركات التي ما تزال تحمل السلاح في دارفور.
} لكن هشاشة الأمن تعد أكبر هاجس للعودة العكسية، ما هي التدابير الأمنية لتفادي العودة العكسية ؟
-الأمن هو أحد العوامل المهمة لعودة النازحين الذين ظلوا ينادون به، وفي هذا المسار تم تشكيل لجنة برئاسة “التجاني السيسي”، تضم لجان أمن الولايات برئاسة الولاة وهذه اللجنة واحدة من خططها وأهدافها الإستراتيجية هو إعادة النازحين واللاجئين، وعملية حمل السلاح في دارفور واحدة من العوائق بالتالي نعمل جميعاً في السلطة وولاة الولايات لدعم القوات المسلحة لإنهاء التمرد في دارفور، ونعمل كذلك لإنهاء الصراعات القبلية، وهذان المساران يمضيان معاً ومن بعد تأتي الأهداف الأخرى وهي جمع السلاح والسلام الاجتماعي .
} ما هو مصير حركة العدل والمساواة الموقعة على السلام برئاسة “عبد الكريم دبجو” في اتفاقية الدوحة؟
-مصير حركة العدل والمساواة الموقعة على اتفاق الدوحة برئاسة “عبد الكريم دبجو”، هو المساهمة مع أهل دارفور في مسيرة السلام، وهذا مصيرهم ونحن نريد عمل ترتيبات أمنية حتى يدمجوا في المجتمع، وهذا ما نصبوا إليه هذا بخلاف أنَّ لديهم مطالب ينادون بها في السلطة والثروة، لكن الرسالة المهمة أنهم انضموا لعملية السلام.

حوار : سامي عبد الرحمن: صحيفة المجهر السياسي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version