وبعدها أخبر الوالد والدتهم أنه لن يستطيع الذهاب معهم نسبة لظروف عمله وعليها أن تأخذ الأطفال هي وتذهب بهم. وقال لها إن عمهم سوف يستقبلهم ويستضيفهم بمنزله لقضاء الإجازة معه. وشدد عليها ضرورة أن تهتم بمراقبتهم، فالأولاد بطبعهم أشقياء لا يمكثون في مكان واحد أكثر من دقيقتين وهناك أهل المنطقة لا يعرفون بعضهم كما هو الحال بالولايات ويجب عليها أن ترعاهم جيداً، وبفرح يغمر الأطفال أعدوا حقائب السفر والتجهيز للرحلة، وقامت والدتهم بتحضير الهدايا التراثية.
وعند الصباح قام الوالد بتوصيل أسرته إلى محطة البصات السفرية وبعد أن تحرك البص في طريقة إلى الخرطوم رجع الوالد لمداومة عمله وبمرور ساعات لرحلة طويلة وصل البص إلى الخرطوم وهناك قابلهم العم وأبناؤه وكانوا في قمة سعادتهم بحضور أبناء عمهم الذين طالما هم ذهبوا إليهم في ولايتهم، وذهبوا جميعهم إلى المنزل بإحدى المناطق الطرفية وقضوا أياما تحفها الفرحة والسعادة والمرح يغمر الأطفال الذين يركضون من مكان لآخر وعند وقت العصر يخرجون إلى الميدان للعب الكرة مع أبناء الحي وبانقضاء لعب الكرة يذهبون إلى مكان الألعاب الإلكترونية والبلياردو ويقضون ساعات طويلة في الترفيه والتسلية ويرجعون في وقت متأخر للمنزل فقط بغرض النوم، وعند الصباح تتم الجولات حول الحي ولقاء الأصدقاء والمرح معهم إضافة إلى التنزه خارج الحي والذهاب إلى الحدائق والرحل النيلية التي طالما كانوا يحلمون بها ويتمنونها وقضاء أجمل الأيام مع أبناء عمهم، وفي يوم وكالعادة خرج الأبناء جميعهم للعب الكرة ومنها ذهبوا إلى مكان البلياردو ومعهم بعض الأصدقاء وبدأوا يلعبون وهم في غاية الفرح وأثناء لعبهم حدث نقاش بين ابن العم وصديقه حول مبلغ مالي قليل وتطور النقاش حتى وصل إلى الضرب فيما بينهما وهنا تدخل ابن العم الآخر «الضيف» وتصدر الشجار وأخذ مضرب البلياردو «عصا» الذي كان يلعب به وضرب بها صديق ابن عمه على رأسه وفي الحال سقط الطفل مغمى عليه وألتف عدد من الأشخاص حوله ونقلوه إلى المستشفى محاولين إسعافه، وحضرت الشرطة وألقت القبض على الطفلين «أبناء العم» وتم اقتيادهما إلى قسم الشرطة للتحري معهما وتم حجزهما في السجن بعد أن وجه لهما الاتهام تحت المادة (139) أذى جسيم.
وهنا انقلب الفرح الى حزن ما دعا والد الأطفال إلى أن يترك كل مهامه ويحضر إلى الخرطوم ليكون مع ابنه المتهم الأول ويقف بجانب أخيه والد المتهم الثاني. أما والدتي المتهمين فكانتا في حالة تثير الشفقة فكانتا لا تأكلان ولا تنامان وبدأتا السهر والأسى يضعف من حالتهما الصحية فحزنهما على الطفيلين بالإضافة الى قلقهما على الطفل المجني عليه متمنيتين له الشفاء حتى لا تأخذ القضية ابعادا اخرى وبمرور أيام كان الخبر الصاعقة حين سمعوا نواح وصراخ الجيران وخرجوا ليعرفوا ما حدث والصدمة الكبرى حين سمعوا ان الطفل المجني علية توفي متأثرا بالضرب، وهنا تطابق الهم على تلك الأسرة المكلومة وبالفعل تغير مجرى القضية وتم إعادة الإجراءات القانونية وتعديل المادة من 139 إلى 130 القتل العمد وأحيل الطفلان إلى محكمة الطفل التي باشرت المحكمة إجراءاتها القانونية بسماعها لكل أطراف القضية.
واكد شهود الاتهام أن الطفلين أجرما في حق المجني عليه وتمكنت المحكمة من جمع كل الأدلة والبراهين التي تدين الطفلين وعلى إثرها أصدرت المحكمة قرار السجن خمس سنوات بدار الفتيان في مواجهه المتهم الأول وعامين للمتهم الثاني. وخرجت أسرة الطفلين وهم في حالة من البكاء والانهيار وأم المتهم أبدت الندم والحسرة على حضورهم للخرطوم لما لحق بهم من عذاب ومصائب وضياع لمستقبل طفلها.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش