كما إن الأحزاب ذات الجماهيرية في التاريخ السوداني أرهقها العمل المعارض وشكل قطيعة بينها وجماهيرها مع غياب تطور رؤاها السياسية من التقليدية إلي المعاصرة وذاك لسيطرة زعاماتها وعدم تدريب قيادتها الوسيطة في تنظيم قابض في رأس هرمها الذي تنبت منه القرارات لتموت، فركنت قياداتها لما يعرف بالمصالحة السياسية لتحقيق طموح القيادة دونما إحقاق مكاسب وطنية تدون في سجل الإنجاز الحزبي وهنا نتذكر مقولة للمؤرخ أبو القاسم حاج حمد تقول بتضامن الانتهازية بين المثقفين منذ الاستعمار والحوجة المتبادلة بين الأفندية الطائفية السياسية.
ما نزال تتمكنا الحيرة عن هذا الزهد الحزبي في الانتخابات فبينما نظرية إسقاط النظام بالقوة أو إسقاطه بالأصوات الانتخابية تصطرعان ظلت مواقف المعارضة غير مبررة وقد تمت دعوتها لاتفاق وطني حول الانتخابات إبتداءاً من تعديل قانون الانتخابات وشراكة المفوضية إلي كل مراحل العملية الإجرائية، وحتي لحظتنا هذه لم نسمع حديث أو لقاء جامع للقوي الحزبية لتحديد موقف بشأن الانتخابات التي هي علي الأبواب فيما شرعت المفوضية العامة للانتخابات لتجهيز المطلوب منها في انتظار اتفاق الأحزاب حتي تتواطأ عي آلية مشتركة تكفل نجاح انتخابات حرة ونزيهة.
لم نتوقع غير استجابة سريعة لدعوة رئيس المؤتمر من قبل كل الأحزاب وهو يوفي بالتزام حزبه من ضرورة سليمة تبادل السلطة وأهمية قيام انتخابات عامة تشترك فيها كل فئات الممارسة السياسية حتي يحدث انفراج يقود لتوافقان تصلح حال السودان ليلتفت الجميع للتنمية والنهضة، لكن تلك الحماسة انطفأت شمعتها سريعاً فما استضاءت منها حتي جنبات الأحزاب من بياتها الشتوي الذي يدمن الرقاد علي مساند (المكاجرة) في ما يسوي وما دونه ولسنا ندري كيف تستنهض هذه الكيانات همتها؟ وما يخفيها وهي مقتنعة بامتلاكها جماهير كرهت الحكومة بمؤتمرها؟.
قبل أربع سنوات مضت وفي ظروف بالنسبة للأحزاب عامة والمعارضة أسوء بكثير مما هي عليه الآن فقد شمرت ونزلت لسوح الديمقراطية وترشح منسوبوها في كل الدوائر والرئاسة ولكن دون مبرر تفاجأ من تحسبهم ناخبوها بانسحاب غير مقبول ولا منتظر والمؤسف أن الأسباب كانت واهية، اليوم أمام المعارضة خاصة فرصة وتحدي لتعرف صدق المؤتمر الوطني من كذبه وتحدي لتختبر قدرتها لاستعادة ثقة جماهيرها وتجدد تواصلها بالقواعد بعد طول غياب سياسي وأيادي مكفوفة من العطاء وهنا ننبهها للأخذ من أمثالنا السودانية لتأخذ بحكمة (الموية تكضب الغطاس).
الدعوة المفتوحة التي قدمها السيد الرئيس تكاد تظهر عجز المعارضة إلا من أعراض المعارضة للنظام فدور الأحزاب لا تشهد حراك وكثير من شبابها العامل بأطرها حينما سألناه أنكر أي توجيه نازل بخصوص الموضوع (لا بنعم أو خلافها) والحكومة تستعد لذلك بتغيير جذري في السياسات والوجوه، وحتي إعلامنا المبارك يكاد لا يذكر الأمر بخير أو سوء علي ما في أهمية التزام الرئيس من صدق بقيامها في موعدها المضروب وقوله بتغيير القانون حتي يمكن كل من أراد الشراكة للدخول للبرلمان وهذا لا كما تتفهمه من باب تحسين وجه النظام لأن الحقيقة يثبتها بالاختبار.
صحيفة الوفاق