يكتشف العباقرة الذين يحكموننا في البترول إلا خاصية واحدة .. إنه قابل للإشتعال .. لذلك أشعلوا به البلاد .. وحين إكتشفنا في مدينتنا تحت الأرض البترول عرفنا إن الكارثة قادمة .. وفعلا بعد أيام صدر قرار من البرلمان يقول : ( أما بعد .. فإن كل ما فوق هذه الأرض وتحتها لنا .. لن نفرط في شبر من تراب هذا الوطن كما أقسمنا ، لا فوق ولا تحت ) … وبناءا عليه فرضوا علينا حصارا إقتصاديا خانقا لإجبارنا على مغادرة ما تحت الأرض .. أغلقوا الفتحات التي يأتي منها ضوء الشمس للمدينة ومنعونا من الخروج وطبقوا علينا سياسة ( النفط مقابل ضوء الشمس )… وأجتمعنا ذات يوم وقررنا إرسال خطاب رجاء للبرلمان فكتبنا لهم :
( أرحمونا يرحمكم الله .. نحن منكم وأبناءكم .. لم نجد دافع للحياة فوق فنزلنا لأسفل ومع ذلك لم ترحمونا .. كل من هم في المدينة شباب وجدوا المسكن والمأكل والعمل .. دعونا وشأننا .. لو كنا أنتظرنا فضلكم وإحسانكم لهرمنا قبل أن نكون مستقبلنا .. كم شاب في عالمكم فوق بإستطاعته الباءة ؟ لقد تضخمت الباءة في عهدهكم ياسادتي ولم تعد في إستطاعة شاب … كم من فتيات كن يتزوجن في عمر الزهور (19 سنة ) واليوم لا يجدن حتى من يغني لهن ؟ .. أرحمونا يرحمكم الله )
وجاء رد البرلمان القوي :
( أما بعد .. فقد كرم الله الإنسان وأمره بتعمير الأرض وليس تحت الأرض وما تفعلونه مخالف لما أمر به .. ما نفع الوطن إذا كان أبناءه يختبئون تحته كالجرذان ؟ أخرجوا وعيشوا كما يعيش الناس وربكم أولى برزقكم وتزويجكم وليس نحن .. أما بالنسبة لعمر الزهور وما شابه فدعونا نؤكد لكم إن الفنان محمد وردي لم يكن رسولا نبيا حين غنى هذه الأغنية ، ولكن حرصا منا على دعم الشباب وتشجيعهم على الزواج فقد قررنا التالي :
– تكوين لجنة للنظر في عزوف الشباب عن الزواج
– دعم المشاريع التنموية اللازمة للشباب
– إنشاء سد للشباب
– بناء طرق وجسور للشباب
– وأخيرا وكمنحة خاصة من رئاسة الجمهورية فقد تقرر رفع عمر الزهور من 19 إلى تسعة وثلاثين سنة .. والله الموفق
وبالقوة تم إخراجنا من تحت الأرض بعد أن خنقونا بالبنبان فحملنا أطفالنا وخرجنا لعالم السطح القاسي ، بينما دخلوا هم ليستخرجوا البترول .. وأعود أنا مرة أخرى لحياتي السابقة ، أحمل (باقة ) المونة وأحفر مع سخرية المعلم … لقد دخلنا تحت الأرض ولم يتركونا والآن لم يتبق أمامنا سوى أن نحسن أعمالنا عسى أن يرحمنا من هو أقوى وأرحم منهم وينى لنا قصرا في الجنة .. أعتقد إنها المكان الوحيد الذي لن يلحقونا فيه ليهدموه على رؤوسنا
الكاتب الساخر : د.حامد موسى بشير