وقصة أخرى تحكي أيضاً عن شخص جمعه المسير مع طفل للبحث عن صيد ولم يوفقا طوال النهار، فقتلا ثعلباً وشوياه وأكلاه. ثم طالب الطفل بعدم الإفصاح عن هذا الأمر لئلا يكونا بعد ذلك أضحوكة القبيلة.
وصل هذان المدينة وجلسا وسط عدد مقدر من الناس بمختلف الأعمار، وفي ذلك المكان صار كبيرهما يركز عينيه في عيني الطفل ولا يفارقهما.. ومهما حاول الطفل تجنب إلتقاء نظراتهما لا يفلح.. ولحظة ثورة قال الطفل هاتفاً بصوت عالٍ (يا خالي.. لماذا صرت مهتماً بالنظر إليّ هكذا دون أي شيء آخر، هل تظنني سأقول لهؤلاء بأننا أكلنا ثعلباً عندما كنا في الغابة؟).
وما بين القصتين البعيدتين في الوقت الراهن عن الواقع الذي نعيشه لأننا نعرف الغابات بعد والكثير من الناس يسمعون عن الحيوانات، وحتى الإلحاح الشديد في تقديم الدعوة للقادم صارت من الأشياء النادرة لعدم وجود ما يدعوك تنادي على الناس وإكرامهم إن لم تدخل سجناً..
المهم، القصتان أعلاه أشبههما بحال ما تعيشه جنوب السودان وخاصة قد مضى فترة مقدرة من اتفاقية السلام الشامل، وخلالها أرى العاطفة تحدَّث كما تحدث عاطفة الرجل الذي اشتهى الطعام وحاول التظاهر بالامتناع، لكن حقيقة الواقع فضحته، فسمع الناس حاجته الحقيقية. إن العاطفة التي أقصدها هنا هو حديث البعض، وأنا أحترم رأيهم هذا، بإنفصال هذه الكلمة صارت نغمة جميلة يرددونها دون توقف. وفي الوقت نفسه أراهم يفتقدون إلى مقومات الإنفصال الحقيقية بل تراهم فقط يشجعون من لا يعرفون عواقب ما يقال وهم في الوقت نفسه من يسفيدون من نداء الوحدة أكثر من غيرهم.
إن نغمة الإنفصال صارت ذات فوائد جمة ولذا يمسك بها كل فرد يريد كسب تعاطف الجنوبيين، والمتحدث في النهاية أول من يجلس مع الرافضين للإنفصال وما اتفاقية الخرطوم للسلام ببعيدة عن الأذهان عندما قتل المنشقون عن الحركة الشعبية لتحرير السودان الآلف، وكذلك قتل منهم مثل نفس العدد وفي النهاية استفاد المنادون بالإنفصال من الشعار المرفوع لصالح أنفسهم ليس أكثر.. وكذلك فكل من فاولينو ماتيب وعبد الباقي ايي كانوا يقاتلون بجانب الحكومة المركزية التي تفرض الإنفصال.. يتبع.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1098- 2008-12-4