شمائل النور : تزوير المجتمع .. نفاق اجتماعي مستشري

[JUSTIFY]تتعدد المظاهر والحكايات، والنتيجة واحدة،نفاق اجتماعي مستشري على كافة المناحي،وللدرجة التي يصعب فيها التفريق بين ما هو نفاق وقتي يزول بزوال الحالة، وبين ما هو يرقى إلى مستوى الجريمة تطول نتائجها مستقبلاً،شباب يبحثون عن عمل، اضطروا لوشم أنفسهم بعلامة الصلاة على جباههم، حتى يكونوا من قوم “سيماهم في وجوههم”، ليس الوشم حباً في أن يصبحوا مقبولين عند مجتمع هو ذاته يعاني أزمة جاثمة في معايير الحق والباطل منذ عقود من الزمان، إنما الغاية من الوشم تجاوزت ذلك الهدف الذي ظاهره بسيط،ليدخل الوشم في معايير اختيار الوظيفة المناسبة، خبر أوردته الصحيفة الاجتماعية اليومية “حكايات” مفاده أن شباباً سجلوا اعترافات للصحيفة بأنهم وشموا أنفسهم بعلامة الصلاة لأجل الحصول على وظيفة، وقد نجح بعض زملائهم في ذلك،وهم إذ يتبعون هذا النهج أملاً في الحصول على الوظيفة التي أصبح عسير الحصول عليها بالوضع الطبيعي السوي،هذا الخبر والذي يبدو أنه دُعابي أكثر من أي شيء، هو كارثة بكل المعايير،أن يتنزل نفاق الخطاب إلى المجتمع ويتحول لسلوك ونهج وبامتياز، هذا أخطر من الحروب التي تدور الآن بأطراف الوطن، هذا الخبر يقود إلى إمكانية أن يصبح المجتمع قابل لانتهاج النفاق لأعلى الدرجات، وأعلى الدرجات هنا أعني به التضليل بالدين،وإن كان هذا نهج متهمة به تيارات تقود السلطة،هاهو يتنزل إلى المجتمع،أن تظهر للمجتمع أنك متدين للدرجة التي أصبحت من الذين “سيماهم في وجوههم” وأنت بالواقع ربما لا تكون من الذين يؤدون الصلوات، هذه مرحلة حرجة،حرجة على عقيدة المجتمع وحرجة أكثر نسيج المجتمع،وهذه الحادثة هي إنما نموذج فقط من أساليب متعددة تحمل في ظاهرها التدين،وفي باطنها المثير الخطر، والخطر يتعدى الفاعل ليصل كل المجتمع، ويتحول المجتمع إلى مجتمع زائف غير حقيقي،لأنه يقبل بالظاهر، مهما ساء الباطن، طالما أن المعايرة اختلت لهذه الدرجة،ورغم علم المجتمع المتلقي بسوء الباطن وعلمه أكثر بأن الظاهر هذا إنما وسيلة للحصول على غاية.

نعم،منذ عقود تحول المجتمع بأكمله إلى مجتمع مظهري،يهتم بقشور الأشياء دون جوهرها،الفتاة المحجبة هي إمرأة كاملة دين وعقل،وما عداها فاقدة أخلاق وسافرة،من يحمل المسبحة ويصلي بالمسجد هو شيخ لا يُقبل الطعن في شهادته،ومن لا،فهو منبوذ في المجتمع،من حلف بالله جهد إيمانه أنه لم يسرق،هو شريف،ولو ثبتت التهمة،طالما أنه حلف،هي ليست أزمة مجتمع يعاني انقساما حاداً بين طبقاته التي هي منقسمة بين طبقة عليا سيطرت على السلطة والثروة وحرمت الأخرى من أدنى حقوقها لذلك تحولت إلى طبقة منافقة لأجل الحصول على أقل حقوقها،إنما نحن نحصد بامتياز نتائج زرع ينشد غارسوه الفضيلة ولو كانت بالقوة،بينما هم غارقون في فسادهم،هي نتائج أكثر من طبيعية ولو تحول المجتمع بأكمله إلى مجتمع زائف،فقط إننا نحصد .

صحيفة الجريدة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version