ويرى بعض المواطنين أن تذبذب أسعار الدولار مقابل الجنيه ارتفاعًا و انخفاضًا لا دخل له بما يحدث في أسعار السلع الاستهلاكية، بل قالوا إن ارتفاع أسعار الدولار و انخفاضه لا يحكم الأسعار مشيرين إلى أن التراجع والاستقرار في أسعار الدولار مقابل الجنيه لا ينعكس على الأسعار.
وقالوا إن التجار يقومون برفع أسعار السلع مستغلين في ذلك سياسة عدم التسعير التي تنتهجها الحكومة.
سياسة التحرير أرهقت المواطن
وقال محمود كرار – مواطن – هنالك سلع تتباين أسعارها وتختلف حتى تظن نفسك أنك قد سألت عنها في ولايتين مختلفتين، ويتضح ذلك بصورة جلية في أسعار الدواء ففي إحدى الصيدليات بالحي الذي أسكن فيه سألت عن دواء معين وجدت
سعره يزيد عن السعر الذي اشتريت به في نفس اليوم من صيدلية لا تبعد كثيرًا عن التي سألت فيها وعقدت مقارنة بين الأسعار في عدد من الصيدليات ووجدت فرقًا في الأسعار تراوح بين 20 – 50% وهذا أمر غريب أن يحدث فرق في سلعة من نفس النوع ومن نفس بلد المنشأ بل من نفس المصنع وفي تقديري هذا من التجار الذين لا تحكم السوق عندهم عملية العرض والطلب ولا التكلفة والأمر يحتاج إلى وقفة من جانب الجهات المسؤولة.
وقال محمود إن ما يحدث من فوضى في الأسواق لا علاقة له بسياسة التحرير الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة وتقوم بتطبيقها بصورة خاطئة فهي بوجهها الحالي سياسة لإرهاق المواطن و إفقاره، وليس للتحرير الاقتصادي الذي من المفترض أن انتهاجه يصب في مصلحة الاقتصاد الكلي.
وتحدث للصحيفة أيضًا المواطن عز الدين محمد عبدالرحيم قال: المواطن حاليًا يعاني من مشكلتين الأولى هي مشكلة ارتفاع الأسعار التي عجزت الحكومة عن حلها عبر كل الجهود التي قامت بها والمشكلة الثانية هي مشكلة تباين الأسعار واختلاف سعر السلعة من محل لآخر و هذا التباين في الأسعار يجعلني أقول إن الأسباب التي يسوقها التجار لارتفاع الأسعار غير حقيقية، فإذا كان الدولار وارتفاع أسعاره وتذبذبها هو السبب لارتبطت به الأسعار ارتفاعًا و انخفاضًا ولكن ما يحدث هو أن السلع التي ترتفع أسعارها لا تتراجع فلا توجد سلعة استقر سعرها لأيام أو انخفض ونسمع كثيرًا أن الدولار تراجعت أسعاره أو استقرت. وطالب عز الدين الحكومة بفرض سيطرتها على الأسواق وقال أصبح المواطن تحت رحمة التجار تمامًا بسبب هذه السياسة الخاطئة التي تنتهجها الحكومة وتصر عليها وإذا واصلت فيها فإن الغلاء لن يتوقف وربما أدى ذلك إلى انفجار الوضع و خروج المواطنين ضدها.
أسعار الدولار تتحكم
وقال عدد من التجار تحدثوا للصحيفة إن التباين في أسعار السلع الاستهلاكية يأتي بسبب أن أسعار الدولار في السوق الرسمي الذي يعتمد عليه المستوردون و أصحاب المصانع و الشركات غير ثابتة مشيرين إلى أن الأسعار يحكمها سعر الدولار في ظل الاعتماد الكامل في السلع ومدخلات الإنتاج على الاستيراد.
وقال بابكر عبد الخير – تاجر مواد غذائية – قد يكون هنالك تباين في أسعار السلع ولكنه تباين مبرر، فالتجار لا يشترون من محل واحد وغير هذا لكل تاجر ظروفه، هنالك من يدفع إيجارًا عاليًا و نالك من هو معفي من بعض الرسوم، والبعض اشترى منذ فترة طويلة وفي ظل الارتفاع العالمي في أسعار السلع فإن الأسعار لن تكون متساوية في سعرها. و قال بابكر إن التجار تحكمهم ضمائرهم ولا يوجد هنالك من يسعى للربح على حساب المواطن أضف إلى ذلك أن الزيادات الكبيرة في أسعار السلع تؤدي إلى ركود في الأسواق وهذا آخر ما يتمناه التاجر. وأضاف تباين الأسعار من ناحية له إيجابيات فثمن السلعة أحيانًا كثيرة لا يكون متوفرًا للمواطن أوفي متناول يده ويمكنه البحث عن سعر قليل ويمكنه أن يفاضل بين الأسعار. وقال لا يوجد ذلك التباين الذي يمكن أن نصفه بالغريب فهو في السلع الاستهلاكية لا تتعدى نسبته الـ5%.
وقال عبد الواحد إبراهيم – تاجر – التباين في أسعار السلع يحدث تبعًا لتوقيت شراء التجار للسلع و أسعار الدولار عند الشراء ولكنه على كل حال ليس في مصلحة المواطن لأن السوق لا يوجد من يحكمه أو يتحكم فيه فإذا ارتفع سعر سلعة ما فإن سعرها يرتفع في باقي المحلات مما يجعل المواطن في حالة سباق مع السوق. وأوضح عبد الواحد أن التباين يكون جليًا في أسعار السلع المستوردة و المصنعة محليًا بمدخلات إنتاج مستوردة، وذلك لأن الدولار هو الذي يتحكم في الأسعار.
وقال سعد الحاج الطاهر – صاحب بقالة – لا أرى أن هنالك تباينًا في الأسعار وحتى إن وجد فإن الفرق ليس كبيرًا وهو فرق في الغالب يكون بسبب التكاليف على التجار من رسوم و إيجار وغيرها. وأضاف إذا كانت هنالك بقالة تبيع بسعر أقل لا يملك أصحاب البقالات الأخرى القريبة منها إلا أن يرجعوا الأسعار حتى لا ينصرف المستهلك عن الشراء منهم إلا إذا كان التاجر قد اشترى بسعر أعلى من السعر الذي تبيع به تلك البقالة التي يكون فيها السعر منخفضًا.
رأي الخبراء
ويرجع الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا – الدكتور عبدالعظيم المهل التباين والتفاوت في أسعار السلع إلى شراء التجار العملات الأجنبية بأسعار عالية وقال: بعض التجار يشترون العملات من السوق الرسمي والبعض الآخر يشتري من السوق الموازي الذي تكون فيه الأسعار مرتفعة ولا يوجد من يتحكم فيها وبعض التجار لديهم إعفاء من الرسوم الجمركية وهذه الإعفاءات تكون أحيانًا غير شرعية وهنالك من يتهرب من الضرائب و الجمارك لذا تكون سلعته أرخص وبعض التجار لا تنطبق عليه القيمة المضافة والبعض يحكمه الإيجار المرتفع والتكاليف العالية وأحيانًا يكون التفاوت بسبب جشع التجار وطمعهم حيث لا يوجد تحديد لنسبة الربح.
وقال المهل إن التباين في الأسعار يمكن معالجته عن طريق السياسات المالية والنقدية وبالتالي يكون السوق مراقب بطريقة غير مباشرة لكن الإشكال الكبير في الأدوية فتفاوت الأسعار فيها كبير وواضح، وفي تقديري أن التباين ناتج عن اختلاف الشركات من حكومية وخاصة فأسعار الأدوية من الشركات الحكومية أقل منه من الشركات الخاصة؛ وذلك لأن الشركات الحكومية تتحصل على الدولار من السوق الرسمي و هذا ينعكس على أسعارها.
وأشار المهل إلى أن التفاوت والاختلاف و التباين في الأسعار ليس دليل صحة على الاقتصاد السودان إن لم يكن مؤشر خلل، وبسببه يقع ظلم كبير على بعض المواطنين.
الخرطوم: إبراهيم الصغير: صحيفة اخبار اليوم
[/JUSTIFY]