** قرر العالم تبديل قرد من قرود القفص بقرد جديد، جاء به من الغابة.. أول شيء قام به القرد الجديد أنه حاول صعود السلم لالتهام الموز ..ولكن، يا للدهشة، ليس العالم، بل قرود القفص هي التي ضربته وأجبرته على النزول قبل أن يصل تلك الدرجة المعينة.. بعد محاولات وضربات إنزال، فهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم إلى حيث الموز..لا يدري ما السبب؟، فقط عليه ألا يحاول الصعود، حسب رأي ورغبة القرود القدامى.. صرف القرد الجديد النظر عن الصعود والموز، وصار هادئاً مثل بقية القرود..استبدل العالم قرداً آخر من القرود القدامى بقرد جديد آخر جاء به من الغابة أيضاً..وكالعادة، بمجرد دخوله القفص اتجه صوب السلم وحاول الصعود إلى حيث قمة الموز، ولكن حدث له ماحدث للقرد الجديد الأول، إذ تعرض لضرب القرود ليمنعوه من الوصول إلى تلك الدرجة ذات الماء الساخن .. والمدهش أن القرد الجديد الأول – والذي لم يصل إلى تلك الدرجة ولم يرش بالماء الساخن – شارك في ضرب القرد الجديد الثاني ومنعه – مع بقية القرود – من الصعود..كان يضرب ويمنع وهو لايدري لماذا يفعل ذلك ..؟؟
** وهكذا..بدل العالم كل القرود القدامى بقرود جديدة، قرداً تلو القرد ..حتى امتلأت أرجاء القفص بقرود لم ترش بالماء الساخن.. ومع ذلك، ظلت تلك القرود تضرب وتمنع أي قرد يحاول صعود السلم إلى حيث قمة الموز .. وكل القرود لاتعرف لماذا تفعل ذلك؟، أي لماذا تمنع كل قرد جديد من صعود السلم، وهي التي لم تُرش جلودها بالماء الساخن..وكان العالم يستمتع بالمشهد، ويدون هذه الملاحظة..ولو سأل القرود : (لماذا تضرب أي قرد جديد يحاول صعود السلم؟)، فلن يجد من الإجابات إلا التي على شاكلة : ( لا ندري، ولكن وجدنا القرود القدامى تفعل ذلك، وفعلنا)..وهكذا تقريباً حياة الناس..فالبعض يسميها (عادات وتقاليد)..والبعض الآخر يسميها (الرق النفسي)..!!
** لم تنجح علوم الدنيا في انتشال حياة الناس من تلك (العادات والتقاليد)، أو من ذاك (الرق النفسي) .. وكل امرئ لايزال أسير عادة أو فكر أو حزب، بالفطرة وليس بالتفكير.. ولو سألته لماذا تأسرك نفسك وعقلك وروحك في سجن هذه العادة؟، أو لماذا يقيدك هذا الفكر أو الحزب ؟.. لن تجد عنده إلا إجابة تلك القرود : (لا أدري، ولكن وجدنا الأباء والأجداد القدامى يفعلون ذلك)..غباء الإنسان ليس له حدود، هكذا قال إينشتاين، ولقد صدق، ربما يعنى أن يكون المرؤ أسيراً لعادة بلاسبب، أو لفكر بلا تفكير، أو لحزب بلا تدبر..لماذا ورثت تلك القرود عادة ضرب أي قرد جديد يحاول الصعود إلى حيث قمة الموز؟.. ولماذا نحن أسرى لعادات وأفكار وشخوص، أكل عليها الدهر وشرب؟..ليس هناك أي سبب، لقد توقف العالم عن الرش بالماء الساخن .. وعليه، ليس هناك أي سبب غير الخوف من التغيير.. وعليه، ياعزيزي: كلنا قرود ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]