علي الصادق البصير : رفاعة الثانوية بنات

[JUSTIFY]لكل صفقة شجرة بمدرسة رفاعة الثانوية بنات، ولكل متر في بهوها الكبير، ولكل طوبة وطباشيرة وسبورة ودرج، قصة نجاح باهر، ولكل طالبة نجيبة درست في هذا الصرح الشامخ روايات وقصص تحكي عن ملاحم حياة عميقة ورحلة علم شاقة. فالمدرسة لا تكتفي بتقديم الحصص وقرع جرس البيوت فحسب بل قامت المدرسة على فلسفة صياغة شخصية المرأة القيادية والناجحة والفالحة وست البيت والسماحة «الما خمج».

يظهر ذلك كلما جلس وزير التربية الاتحادي في مؤتمره الصحفي الشهير لإعلان نتيجة الشهادة السودانية، فالطالبات هنا لا يبحثن عن النجاح بقدر حرصهن على التفوق وفي مقدمة الصفوف، بينما ظلت المدرسة ولعهود طويلة محتفظة بريادتها ونسبة نجاحها الكلي.

ولعل سر هذا النجاح والتفوق يكمن في منهج قبول المدرسة المتفرد واختيار العناصر المميزة من المعلمين والمعلمات ومن متفوقات المرحلة المتوسطة، ولهذا فإن الدخول لا يكون إلا بمقدار النجاح وإن كانت ابنة المديرة، لذلك تميزت طالبات رفاعة الثانوية بهيبة خاصة ومكانة رفيعة تعبر عنها نظرات الإعجاب عندما يجوب بص العم عبد الرحمن حاج عبيد مدينة رفاعة، وهو بص محرَّم على أنصاف الموهوبات ولا تعتليه إلاَّ من تستحقه.

والمدرسة بهذا المنظور تعتبر مدرسة قومية توازي في ذلك الوقت مدرسة حنتوب الثانوية ومدرسة خور طقت، ولعل عبقرية القائمين على أمر التعليم وقتها فطنت لهذا الأمر وأرادت أن يكون للمرأة شأن في التعليم المميز، فكانت داخليات المدرسة ساحة علم آخر للطالبات لا علاقة له بالمناهج وإنما «على طريقة الحاجة زمزم التوم» فهذه السيدة الفضلى ــ تغمدها الله برحمته ــ كانت طباخة الداخليات الماهرة والمدبرة فقد اكتشفت الأستاذة نفيسة عوض الكريم عبقريتها وصبرها وحسن تدبيرها وإلى إن توفاها الله لم تصدر شكوى بشأن ما تطبخ، فالجميع هنا بناتها.

الأستاذة علوية محمد الحاج مشرفة الداخليات تقول إن داخليات مدرسة رفاعة الثانوية لم تشهد طيلة حياتها أية حادثة غريبة ولا تسيُّب أو غياب أو هروب فالجميع هنا يعيش في وئام وتكافل وتراحم واحترام وأدب جم يحكي عن روعة ذلك الجيل، لذلك نجد خريجات مدرسة رفاعة الثانوية كالنجوم الساطعة في سماء السودان، فمنهن القياديات على مستوى العمل التنفيذي والسياسي والطبيبات الحاذقات والمهندسات البارعات وغيرهن من الناجحات في السلك القضائي والدبلوماسي، ولنا أن نحيي من كانوا على قمة هذا الصرح ونترحم على روح أول مدير وهو الأستاذ المربي أحمد خالد عبد الله وصديقه المربي أحمد محمد مدير المدرسة المتوسطة وقتها، فقد دمجا المدرستين وتقاسما مكتب المدير، والتحية للأستاذة آسيا عبد الوهاب متَّعها الله بالصحة والعافية.

أفق قبل الأخير ترتب محلية شرق الجزيرة للاحتفال باليوبيل الذهبي للمدرسة ونتمنى ألا نتباكى على تاريخها الناصع بقدر المحاولة لإعادة هذه المؤسسة الوطنية لأمجادها التليدة، ولعل الأخ المعتمد وبحكم خبراته التراكمية في التعليم والشأن الطلابي قادر على هذه المهمة. أفق أخير متى نسمع اسم المدرسة في مؤتمر الشهادة السودانية؟

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version