} كتبتُ قبل سنوات عن تقصير كبير بمستشفى الخرطوم التعليمي إبان حقبة إدارة الدكتور “كمال عبد القادر” له، إذ حدث أن تم تجهيز (عدد) من المرضى لإجراء عمليات مسالك بولية، وعندما دقت الساعة (الثالثة) عصراً، فوجئ ذوو أحد المرضى أن المكان خلا تماماً من الأطباء الجراحين، ومساعديهم، وأن ابنهم ما زال بملابس العملية ينتظر السراب!! ذهب الأطباء والممرضون واختصاصيو التخدير إلى بيوتهم، أو إلى مستشفيات (خاصة) أخرى، وظل ذاك المسكين في الانتظار حتى جاء أهله، فوجدوه كما هو.. لا عملية، ولا تخدير، ولا شاش ولا قطن ولا يحزنون!!
} شقيق المريض جاءني مفزوعاً في المكتب يحكي الواقعة بتفاصيلها وبطرفه الأوراق والروشتات و….!!
} كان بإمكان مدير المستشفى الدكتور “كمال عبد القادر” الذي ترقى لاحقاً ليصبح وكيلاً لوزارة الصحة، والمسؤول (التنفيذي) الأول عن الصحة في السودان، كان بإمكانه أن يرسل خطاباً باسم إدارة الإعلام والعلاقات العامة بالمستشفى يكرر فيه المحفوظات التي تعودنا عليها من شاكلة: (الحادثة لم تكن بهذه التفاصيل، والصحيح أن الذي حدث أن المريض تم إخطاره مسبقاً بأن الساعة الثالثة هي موعد نهاية الدوام للجراحين، وأنه إذا تطاول زمن العمليات لدواعٍ طبية إلى الميقات المحدد، فسيترتب على ذلك تأجيل إجراء العمليات وفق قائمة مواعيد جديدة. نرجو من صحيفتكم تحري الدقة والموضوعية، كما تحتفظ الإدارة بحقها القانوني في مقاضاة الصحيفة لإزالة الضرر الذي وقع عليها، ونأمل نشر هذا التوضيح بذات البنط والصفحة التي نشر بها الخبر).
} توضيحات كثيرة على هذا النمط وبهذه اللغة وردت إليّ على مدى (18) عاماً طويلة، منذ أن كنت (محرراً) ثم رئيس قسم، فمدير تحرير، ونائب رئيس تحرير، ورئيس تحرير، ورئيس هيئة تحرير، وننشرها في أغلب الحالات، ليس بالضرورة لأن ما ورد بالتوضيح صحيح مائة بالمائة، فنحن نعلم أنها خطابات لأداء الواجب وحفظ ماء الوجه أمام المسؤولين (الكبار).
} بالأمس لفتت انتباهي ردة فعل مدير شرطة محلية الخرطوم اللواء “ياسر البلال الطيب” على ما ورد في زاويتي بعدد أمس (السبت) تحت عنوان: (ولماذا لا ينتشر السكارى والنهابون؟!) إذ لم يبحث عن (ثغرات) في المقال، ليدبج رداً عبر إدارة الإعلام والمكتب الصحفي للشرطة، يطالبنا فيه بتحري الدقة والموضوعية، وكنا سننشره في كل الأحوال، وهكذا تعودنا، لكنه (فتش) ابتداءً في أداء مرؤوسيه ووجه بالتحقيق العاجل في حادثة (المخمور)، وأرسل رئيس القسم برتبة “مقدم” إلى الصحيفة للمزيد من التحري والاستيثاق، ثم هاتفني مشكوراً مأجوراً مؤكداً أنه (لا) تهاون في مثل هذه الأخطاء.
} كان من اليسير (نفي) الواقعة كلها، لكنه (قائد شرطي) يبحث عن الحقيقة وعن تنفيذ القانون، لا عن صورته وسط قادته، لقد فعل بقوة ما أملاه عليه ضميره المهني، وما تعلمه في كلية الشرطة والقانون، فيا له من قائد، ويا له من (لواء).
} من خلال تصرف ومكالمة اللواء “ياسر البلال”، وما سمعته عنه سابقاً، ولا تربطني به قديم معرفة، أنه نموذج مشرف لرجل الشرطة في السودان.
} التحية للواء شرطة “ياسر البلال الطيب”، لقد شعرت باطمئنان حقيقي وأمل في أن العدالة بخير عقب هذه المراجعة (الحاسمة) من هذا (القائد) لأداء ضابطه، دون محاباة أو تغطية، أو تستر وتلوين، بعد أن استشعرت إحباطاً كبيراً جراء الحادثتين (موضوع زاوية الأمس).
} نرجو ونأمل أن يكون مديرو شرطة بقية المحليات بهذا المستوى والرصانة.
صحيفة المجهر السياسي
[/JUSTIFY]