الرجل الأسمر، شديد الطول، حاسم القرارات، خفيف الظلّ، دينق مدوت أتواي، يمنع الطلاب والطالبات من الصعود بالمصعد بعد أن جعلته الإدارة وقفاً لكبار السن والأساتذة والمعوقين رأفة بالمصعد الذي يعاني من آثار الشيخوخة المبكّرة.. وترى ردود الفعل الضاحكة وردود الهزل لتعرف كم هو رائع هذا السوداني وكم هو محبوب لدى الجميع فهو يمنع الجميع ويتحاور على إقناعهم بعدم الصعود إلا من غافله وصعد.
ودينق من مواليد شمال واراب قبل انفصال الوطن بخمس سنوات جاء إلى الخرطوم قبل ثورة أكتوبر بأشهر. شارك في بناء كوبري حنتوب في أوائل عهد الرئيس الراحل جعفر نميري والتحق بمطار الخرطوم ثم تحول إلى العمل بجامعة القاهرة في العام 1982م ومكث فيها بعد أن تمت سودنتها في 1993م وهو متزوج وأب لأربع بنات وثلاثة أولاد.
بعد الانفصال الأخير فقد دينق وظيفته ووطنه الواحد وافتقد المصعد العتيق حالة الانضباط والاستمرارية وافتقدت كل أسرة الكلية من عاملين وأساتذة والطلاب تلكم الصورة اليومية من (الشكل) الحميم بينه وبين بناته وأبنائه الطلاب. حتى عاد على سبيل المشاهرة وعادت للجميع البسمة.
عندما يحتدم النقاش الودود بين الطلاب ودينق بسبب الصد والرغبة في الصعود في كل يوم يسأله بعضهم بخبث (أنت ما مشيت بلدك ليه؟) فيرد عليهم بإجابة أشد مكرا (دي بلدي) ويزيد (وأنا مؤتمر وطني). يقولها ولم يحدث قط أن أفسدت الاختلافات بينهم للود قضية
الخرطوم – أحمد عمر خوجلي: صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]