الكاتب الصحفي الكبير عثمان ميرغني في عموده المقروء «حديث المدينة» بالزميلة «اليوم التالي» تحدث عن الآثار السالبة التي تُحدثها النكتة القبلية فى الرابطة الاجتماعية الإنسانية بسبب التصنيف القبلي بوصف بعض القبائل بصفات معينة، وطالب وسائل الإعلام بالانتباه إلى خطورة هذه النكات وأثرها على تماسك المجتمع.. «الملف الاجتماعي» استطلع بعض العينات وختمها برأي علم الاجتماع والنفس وخرج بالآتي:
النكتة القبلية مستفزة
أب ذر صديق الشوحي «معلم»
ابتدر حديثه وقال إن النكتة القبلية بقدر ما تكون مضحكة فهي مستفزة لأن بها شتائم لبعض القبائل وتؤدي إلى التفرقة العنصرية، وديننا الحنيف نهى عن ذلك بالرغم من تعدد اللغات والقبائل كلنا ننتمي إلى السودان لذلك لا بد من التقليل من استخدام النكات القبلية لأن بعض الأفراد حسب تركيبتهم النفسية يعتبرونها من باب تقليل وإنقاص وزنهم الاجتماعي وعلى الفرق الكوميدية ألّا تسترزق بذلك وتبتعد عن هذا النوع من النكتة
تؤثر على السلوك
ياسر جاد المولى «طبيب» قال إن النكتة تنقسم إلى نكتة عبرة ونكتة فكاهية ونكتة اتهاض وقد درجت القبائل أن تقول النكتة مع بعضها البعض ولكنها أثارت النعرات القبلية على مدى التاريخ، وقد شاهدنا من المحدثين أن هذه النكات أدت إلى حروب طاحنة بين القبائل وخاصة في المنطقة العربية.. وفي السودان يتسم الشعب السوداني بالتسامح ولكن قد يأخذها البعض على مضض أو عدم قبول وبالتالي قد تؤثر هذه النكات بالفعل على اداء وسلوك بعض الأفراد أو القبائل وقد ظهر في الآونة الأخيرة «أهل النكتة» وسببت مشكلات بين الأفراد لأنها لا تصلح الا في مجتمع متعارف فيما بينه.
الإعلام المرئي ساهم فيها
صباح السر «موظفة» ابتدت حديثها وقالت إن النكات القبلية تعمل على تهتك النسيج الاجتماعي بسبب التصنيف القبلي الذي يحكى من خلالها والتقليل من بعض القبائل بذكر بعض الصفات السالبة فيها مما يعطي بعض الأفراد الشعور بالدونية والإحساس بعدم احترام المجتمع لهم، ولكن إذا وُظِّفت هذه النكات بطريقة جيدة بعيدًا عن النعرات القبلية فيمكن أن تساهم في إدخال الابتسامة والضحكة في النفوس وتضيف صباح السر: لوسائل الإعلام دور في انتشار مثل هذه النكات ولا نلقي اللوم على الفرق الكوميدية وحدها، فعلى وسائل الإعلام المرئية ألا تقوم بعرض هذا النوع من النكات، وكذلك على المجتمع والفرق الكوميدية أن تساهم في ذلك بالبعد عن النعرات القبلية والتفاخر بالأنساب.
ولمعرفة رأي علم الاجتماع حول الآثار الاجتماعية التي يمكن أن تُحدثها النكات الساخرة أفادتنا أستاذة علم الاجتماع
سلافة بسطاوي بقولها: تولد روح القبلية والحقد
قالت إن النكات القبلية المفهوم منها نقل ثقافة القبائل الأخرى، أما إذا تم استخدامها للسخرية فهذا غير مقبول، وكذلك إذا كانت بابًا للزرق لبعض الناس لأنها تولد القبلية والحقد والصراع في النفوس بسبب التباين الثقافي والقبلي خاصة إذا كانت هناك عبارة متداولة أخذت بمفهوم عدم السلوك الحضاري، وتضيف الأستاذة سلافة أنه لا بد أن يكون استخدمها بموازنة واضحة تدعم القيم الإيجابية وللأسف تخرج بها بعض الفرق الكوميدية خارج السودان مما يعكس ثقافة مغلوطة عن بعض القبائل في السودان.
وللطب النفسي رأي حول الموضوع فكان لنا اتصال بالدكتور علي بلدو «طبيب الأمراض النفسية واستشاري العلاج النفسي وعلم النفس .
ثؤثر سلبًا على الصحة النفسية
قال إن النكتة أيًا كانت هي تعبير عن مجتمع معين في مدى زمني معين داخل رقعة جغرافية متعارف عليها وإن هذه النكتة تمثل أيضًا مرآة للواقع النفسي والاجتماعي والديمغرافي، ويواصل بروف علي بلدو مشيرًا إلى أن النكتة ذات المضامين القبلية هي واحدة من وسائل الحيل النفسية للتعبير عن ما يجيش تجاه قبيلة معينة أو اثنية بعينها، وبالتالي الهروب من أي محاسبة قانونية أو مجتمعية إذا ما تم ذلك التعبير بصورة مباشرة أو واضحة ثم إن النكتة القبلية من عادات أو تقاليد أو اتجاه سلوكي معين أو نزعات نفسية مميزة وبالتالي تساهم في خلق أفكار معممة وقناعات جماعية تدعم العديد من الحواجز النفسية والموجهات والمحددات في التعامل مع الأفراد من هذه الاثنية مستقبلاً، ويمضي بروف بلدو في حديثه ويؤكد أن مثل هذه النكات تمثل تفريغًا نفسيًا وأيضًا تفشيًا في مجموعات بعينها، وتلعب دورًا في إيصال رسائل سالبة أحيانًا وتلعب دورًا هامًا في خلخلة النسيج المجتمعي، وإحداث حراك اجتماعي وتجعل بعض الشخصيات الغاضبة تخرج عن طورها وتؤدي إلى اشتباكات لفظية وبدنية أو انتقال الإساءة وهذا بدوره يؤدي إلى العدوانية والغضب وروح الانتقام والحقد وكل هذا يؤثر سلبًا على الصحة النفسية.
صحيفة الإنتباهة
أفراح تاج الختم