** وهكذا تقريباً لسان حال الوفد الذي أرسلته الحكومة إلى أديس ليفاوض قطاع الشمال وليبحث عن السلام ويأتي به إلى الخرطوم..لقد ذهب الوفد ثم بحث عن السلام في دهاليز قطاع الشمال، وعندما أصابه الرهق والعجز، عاد إلى الخرطوم لا ليعترف بعجزه، بل ليقول : ( لن نتفاوض مع قطاع الشمال ، لأنه السبب في انهيار السلام)، أي لسان حال الوفد، كما لسان حال ذاك الطاشي شبكة، (بالله انتو كنتو عايزيني أفاوض ليكم وإجيكم بقطاع الشمال؟، علي الطلاق لقيتو ستاشر مرة).. نعم، تصريحات كمال عبيد، أول البارحة بالإذاعة، مدهشة للغاية، ونقتبس منها على سبيل المثال ما يلي : (الأمين العام لقطاع الشمال – رئيس الوفد المفاوض – غير مرحب به في جولات التفاوض)، فلنتأمل هذه البساطة المراد تمريرها على عقولنا.. وهنا نسأل بكل براءة : الأمين العام غير مرحب به – في جولات التفاوض – من قبل من؟..بالتأكيد غير مرحب به من قبل وفد الحكومة، إذ ليس للوسطاء حق الترحيب أو الرفض.. وعليه يصبح السؤال : هل لوفد الحكومة حق اختيار رئيس وأعضاء وفد قطاع الشمال المفاوض، بحيث لا يرحب بعرمان ويرحب بعقار، مثلاً ؟.. ربما، إذ كل شيء في نهج كمال عبيد (جايز وممكن)، ولذلك نقترح – لسيادته – بأن يصدر قراراً بتشكيل رئيس وأعضاء الوفد المفاوض لقطاع الشمال، ثم يذهب ويفاوض الذين (عينهم قراره)، ثم يأتي بهم مكرهين..وبهذا يستحق كمال بأن يتوج (ملكاً)، وليس رئيساً للوفد الحكومي ..لم لا، وهو الذي يلزم قطاع الشمال بالمرحب به ليبعد غير المرحب به ..؟؟
** ذاك شيء، والشيء الآخر، هو ما يلي نصاً، وهو حديث – لوتعلمون – خطير للغاية : ( لن نتفاوض مع قطاع الشمال، إنما مع أبناء الولايتين الذين يرغبون في حل القضية حلاً نهائياً)، هكذا يواصل كمال عبيد في غرس بذور العنصرية في جسد (ماتبقى من الوطن)..القضية التي يجب حلها حلاً نهائياً طرفها قطاع الشمال، وليس النوبة والإنقسنا والفونج والمابان وغيرها من القبائل التي يسميها كمال عبيد بـ(أبناء المنطقتين)..البلد لم تحصد من منطق فرق تسد – في السنوات الفائتة – إلا التمزق، ولن تجني من هذا المنطق – في حال التواصل – إلا المزيد من ذات التمزق، فلينتبه كمال عبيد و( أقلام الانتباهة الغافلة).. فالذين يحملون السلاح بجنوب كردفان والنيل الأزرق لايمثلون قبيلة ولامنطقة ولاجهة ولاعنصر، ولكنهم يمثلون ( الحركة الشعبية قطاع الشمال)، والتفاوض يجب أن يكون سياسياً مع هذه الحركة، بدلاً من أن يكون إثنياً أو عرقياً مع من يسميهم بـ (أبناء المنطقتين)..أحدهم كتب بالانتباهة نصاً ساذجاً فحواه (ياسر عرمان لايمثل المنطقتين)، إنها ذات طرائق التفكير التي فصلت الجنوب، وأربكت نسيجنا الاجتماعي الذي كان متماسكاً، ولو تأنى هذا الكاتب الساذج قليلاً لسأل نفسه : فهل كمال عبيد يمثل المنطقتين (عرقياً وقبلياً) ..؟؟
** وبالمناسبة، لقد استحسنت تساؤل الأخ يوسف عبد المنان بالمجهرالسياسي ، إذ سأل كمال عبيد بمنتهى الوضوح : ( إذا أبعدت الحركة الشعبية من وفدها المفاوض ياسرعرمان ووليد حامد، وجاءت بمالك عقار وعبد العزيز، فهل يتنازل كمال عبيد عن رئاسة الوفد الحكومي لمركزو كوكو وحسين حمدي؟) ..ثم واصل يوسف حائراً أمام منطق كمال عبيد : ( من يصغي إليك وأنت تتحدث عن عرمان بأنه لايمثل النوبة، تنتابه الشكوك بأن كمال عبيد من طروجي أو قردود أو ردمي ).. شكراً للأخ يوسف على عمق التناول والطرح، وليتهم يفهمون مقصدك، وهذه هي قيمة أن تكون سودانياً في التفكير، حتى ولو تباينت الأفكار السياسية والانتماءات الحزبية.. وعلى كل حال، فلتجر الحكومة تغييراً جذرياً في وفدها المفاوض، بحيث يكون رئيس الوفد سودانياً في التفكير، وليس مهماً أن يخطئ أو يصيب، وكذلك ليس مهماً أن يأتي بالسلام أو لا، فالمهم جداً هو أن يكون ( سودانياً في التفكير) .. أي لاتفكر له (أقلام الانتباهة) ..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]