وقال كمبال في حوار مع (أخبار اليوم) إن السياسات الحكومية تجاه الصمغ العربي كانت خاطئة ما أدى إلى سيطرة السماسرة والمهربين على هذه السلعة الإستراتيجية، وكشف عن لقاء بين وزير المالية الجديد بدرالدين محمود واتحاد مزارعي السودان ناقش بشفافية الوضع الزراعي بالبلاد مشيراً إلى أن الوزير أعلن في الاجتماع أن الدولة ستخرج نهائياً من إدارة الإنتاج الزراعي وستتركه للقطاع الخاص. فإلى تفاصيل الحوار.
ماهي نظرتك للموسم الزراعي لعامي 2013- 2014م؟
الموسم الزراعي في العام السابق كانت فيه كثير من السلبيات، خاصة الموسم المطري صادفته عدة عوامل أثرت في الموسم الزراعي بصورة سالبة وأهم هذه العوامل تذبذب الأمطار الذي حدث في الموسم الزراعي الماضي وأثر سلباً على المحاصيل ونسبتها.
واستطرد قائلاً: الموسم السابق كان التحضير له دون الوسط وأثر على أداء المزارعين خاصة في القطاع المروي وهنالك عدة مشكلات صاحبت الموسم الزراعي خصوصاً مشروع الجزيرة، وكل هذه القضايا والمشكلات سببها السياسات التي كانت تتبعها الحكومة تجاه الزراعة في السودان، وأسهب شارحاً هذه النقطة (الحكومة كانت تقوم باستيراد مدخلات الإنتاج وإدارة النشاط الزراعي وهذا أمر شاذ، وكان الأفضل أن تتاح الفرصة للقطاع الخاص ليؤدي هذا الدور. أما في الموسم الزراعي للعام الماضي 2013م كان فيه إنتاج السمسم ضعيفاً أقل من العام 2012م، وإنتاج الذرة الآن كل بوادره ومؤشراته تشير إلى أنه ليس بالكمية التي يتطلع إليها الناس. وهذا يقودنا بالتالي لإيجاد إجابة للارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار السمسم والذرة، وهذا من المؤشرات السالبة في الموسم الماضي.
ماذا عن هذا الموسم؟
الموسم الحالي المزارعون الآن دخلوا في الموسم الشتوي ومن أهم القضايا التي واجهت الموسم الزراعي قضية التقاوى بمشروع الجزيرة، وهي من المشكلات التي أدت إلى تقليل المساحات المزروعة بشكل كبير خاصة في مشروع الجزيرة حيث قلت نصف المساحات بالمشروع الذي كان تستهدف فيه زراعة 300 ألف فدان الآن المساحات التي تمت زراعتها لا تتجاوز الـ120 ألف فدان وهذا تراجع كبير لمشروع قومي وعملاق مثل مشروع الجزيرة وهذا التردي كما قلت سببه السياسات الحكومية باستيراد التقاوى وتخزينها بطريقة أثرت سلباً عليها وأدت إلى خلق الضجة الكبيرة التي صاحبت هذا المشروع.
وفي ترتيب الموسم الشتوي هنالك تأسيس جيد بالنسبة للمحاصيل الأخرى والقمح في بعض الولايات خاصة ولاية نهر النيل والولاية والولايات الأخرى التي اشتهرت بزراعة القمح.
وبقية الولايات بدأ فيها التأسيس للموسم بصورة جيدة وكذلك المحاصيل الأخرى البطاطس والتوابل وغيرها من المحصولات الشتوية.
والمؤشرات تؤكد أن البلاد ستشهد موسماً شتوياً ممتازاً، خاصة أن موجة الصقيع والبرد التي كانت في الأسبوع قبل الماضي ساهمت في التأسيس للمحاصيل بصورة جيدة.
موازنة العام 2014م أفردت ميزانية خاصة للزراعة ما هو تعليقك؟
في تقديري أن موزانة العام 2014م واحدة من الميزانيات الجزئية والقوية التي صادفت سياسة التغير الكلي الذي حدث في الحكومة بصورة جذرية.
وهذا الواقع الجديد جاء بوجوه جديدة وبسياسات جديدة، ونحن جلسنا مع الأخ وزير المالية والمطلعين على الأمر في الشأن الزراعي بصورة عامة وقمنا بمناقشة الموازنة.
وفي تقيرنا أن الموزانة طموحة وبها إشراقات واعتماد أساسي على الزراعة التي هي العمود الفقري للاقتصاد في المرحلة المقبلة.
وزارة المالية تستهدف هذا الأمر بصورة جادة لمسنا هذه الجدية من خلال السياسات التي طرحتها وزارة المالية للزراعة في المرحلة المقبلة، ومن أهم الأشياء التي قالها وزير المالية الاتحادي أن الحكومة ستخرج تماماً من إدارة الإنتاج بشكل مباشر، ولن تستورد بعد اليوم أي مدخلات إنتاج وتترك مدخلات الإنتاج للقطاع الخاص وهذا التحول هو ما نريده وظللنا ننادى به منذ فترة طويلة، وفي هذا المقام نشكر الأخ وزير المالية الاتحادي بدرالدين محمود لاستجابته السريعة في تغيير السياسات الكلية بالنسبة لوزارة الزراعة ووزارة المالية تجاه القطاع الزراعي بصورة كلية، وهذا التغيير كفيل بأن يحدث حراكاً حقيقياً للزراعة في المرحلة المقبلة بشكل أفضل من السابق.
الحرب في الجنوب ما هي تأثيراتها على الزراعة بالسودان؟
دولة الجنوب من الدول التي لها حدود طويلة مع السودان في شريط حدودي يصل إلى أكثر من 2000 كليو متر وهذه أطول حدود للسودان مع دول الجوار، وقطعاً السودان سيتأثر من الحرب في الجنوب ومن التداعيات الأمنية انعكاس الحرب سيكون له أثر مباشر في الحدود الممتدة التي لا يوجد بها فواصل طبيعية بين الشمال والجنوب خاصة في شهور الصيف حيث تكون الحركة منسابة في حدود البلدين ولايمكن السيطرة عليها في حدود جميع الولايات الأخرى وهذا يلقي بأعباء إضافية حيث يتوقع تدفق لاجئين من الحرب الدائرة.
وإيقاف ضخ البترول الذي يشكل نسبة كبيرة في موزانة العام 2014م وكل ذلك يؤكد أن أي تدهور في دولة الجنوب سينعكس على الأوضاع الاقتصادية في الشمال بصورة كلية وهذا يقود إلى جملة من الإشكالات التي لم يكن هنالك تحسب لها في الموازنة الجديدة ونحن ندعو دائماً لإيقاف الحرب في الجنوب وعودة الأمور إلى طبيعتها حتى لا تتحمل أعباء الحرب.
وإذا استمرت الحرب فإن كل سكان الولايات الجنوبية في الحدود سيفرون من جحيم الحرب إلى السودان الشمالي وسيؤدي ذلك إلى شح المواد الغذائية و إلى اضطربات أمنية عنيفة في المرحلة القادمة سيكون تأثيرها كبيراً.
أين وصلت لجان التعويض للمزارعين الذين تضرروا من التقاوى الفاسدة؟
حتى الآن لا توجد رؤية واضحة بالنسبة لتعويض المزراعين الذين تضرروا من التقاوي الفاسدة سواء أكانت تقاوى زهرة الشمس أو تقاوى القمح.
وقال لم تعترف جهة بفساد هذه التقاوى وبالتالي أصبح الأمر معلقاً.
وأنا اعتبر أن عدد المزارعين المتضررين ليس كبيراً لأن المسألة اكتشفت مبكراً قبل أن توزع التقاوى على كل المزارعين.
كم تبلغ التقديرات؟
المساحة المزروعة التي تم اكتشاف التقاوي الفاسدة بها وبدأت منها الضجة أقل من 200 ألف فدان وفي تقديرنا أن هذه المساحة مقارنة بالخسائر التي لحقت بالمزراعين لم تكن كبيرة وبالتالي هذه المسألة يمكن تداركها على الإطار الشخصي بين البنك ووزارة الزراعة والمزارعين المنتجين.
ماهو دور اتحاد المزراعين في حل هذه الإشكالية؟
نحن كاتحاد بدأنا في التصدي لقصة التقاوى الفاسدة عبر وسائل الإعلام وبعد ذلك تفجرت القضية وأصبحت مسألة تخص الدولة وقضية رأي عام وتمت مناقشة القضية على كافة ومختلف الأصعدة.
والآن الأمر تحت السيطرة ولا توجد تداعيات جديدة بعد الحملة الإعلامية وإرسال الحكومة إلى لجان للتحقيق في مسألة التقاوى الفاسدة وتم رفع التقارير.
ماذا عن الصمغ العربي؟
هي قضية خطيرة ومهملة طوال الفترة السابقة.
والآن الصمغ العربي في مواسم إنتاجه والمشكلة الرئيسة التي تواجهه عدم توافر العملة لشراء المحصول.
الآن محصول الصمغ العربي كمية إنتاجه كبيرة، والمشكلة أن ليس هنالك برمجة أو رؤية من الدولة واضحة بخصوص تنظيم إنتاج الصمغ العربي بعد رفع الامتياز عن شركة الصمغ العربي.
مجلس الصمغ العربي ليس له أي دور في الخرطوم ويفتقد للرؤية التسويقية الواضحة لعدم وجود جسم يقوم بتنسيق تصدير الصمغ وتكون له قوة في احتواء إنتاج المحصول الكبير وهو أمر غير موجود الآن وذلك أدى إلى إفراز واقع جيد في الصمغ العربي.
والآن المحصول وإنتاجه الجديد ترك للمنافسة الداخلية وهي أصلاً الكتلة النقدية فيها تكاد تكون معدومة والمحصول ومناطق إنتاجه في أطراف ولايات السودان والولايات الطرفية والريف. ومنتجو الصمغ العربي من أضعف الكوادر والشرائح الموجودة في المجتمع وهم فقراء.
وبالتالي تٌرك (الحبل على القارب) ولا توجد أي جهة محددة لتقوم بالتنسيق أو ضخ السيولة لشراء هذا المحصول.
هذا الأمر أدى إلى انعكاسات سالبة وكبيرة على محصول الصمغ العربي.
وأدق جرس الإنذار فالمزارعون الآن بجنوب في (اللقطة الأولى) انخفض سعر الصمغ العربي محلياً رغم ارتفاعه في السوق العالمية، والغريب أن أسواق المحاصيل الأخرى تصاعدت بصورة كبيرة جداً في بداية الحصاد خاصة السمسم وأصبح المستفيد الأول هو المزارع؛ ولكن الوضع الحالي للصمغ العربي إذا استمر فإن هذه السلعة ستتسرب إلى أيادي السماسرة وأيادي الوسطاء ويكون المستفيد هو الوسيط وليس المزارع وهو المنتج.
ويمكن تهريبه للخارج إذا استمر هذا الوضع الشاذ الذي يتطلب معالجة عاجلة من قبل الدولة وتدخل سريع من قبل بنك السودان بعمل محطة من البنوك بفتح سيولة كبيرة للتجار والمصدرين وأصحاب المصانع التي تقوم بتصنيع الصمغ العربي حتى تقدر على معالجة هذا الوضع.
وأحذر إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن أسعار الصمغ ستتراجع بشكل مخيف.
كلمة أخيرة؟
أشكر صحيفة أخبار اليوم وعبرها أطلق بشريات للمزارعين بأن العروة الشتوية الحالية ستكون من أنجح المواسم الزراعية.
حوار: عبدالرازق الحارث إبراهيم: صحيفة اخبار اليوم
[/JUSTIFY]