حين تعجز المعارضة تشترط !

[JUSTIFY]قالت القوى السياسية المعارضة فى السودان إنها تشترط مسبقاً قبل أن تدخل فى أي حوار مع الحكومة السودانية إيقاف الحرب وتهيئة المناخ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

وبدا واضحاً أن القوى السياسية المعارضة فى السودان إما أنها لم تستوعب بعد المتغيرات الهائلة والنقلة الكبيرة التى قام بها الوطني ونقلات أخرى وعد بها من المزمع أن يقوم بها؛ أو أنها ما تزال فى حالة صدمة سياسية لم تفق منها وأطلقت العنان للسانها السياسي لكي يهذي كيفما شاء تحت وطأة الصدمة.

ذلك أن المتغيرات التى دفع بجزء منها الوطني ويجري الدفع بجزء آخر منها تباعاً ما بين سلطة حكومية قوية ممثلة في المؤتمر الوطني وشركائه من بقية الأحزاب السياسية، وما بين معارضة سياسية ومسلحة عجزت تماماً عن أن تخترق جدار السلطة الحكومية السميك واستنفذت كافة قدراتها وخياراتها السياسية السلمية والعسكرية.

وإذا أردنا الإنصاف فإن الوطني -بلا مبالغة- بدا مشفقاً على القوى المعارضة جراء عجزها المتتالي فبدأ في (فتح منافذ) ومعابر آمنة عسي ولعل أن تستفيد منها. ولهذا فإنه وعلى الرغم من أن الحوار المرتجى فى العادة لا تسبقه شروط مهما بدأ للبعض أنها ضرورية وهامة فإنه وعلى فرض قبول شروط قوى المعارضة فهي شروط ليست موضوعية ولا جادة، ذلك أن الحديث عن تهيئة المناخ هو بلا شك حديث فضفاض وحمال أوجه، وكان يمكن أن يكون كافياً أن الوطني على الأقل بدأ في إنفاذ خطة الإصلاح شاملة واضحة المعالم، تغيير فى الأشخاص، وتغيير فى السياسات الغرض منها إيجاد مناخ أفضل لإدارة الدولة وإحلال السلام وبناء الاقتصاد.

ومن الغريب أن ساسة تجاوزت أعمارهم عشرات السنين لم يستوعبوا هذه المتغيرات الجديدة. كما ليس من الحصافة فى شيء في ممارسة العمل السياسي أن يبحث السياسي عن (كل أمنياته الوردية) وينتظر أن تتحقق هكذا جملة واحدة.
هنالك دائماً منافذ صغيرة تكفي لكي تتحول فى المستقبل بشيء من المثابرة والصبر الى نوافذ وأبواب كبيرة، وإذا كانت المعارضة السودانية تمتلك قدر كافي من المهارة والذكاء، فإن اقترابها من الوطني فى مثل هذه الظروف ومبادلته الثقة من شأنها أن تشجعه أكثر لانتهاج نهج سياسي أكثر ملائمة تصب فى صالح كافة الأطراف.

الأمر الآخر أن إيقاف الحرب من المؤكد ليس فى يد الوطني، فهناك طرف آخر هو الأكثر تعنتاً وإصراراً وليس من المنصف مطالبة الطرف (المجني عليه) بوقف الاعتداء الواقع عليه من الجاني والأنكى من كل ذلك أن ذات هذه القوى المعارضة التى تطالب بوقف الحرب -لمفارقات القدر سخرياته- هي التى تذكي أوارها على الجانب الآخر بالعلاقة المريبة والمشبوهة التى تربط قوى المعارضة هذه بحملة السلاح في ما يسمى بالجبهة الثورية.

والأكثر غرابة أن هذه القوى المعارضة تملك (صلة وثيقة) بالجبهة الثورية مع علمها أن الأخيرة هدفها الأساسي هو إسقاط الحكومة عن طريق القوة. وعلى ذلك فإن دعوة المعارضة لتهيئة المناخ يمكن اعتبارها دعوة باطل أريد بها باطل!

سودان سفاري

[/JUSTIFY]
Exit mobile version