حكومة الظل بالسودان.. رسالة أم احتيال

أثار إعلان شباب سودانيين تشكيل حكومة ظل من الكفاءات والشباب، بهدف الضغط على السلطة الحالية الممثلة في حزب المؤتمر بقيادة الرئيس عمر البشير (69 عاما) لتلبية طموحات الشعب، جدلاً واسعا في بلادهم.
فبينما يعتقد البعض بأن تصريف أعمال حكومة الظل ستكون عسيرة، وغير ممكنة، وأنها مجرد هروب، ويتهم الحزب الحاكم في السودان مؤسسييها بـالاحتيال على السودانيين، وتكوين حكومة دون تفويض شعبي، فإن مراقبين يعتبرون تشكيل حكومة كفاءات من الشباب رسالة لقيادات الحكومة والمعارضة معا، مفادها أن الشباب قادر على قيادة الدولة حال ذهاب حكومة البشير.
وقاد البشير انقلابا عسكريا على حكومة الصادق المهدي حينذاك، وتولى البشير منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو/ حزيران 1989، وجمع بين منصبي رئيس الحكومة، ورئيس الدولة، وفي 26 أبريل/ نيسان 2010 أعيد انتخابه رئيسًا في أول انتخابات تعددية منذ استلامه للسلطة.
وأعلن الشباب الذي وصف نفسه بأنه لا ينتمي لأي أحزاب أو قوى سياسية حالياً، في مؤتمر صحفي بالخرطوم الثلاثاء 24 ديسمبر/ كانون الأول الجاري عن تشكيل حكومة ظل من الكفاءات والشباب، بهدف الضغط على السلطة الحاكمة الحالية لتلبية طموحات الشعب.
وائل عمر عابدين الذي يشغل منصب وزير الاستثمار في حكومة الظل ومنسق اللجنة التحضيرية، والمتحدث باسمها، قال خلال المؤتمر الصحفي، حكومة الظل أداة من أدوات الضغط على السلطة الحاكمة، تم بالفعل اختيار 7 وزراء، بالإضافة إلى والي الخرطوم (العاصمة)، والمشاورات تتوالى لتعيين رئيس الحكومة، ووزراء آخرين.
ربيع عبد العاطي، عضو المكتب القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان (أعلى هيئة تنفيذية)، قلل من الخطوة واعتبرها مجرد فرقعة إعلامية، واتهم مؤسسي حكومة الظل بممارسة الاحتيال على السودانيين وتكوين حكومة دون تفويض شعبي.
وفي حديثه لوكالة الأناضول تساءل عبد العاطي من الذي أعطاهم (في إشارة لمؤسسي حكومة الظل) الحق في ذلك؟ مشيرا إلى أن تشكيل الحكومة يأتي عبر صناديق الاقتراع، وليس اجتماع لناشطيين سياسيين معارضيين من أجل الاحتيال على ممتلكات السودانيين الشرعية في إشارة الى حكومة عمر البشير- على حد قوله.
واستبعد عبد العاطي أن يعترف الحزب الحاكم بـحكومة الظل، قائلا: إذا كانوا يريدون الوصول إلى السلطة الحاكمة فعليهم بالاتجاه إلى صنادق الاقتراع″.
آراء الشباب والنشطاء تباينت حول فكرة إعلان تشكيل حكومة الظل، وبينما أيدها البعض، تحفظ عليها آخرون، واعتبروها تشتيتا لـ جهد الشباب، وتعويقا لإسقاط حكومة البشير.
الناشط السياسي عمر الحاوي من المؤيدين لـحكومة الظل قال للأناضول، فكرة حكومة الظل ليست عبثا، وإنما فعل ثوري جاد ومسؤول، وأدعو كافة الشباب لدعم الحكومة الجديدة، لتخطى كل تلك الأهرامات والزعامات العتيقة (في إشارة إلى زعماء الأحزاب السودانية الموجودة على الساحة ويبلغ عددها نحو 17 حزبا).
ناشطون شباب يعيبون على قيادة الأحزاب السياسية الحالية تمسكهم بالمناصب لأكثر من أربعين عاما مثل الصادق المهدي (78 عاما)، رئيس حزب الأمة القومي المعارض، ومحمد عثمان الميرغتي رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل (78عاما)، وحسن الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي المعارض (81 عاما)، بالاضافة الى الرئيس السوداني عمر البشير (69 عاما) والذي يحكم السودان منذ عام 1989.
وشمل تعيين حكومة الظل التي أعلنت أمس الأول الثلاثاء، 8 أشخاص وصفوا أنفسهم بـالمستقلين وهم:
نعمات أبوبكر محمد، حاصلة على ماجستير التنوع والحوكمة من جامعة الأحفاد السودانية (وزيرة الرعاية الاجتماعية).
أنور فتح الرحمن دفع الله، درس هندسة الحاسوب بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بالجامعة السودانية، وحاز على الدكتوارة في علوم الحاسوب من جامعة تشونغ بوك الوطنية في جامعة كوريا الجنوبية (وزيرا للتربية والتعليم)
هاني أبوالقاسم محمد الحائز على زمالة الكلية البريطانية لأطباء الباطنية (وزارة الصحة)
عمار عثمان بشير، وهو حصل على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة هاليفاكس الأمريكية (وزيرا للخدمة العامة والاصلاح الاداري)
نغم حسن حواشي، درست العلوم الأسرية بجامعة الأحفاد، وحاصلة على ماجستير في الصحة العامة من ذات الجامعة (وزيرة للشباب).
محمد عروة عبد الحفيظ، وهو أستاذ بجامعة السودان (وزارة السلام)
وائل عمر عابدين، حاصل على ماجستير القانون الدولي من جامعة مانشيستر البريطانية (وزيرا للاستثمار).
معز عبد الوهاب الشيخ الذي درس بكالوريوس الانتاج الحيواني بجامعة الخرطوم (والي الخرطوم).
وأرجأت اللجنة التحضيرية لـحكومة الظل تعيين وزراء المالية، والزراعة، والعدل، ورئيس الحكومة، وولاة للأقاليم لإجراء مزيد من المشاورات.
أبوبكر عثمان القيادي الشاب بـالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، اعتبر تشكيل حكومة ظل معوقا لعملية إسقاط حكومة البشير، وتشتيتا لجهد الشباب.
ومضى قائلاً: كان يجب توفير هذا الجهد في الدعوة والعمل لإسقاط النظام بالتظاهرات، والمسيرات، ولكن إعلان ما يسمى بـحكومة الظل يعطل كل هذه الجهود، وهي خطوة تفرح الحكومة بدليل السماح لـحكومة الظل بإقامة المؤتمر الصحفي.
عبدالله المحجوب المحلل السياسي بات على قناعة بأن القيادات التى ستتمكن من الإطاحة بنظام البشير لابد من أن تكون شابة، وتولد من رحم معاناة الواقع المر والأليم الذى صنعته سياسات هذا النظام التى أفقرتهم وأذلتهم، وأهدرت كرامتهم، على حد قوله.
وتوقع المحجوب أن تشل حكومة الظل حكومة البشير وتضعف قدراتها وتنهك قواها، إلى أن تطيح به أي البشير- بصورة حاسمة ونهائية.
واندلعت بالسودان في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي أقوى احتجاجات شعبية منذ وصول البشير إلى السلطة في 1989، بسبب خطة حكومية شملت رفع الدعم عن الوقود، ما ترتب عليه زيادة في الأسعار تتراوح ما بين 65 95 % وخفض قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار بنسبة 30 %.
وخلفت الاحتجاجات، التي استمرت نحو أسبوعين، 70 قتيلا بحسب الإحصائيات الرسمية، و200 قتيل بحسب إحصائية منظمة العفو الدولية، وهو رقم قريب من الذي أورده تحالف المعارضة، الذي اتهم الأجهزة الأمنية بإطلاق الرصاص الحي على المحتجين، بينما تنفي السلطات اتهام المعارضة، وتلقي باللائمة على عناصر تابعة لحركات متمردة قالت إنها اندست وسط المحتجين
الخرطوم ـ نبيل سليم:رأي اليوم
(الاناضول)
Exit mobile version