** المهم، كان ذاك توجيهاً سارياً في المطارات والموانئ، بحيث الكل كان متهماً بتوريد الصور والأفلام الفاضحة حتى يثبتوا براءتهم بتفتيش (لابتوباتهم)، وبعثرة ملفاتها..وليس بعيداً عن هذا النهج التجريمي، لايزال تبرير شرطة المرور في مكافحة تظليل السيارات هو (في جرائم بتحصل جوة العربات المظللة)، أي كل من يمتطي عربة مظللة – ما لم يكن قيادياً بالدولة أو دبلوماسياً بسفارة – يظل متهماً بارتكاب إحدى الجرائم حتى يمتثل لأمر إزالة التظليل..النهج التجريمي لايليق بمؤسسات الدولة، وكذلك نهج (كل الشعب متهم – بتهمة ما – حتى يثبتوا براءتهم منها)، ليس من أركان العدالة.. فالعدالة تتجاوز البرئ وتضع حتى المتهم – بتهمة ما- في دائرة البراءة حتى تثبت المحكمة براءته من تلك التهمة، والقاضي في المحكمة لايفتش النوايا بحيث يدين بها المتهم، بل ينظر في الوقائع ثم يبحث عما يضعف تلك الوقائع بحيث لايحكم على برئ بالظلم، ولذلك يمنحون لأي متهم كافة حقوق المرافعة.. ولكن، للأسف نهج بعض مؤسسات الدولة وأجهزتها غير عادل، إذ كل مواطن يظل عندها متهماً حتى يبرئ نفسه إما بذاك النوع من التفتيش أو بذاك النوع من الإزالة، وما هذا وذاك إلا محض نموذج فقط لاغير، إذ نماذج محاكم التفتيش التي تفتش نوايا الإنسان كثيرة في بلادي..وإليكم – أدناه – أحدث نموذج ..!!
** أول البارحة، قدم المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى مقترحاً بوقف التبرع بالكلى لغير الأقارب، بحيث يصبح هذا الـ(وقف) قانوناً أو توجيهاً رسمياً يمنع المتبرع عن التبرع بكليته لغير أقاربه.. وتبرير المركز القومي لهذا المقترح الغريب هو : منع الإتجار في الأعضاء البشرية ..أي، حسب النهج التجريمي لهذا المركز القومي، فإن كل من يتبرع بكليته لغير ذوي القربى فهو (تاجر كلى)..حسن الظن الذي أمرت به مكارم الأخلاق غير متوفر في نهج هذا المركز، بل كل مواطن يتبرع بكليته لإنقاذ حياة مواطن آخر عند نهج المركز (متهم ببيع كليته حتى يثبت براءته)..هب أن لي صديقاً لايمت لي بأية صلة رحم ، وهب أن لي جاراً لايجمعني به غير سيدنا آدم عليه السلام ثم قيم الحياة الفاضلة، وهب أن لي إنسانية تسع الجميع بحيث تجعلني أهب كليتي لمن هو بحاجة إليها بغض النظر عن قبيلته وعشيرته وعقيدته وثقافته، فكيف لي أن أبرهن لهذا النهج التجريمي بأني فاعل خير وليس (تاجر كلى) ؟.. دين الله الحنيف لم يأمر بتفتيش نوايا الناس، وكذلك جلا وعلا شأنه لم يرسل وحياً يوحي بأن مدير المركز القومي بالسودان هو خليفته بالأرض، بحيث يكون هو الرقيب وبقية أهل السودان تجار أعضاء حتى يمتثلوا لقراره ويثبتوا براءتهم من تلك التهمة.. ولك أن تعلم – إن كنت تجهل ذلك – بأن السواد الأعظم من أهل السودان إخوة في الإسلام ثم في الوطن، وأخيراً في القبيلة والعشيرة وغيرها المسماة عندك بـ(ذوي القربى).. وعليه، مقترحك هذا ساذج جداً يا مدير المركز القومي لأمراض وجراحة الكلى، فدع التنطع وكن مهنياً وارترقي بمهنة جراحة الكلى في بلادنا.. فالذين يحترفون مهنة الطب في بلاد الدنيا والعالمين، يترقون في مناصبهم ويكبرون في نظر أهلهم بالمهنية والبذل والعطاء، وليس بهذا النوع من محاكم تفتيش نوايا الناس..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]