احمد يوسف التاي : مواسم إنتاج «الكذب»

[JUSTIFY]مواسم الانتخابات على الرغم من أنها مواقيت لإنتاج الكذب والوعود الجوفاء والتخدير وشراء الذمم في بعض البلدان التي تحتمي فقط بهياكل الديمقراطية ولا تعمل بمضامينها إلا أنها أيضًا فرصة ثمينة في البلدان المتقدمة ديمقراطيًا للتنافس الحُر بين القوى السياسية ومواسم للحيوية والتفاعل الشعبي وإعادة ضخ الدم في شرايين الأحزاب والتنظيمات السياسية..

غير أن التجربة الانتخابية التي تستعد لها بلادنا الآن تبدو عملية خاوية المضمون بلا جدوى ولا معنى ولا قيمة لها وذلك لانعدام أهم عناصر الحيوية فيها وهو التنافس الحر بين مكونات المسرح السياسي وغياب الشفافية، وانعدام الضمانات اللازمة للنزاهة… فما قيمة الانتخابات إذا خلت من التنافس الحُر واللعب النظيف، وما جدواها وما نكهتها إذا كان المؤتمر الوطني يخوضها وحده وينافس فيها نفسه فقط ويعلم نتائجها.

المؤتمر الوطني الآن يؤكد أن الانتخابات ستقوم في موعدها المحدد ولن تتأخر ساعة واحدة، والأحزاب السياسية تؤكد في الوقت نفسه أنها لن تخوض انتخابات معلومة النتائج مما يعني المقاطعة.. السؤال الذي يبدو منطقيًا هو: هل الحجة التي تدفع بها قوى المعارضة موضوعية ومقبولة؟ ونزيد بسؤال آخر جوهري: هل مخاوف المعارضة من التزوير وغياب الشفافية وضمانات النزاهة لها ما يبررها؟ وللإجابة عن السؤالين المطروحين نقول بكل الوضوح نعم مخاوف الحكومة لها ما يبررها.. والحجة التي تدفع بها المعارضة منطقية، فلا شيء حتى الآن قدمته الحكومة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة خالية من التزوير، لتكون مقبولة النتائج، فكيف تتطمئن القوى السياسية لمنافسها الذي يمسك بيده اليمنى وسائل الإعلام الرسمية، وإمكانيات الدولة ووسائل التأثير الأخرى من نشرات الأخبار والحشد والتعبئة حتى منابر الجمعة، وباليد اليسر تمسك «البنبان» و«خراطيم» المياه لتفريق كل حشد لا ترغب فيه غصبًا عن عين «أبو» الدستور بينما يستطيع حزبها المنافس جمع الحشود ومخاطبة الناس وإقامة الندوات في أي زمان ومكان.

إن الانتخابات الحرة النزيهة المبرأة من الغش والتدليس، والتزوير وشراء الذمم، والتأثير على الإرادة السياسية الحرة، والانتخابات الأمينة المفضية إلى التداول السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي المنشود تظل هي المخرج الوحيد والسبيل الآمن لإنقاذ البلاد من أوحال النزاع والصراع، ولن يحدث ذلك إلا في ظل مناخ سليم من أمراض الكبت والتسلط والقهر، مناخ يسمح بالمنافسة الشريفة بين القوى السياسية.

إجراء الانتخابات بالطريقة السابقة تحت إشراف الحكومة وحزبها الحاكم يعني استمرار الشكوك في غياب النزاهة وعدم مقبولية النتائج، وبالتالي مقاطعة هذه الانتخابات، وبالمقاطعة تكون الانتخابات فقدت أهم عنصر من عناصرها وهو المنافسة الشريفة، وعدم الشمولية وعدم المقبولية، واستمرار الأوضاع كما هي في غياب وجود ضمانات النزاهة يعني أيضًا استغلال موارد الدولة وحشد إمكانياتها المادية والإعلامية لترجيح كفة المنافس الحكومي وحرمان بقية المنافسين من هذه الإمكانيات.

السؤال الأهم من كل ذلك هو: لماذا يخشى المؤتمر الوطني هذا الإجراء طالما أنه واثق بأنه الحزب العملاق صاحب الأغلبية والأكثر مؤسسية وتنظيمًا وقدرة على اكتساح الإنتخابات؟!

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version