واذا كان بإمكان جوبا إعادة سيطرتها بسهولة على مدينة أو قرية بعيدة منها مثل ملكال كما كان سهلاً على الخرطوم قبل عام «2002م» إعادة السيطرة على أي منطقة جنوبية بحجم مدينة حتى ولو كانت جوبا البعيدة منها والقريبة من حزام دول التآمر الإقليمي وقتها أو وقتئذٍ إذا لم يكن ذلك في وقت واحد، فإن سلفا كير لا بأس عليه، ومن كانوا يقفون ضد التمرد من بعض العناصر الأجنبية ذات النفوذ فهم لا يفعلون هذا مع سلفا كير على الأقل لاعتبارات العلاقات بين جوبا وتل أبيب.. وملكال تعود يا دنيق ألور لكن «أبيي» لن تُنتزع بكاملها، ولا أقول تعود لأنها لم تكن هناك أصلاً كما يتفق في هذه الحقيقة عبدالله دينق نيال ابن قبيلة الدينكا الذي دفع منصبه في حكومة جوبا ثمناً لإعلان حقيقة سودانية «أبيي».
قناة وإذاعة الخرطوم والبتبلبل بعوم إذا كانت حكومة ولاية الخرطوم بعد أن دمجت إدارتي قناة وإذاعة الخرطوم في هيئة واحدة فيما دمجت مؤخراً على سبيل «التقشف العاصمي»، فهي قد كافأت مدير القناة الأستاذ عابد سيد أحمد بأن أسندت إليه إدارة الهيئة الموحدة بعد أن أثمرت تجربته المرحلة السابقة في إدارة «قناة» كان لا بد أن تصيبها أزمة التمويل الحكومي الولائي بسبب استمرار وتيرة ازدياد الاحتياجات الخدمية في الولاية مقابل تناقص الأعباء المالية في الولايات الأخرى بسبب «الزحف البشري».فها هو الأستاذ عابد أمام اختبار جرعة إدارية مكثفة. وإن كان من قبل قد وجد الإشادة لإدارته لمؤسسة رسمية تعددت وتنوعت فيها المشكلات وليس المشكلة المالية فحسب، فالآن لا أظن أن تهنئته بهذا التكليف الإضافي هو الشيء المناسب، فالأنسب أن يُقدم إليه النصح الإداري حتى لا يستبينه ضحى الغد. إن تعظيم التكليف لو كان يعني دليل النجاح والإنجاز فيما سبق يمكن أن يعني أيضاً تمهيد طريق الفشل، ولا يمكننا إن كنا نتناول الأمر بإنصاف وبدون إطراء و«تطبيل» أن نحكم على تجربة تبدأ الآن خطوتها الأولى. ويبقى السؤال: هل سيضع الأستاذ عابد إذاعة ولاية الخرطوم التي نتمنى أن تلحق بقائمة إذاعات أثير إف إم على طريق نجاح قناة الخرطوم ذات الخزانة الشحيحة أم أن هذه المرة سيهزمه هذا «الشح»؟! إنها معركة الإنجاز مع الفقر العام، فقر الولاية الآتي من فقر الدولة التي تعتمد على رسوم عبور نفط كانت هي التي استخرجته. وإذا لم يسر الاقتصاد فلتسر إدارة الإعلام الذكية يا عابد.
وإذا كانت الدولة لا تمانع من «التجنيب» فليتكم في هيئة قناة وإذاعة الخرطوم، قمتم بمشروعات استثمار ولو مشروع «رقشات» لمقابلة تحديات الصرف اليومي والأسبوعي والشهري، فلن تكونوا الوحديدين المجنبين. وبالطبع لا يوجد رأس المال لهذه الفكرة لكن بالمشاركة مع حكومة الولاية يمكن أن تكون مدينة إعلام واستثمار ولائية إلى حين محاربة وتجفيف التجنيب بصورة شاملة رأفة بالموازنة العامة التي لا تأخذ كثير من المؤسسات العامة رأفة بها وهي تمنع وزارة المالية من بعض المال العام المستولد. كان النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان قد برّر تجنيب المال العام في بعض المؤسسات بتسيير أعمالها. وهذا تبرير رئاسي يمكن اقتباسه في الولاية على طريقة المثل الشعبي القائل «البتبلبل بعوم». وبعد العوم يفرجها الله متى فرجها.
ما أوردته أعلاه مجرد مقترح لم يكن بدعاً من المقترحات كونه جاء على سبيل «المحاكاة المالية». فنحن في بلد نحتاج فيه حتى للدعم من المؤسسات التي تستحق الدعم أو تتطلبه طبيعة عملها.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش