مخاوف من جرائم حرب في جنوب السودان.
وتعليقي أن الأمر ليس مجرد مخاوف بل هو أمر مؤكد، فقد قامت قوات رياك مشار من قبل بقتل أعداد كبيرة من أنصار سلفاكير في مدينة بور.
جيش جنوب السودان يستعيد مدينة بور.
وكانت قوات رياك مشار قد استولت عليها من قبل، واستولت على مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالبترول.
البشير قلق من الأوضاع في جنوب السودان.
ولماذا لا يقلق والحدود بين السودان وجنوب السودان شبه مفتوحة والسودان مهدد باستقبال آلاف النازحين من الحرب.. هذه المرة الحرب الجنوبية الجنوبية وليس الجنوبية الشمالية.
ولماذا لا يقلق البشير والاتفاقات التي أبرمها مع سلفاكير حول النفط خاصة الآن في كف عفريت.
تراجع إنتاج جنوب السودان من النفط.. حيث صرح وزير النفط ستيفن دبو دار أن حقول الوحدة خرجت من النظام بسبب الاقتتال والاحتراب، وإنها كانت تنتج (45) ألف برميل يومياً، وبقيت حقول أعالي النيل التي تنتج (200) الف برميل يومياً.
إلا أن الأخبار تقول إن قوات رياك مشار استطاعت السيطرة على أربع مقاطعات من جملة إحدى عشرة تتألف منها الولاية.
مجلس الأمن يوافق على مضاعفة القوات الدولية في جنوب السودان، ومحاولات دولية لاحتواء الأزمة في ج السودان والأمريكان يعلنون استعدادهم للتدخل السياسي مع رصفائهم لوقف الحرب التي اندلعت في أماكن كثيرة في الجنوب راح ضحيتها الكثيرون.
كما بدأ اللجوء من ويلات الحرب إلى مطار الأمم المتحدة في جوبا وبانيتو.. وقد بلغ عدد المحتمين بالمقرات الأممية حوالي (25) ألف لاجئ- حسب التقارير الإعلامية.
إن أخطر ما في الصراع الدائر الآن في الجنوب هو أن لكل فريق قائد وكتائب، وخطوط خلفية، وغالباً مصادر تمويل وتسليح ودعم مادي ولوجستي.
وبالرغم من إعلان سلفاكير استعداده للجلوس مع رياك مشار للتفاوض بلا شرط إلا إن الأخبار تحمل أنباءً عن محاصرة رياك مشار في بعض موانعه، مما يلقي بظلال سوداء على أي دعوة للجلوس والحوار.
بالرغم من اللطف البادي في عبارات الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البداية إلا أنه عاد وصرح بأن أمريكا بصدد اتخاذ إجراءات جديدة في جنوب السودان إذا اقتضى الأمر ذلك.
وكان هناك هجوم على جنود أمريكيين في بانتيو بعد استيلاء قوات رياك مشار عليها.. مما يلقي بظلال على أن التدخل سيكون لصالح جهة دون أخرى.ويبدو أن الصين هي أيضاً تشعر بقلق بالغ تجاه الأحداث وتدعو الأطراف للجلوس والتفاوض ولعل الصين ستكون الخاسر الأكبر.. بعد إسرائيل طبعاً في تفجر هذه الأوضاع واستحالة الهدوء.. وإن إسرائيل ليست بعيدة عن الحدث، ولكنها دائماً لا تكون ضمن قائمة اللاعبين الرئيسيين ولا الاحتياطي، ولكنها في واقع الأمر تكون اللاعب الرئيسي في معظم الأحيان، لأن خسارتها من قبل في مثل هذه الأحداث تكون أكبر الخسارات.
والسؤال الأهم: هل هناك رابح في هذه الحرب؟ إن السودان ربما حقق بعض المكاسب من جراء الصدام الناشب الآن في الجنوب.. فقطاع الشمال سوف يفقد اليد الحانية والثدي المدرار والخطوط الخلفية التي ينسحب اليها ويستمد منها القوة.. وكذلك الجبهة الثورية ومتمردو دارفور، رغم ما أصاب علاقتهم مع الجنوب في الآونة الأخيرة إلا أنه من المستبعد أن يستثمر السودان هذه الحقائق وهذه الأوضاع لتحسين موقفه التفاوضي مع الحكومة القادمة في جوبا، بالرغم من الشك الكبير في قدومها أو على الأقل في قدومها في أقل من خمس إلى عشر سنوات!.
إن على السودان أن يستعد لكل الاحتمالات خاصة أسوأها. إن أسوأ الاحتمالات أن تنبثق هذه الأحداث عن دولة ضعيفة في بنيانها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لتجد نفسها لقمة سائغة وأداة طيعة في يد إسرائيل الشيطان الأكبر وأمريكا مخلب الشيطان. إن الجنوب بأوضاعه المأساوية المتدهورة يوماً بعد يوم مرشح بقوة ليكون رجل أفريقيا المريض.
وإن أقل احتمالات السودان سوءاً أن يكون هو الممارض.
ودعوني أحلم قليلاً عن أحسن الاحتمالات.
إن أفضلها وأحسنها أن تنبثق الأحداث عن دولة واحدة بحكومة متجانسة تدرك أهمية السودان، وقيمة الأمن والسلام، وتدرك أن السودان هو أفضل جيرانها على الإطلاق، وأن تسعى لبناء علاقات معه تقوم على حسن الجوار وعلى النوايا الحسنة، وعلى الاعتراف بأخطاء الماضي والحاضر والبعد عن الاستعلاء الأجوف والابتزاز والمغالاة.
إن أشد أنواع المغالاة هي المطالبة بالحريات الأربع، واحتضان ما يسمى بقطاع الشمال، واستضافة حركات التمرد، وإشعال فتيل الأطماع والاستقواء بالأجنبي الأممي والنصراني على حد السواء في موضوع أبيي، والاستخفاف بدور السودان في موضوع النفط. لقد ظلت كراهية السودان هي الوقود السياسي للأحزاب والجماعات المتنافسة في الجنوب..
وأقرب السياسيين إلى قلوب المواطنين هو أجرؤهم على إطلاق شعارات الكراهية والمغالاة والاستخفاف بالسودان وأهل السودان وهوية أهل السودان.
وهذا يحتاج إلى برنامج طويل لمحوه وتصحيحه.. ويحتاج إلى حكومة من العقلاء والأقوياء الذين يدركون أن مصلحة الجنوب الآجلة هي الدائمة وأنها مع السودان وبقية دول الجوار.
وإن مصلحة الجنوب العاجلة هي مصلحة الساسة والوزراء، ومصلحة إسرائيل وأمريكا ويوغندا، وأنها هي الفانية.. وعلى السودان الإنقاذ، والحركة الإسلامية، والإسلاميين عموماً، أن يدركوا أن العلاقات مع الجنوب لا يمكن أن تكون سوية وعادلة إلا إذا كان السودان قوياً وواعياً ويؤسس علاقته على البعد عن العواطف والأوهام والترهات.. أن ج السودان الآن دولة قائمة ومستقلة ولها علاقات دولية وإقليمية، ولها شعب داعم لوجودها، ولابد أن يكون منقو زمبيزي قد مات من زمان.. هذا إذا كان منقو حقيقة تاريخية.
صحيفة آخر لحظة
رأي : سعد أحمد سعد
ت.إ[/JUSTIFY]