د. عارف عوض الركابي : نقد اتفاقية «سيداو» في ضوء مقاصد الشريعة «1»

[JUSTIFY]صدر قبل أيام عن دار التوحيد بالرياض كتابي: «اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو» في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية» وسيصدر الكتاب بطبعة في السودان في الأيام القادمة إن شاء الله، ورأيت أن أشير إلى أبرز معالم هذا البحث الذي تم تحكيمه بواسطة أساتذة متخصصين في أصول الفقه في الإشارات التالية: فقد وُجِدَت دعواتٌ في القديم – ولا تزال هدفها زعزعة ثوابت المسلمين وتشكيكهم في شريعتهم، خاصة وأن المسلمين تظهر وحدتهم وقوتهم في توحُّد شعائرهم، وتتخذ تلك الدعوات أساليب ووسائل متنوعة، ومن تلك الوسائل: المؤتمرات والاتفاقيات التي اهتمت بها بعض دول الغرب في الأزمنة المتأخرة، واهتمت بعقدها في قضايا متعددة وجعلت من أهمها: قضايا المرأة، فقامت عدة مؤتمرات بهذا الشأن ثم تطورت إلى إصدار اتفاقية تلزم الدول التي توقع عليها بتنفيذ بنودها، فأصدرت اتفاقية: القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، تحت مظلة الأمم المتحدة. وقد وجدت هذه الاتفاقية عناية من كثير من الباحثين في بيان مخالفاتها للشريعة الإسلامية، وتم توضيح المخالفات الشرعية التي تضمنتها، وقد رأيت أن أدلي بدلوي في الإسهام بنقدها في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا ما لم أجد أحداً تناوله رغم طول البحث، وأرجو بذلك أن أحظى وأنال شرف خدمة هذه الشريعة الخاتمة الكاملة المباركة. وقد حددتُ المشكلة التي قامت الدراسة لمعالجتها في ما يلي:

1/إلى أي مدى اتفقت أو خالفت اتفاقية «سيداو» مقاصد الشريعة الإسلامية؟
2/ما التوجيه الصحيح لاختلاف بعض الأحكام الشرعية المختصة بالمرأة عن أحكام الرجل؟
3/هل للفوارق في الخِلْقة والوظائف بين المرأة والرجل دور في اختلاف حقوقهما وواجباتهما؟
4/هل بنى الغرب وغيره تقييمه للأحكام الشرعية المختصة بالمرأة في الإسلام على نظر قاصر وغابت عنهم أحكام يتضح من خلالها المقاصد الشرعية لقضايا التشريع الخاصة بالمرأة؟
5/هل بدأ الغرب في إبداء التراجع في مواقفه في بعض قضايا المرأة ليتوافق مع الشريعة الإسلامية ولتتحقق المقاصد التي دعا إليها الإسلام؟
وأما الأهداف العامة للدراسة فيمكن تلخيصها فيما يلي:
1/ بيان المقاصد الشرعية العامة للأحكام الشرعية في الإسلام وبعض الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة.
2/إبراز مقاصد الشريعة الإسلامية في القضايا التي دعت اتفاقية «سيداو» للعمل بها أو لإلغائها.
3/توضيح القضايا والمسائل التي خالفت فيها اتفاقية «سيداو» المقاصد الشرعية.
4/ جمع المسائل والأحكام التي تخفى على كثيرين ممن ينتقدون الشريعة الإسلامية، ولا تتضح لهم مقاصد الشريعة فيها بسبب جهلهم بها.
5/بيان تناقض الاتفاقية ومخالفتها لمواثيق الأمم المتحدة نفسها، فضلاً عن التشريعات والأعراف والتقاليد السائدة في العالم.
6/الرد على المدافعين عن الاتفاقية والمتبنين لها والدّاعين إليها من الكُتّاب المسلمين؛ خاصة وأن بعضهم ادعى أن الاتفاقية لا تتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، من أمثلة الكُتّاب الدّاعين لها الصادق المهدي إذ يقول: «إن لحزب الأمة علاقة أكيدة بهيئة شئون الأنصار، وهي علاقة يمكن أن تعيق الإصلاح السياسي في الحزب إذا انطوت الهيئة على موقف ديني يعيق التطور الديمقراطي بموجب فهم انكفائي للإسلام، أو انطوت على موقف ديني يعيق تحرير المرأة. وفي هذا الصدد عقدت أمانة المرأة في هيئة شئون الأنصار ورشة في الفترة ما بين 19-21 يوليو 2004، ودرست بنود سيداو وقررت أنها لا تتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية، كما عقدت في إطار تحضيرها لمؤتمر إسلامي عالمي ورشة عمل قدمت فيها ورقة تهدف إلى وضع مرجعية إسلامية متجددة متحررة من التعامل الاستلابي مع الوافد والتعامل الانكفائي مع الماضي، حيث أفردت الورشة محوراً كاملاً لقضية المرأة عرضت فيها اجتهاداً مستنيراً في مقابل الاجتهادات المنكفئة في تفسير نصوص الإسلام بشأن المرأة.
انطلاقاً من هذا التراكم الإصلاحي التنويري فإن حزب الأمة الآن يدعو أن يوقع السودان على اتفاقية سيداو، ويعمل على إجماع كل الأحزاب السياسية حول ميثاق نسوي قدمه للأحزاب وقوى المجتمع المدني للتوقيع عليه في احتفاله بيوم المرأة العالمي للعام 2004م، يشتمل على نقاط أساسية للنهوض بالمرأة).ورقة عمل منشورة على الشبكة بعنوان) دور الأحزاب السياسية في تفعيل دور المرأة السياسي).وفي كتابه( جدلية الأصل والعصر «ص68» قال «وعبر الخمسمائة وألف عام الماضية خطت الإنسانية خطىً واسعة في سبيل تحرير المرأة حتى بلغت ما نصت عليه معاهدة سيداو Cedaw من حقوق المرأة المعاصرة».
فالصادق المهدي وآخرون!! يحملون عبء ترويج أفكار هذه الاتفاقية السامة التي تناقض دين الإسلام، وتناقض ما كان عليه جد الصادق محمد أحمد المهدي في كثير من قضايا المرأة التي دعت إليها الاتفاقية، بل إن هذه الاتفاقية التي خرجت من رحم الأمم المتحدة ناقضت مواثيق الأمم المتحدة نفسها كما بينته في الدراسة. وقد رددت سابقاً على الصادق المهدي في حوالي خمسة مقالات في موضوعات المرأة التي يتاجر بها ويظن أنه سيكسب بإثارتها وبدعوته المجرمة لرد الأحاديث النبوية التي وردت في بعض قضايا المرأة واصطلاحه لها بأحاديث الفقه الذكوري.. رغم أن سعيه في تباب وكيده في خراب وهرطقاته كسراب.
ويمكن وضع أبرز الملحوظات الإجمالية على الاتفاقية في ما يلي:
* المساواة بين الرجل والمرأة هو الأساس الذي قامت عليه الاتفاقية واستخدمت عبارة «التمييز ضد المرأة». فاستخدمت لفظ «التمييز» ولم تستخدم لفظ «الظلم».
* تدعو الاتفاقية لإبطال كل النُظُم والقوانين والأعراف المعمول بها في العالم في قضايا المرأة ليحل محلها قوانين دولية هي النموذج الذي يتلاءم مع الحياة في «الغرب».
* ما طرحته الاتفاقية من حقوق وواجبات غلب عليه النظرة «الغربية» التي تختلف في الإجمال والتفصيل عمَّا هو قائم من أنظمة تشريعية وأعراف في كثير من جهات العالم. والمفاهيم التي دعت إليها الاتفاقية تمثل جوهر الحياة الغربية ونظرتها للإنسان والحياة والكون.
* ركزت الاتفاقية على «حقوق» المرأة إلا أنها لم تتحدث عن «واجباتها»، فالحقوق والواجبات في الاتفاقية ليس بينها تناسب.
* تنظر الاتفاقية للمرأة باعتبارها «فرداً» مستقلاً وليس «عضواً في أسرة» فيها المرأة والرجل والطفل. وهذه النظرة «الفردية» هي النمط السائد في الحياة الغربية، وقد شُحِنَت الاتفاقية بجو العداء بين الرجل والمرأة.
* تناقضت الاتفاقية التي خرجت من رحم «الأمم المتحدة» وتعارضت مع ميثاق الأمم المتحدة الذي نصّ على احترام كل نظم الاعتقاد الديني في العالم، كما أنها تتناقض مع المواثيق الدولية التي نصّت على احترام التنوع الديني والثقافي. فكيف ينص ميثاق الأمم المتحدة على احترام كل نظم الاعتقاد الديني في العالم ثم تصدر الأمم لمتحدة اتفاقية تتعارض مع ميثاقها وترغب في فرض الاتفاقية المتعارضة والمناقضة لميثاقها على كل دول العالم؟!
وأواصل إن شاء الله ..

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version