سودانير .. جريمة مزدوجة ازدحم فيها الفساد المالي مع الكذب والغش والتدليس

[JUSTIFY]مع سبق الإصرار والترصد، هذه جريمة مزدوجة.. ازدحم فيها الفساد المالي مع الكذب والغش والتدليس في رابعة النهار وأمام الجميع.. ومع ذلك لا أحد حتى هذه اللحظة خضع للمحاسبة.. كأنما الكل إما مشارك أو متواطؤ بالفعل أو بالصمت.. إن لم يحرك هذا التحقيق ساكن هذه القضية.. فلا حاجة لأحد أن يذرف الدمع على وطن لا بواكي عليه. الحلقة الثانية: بعيداً عن المال العام السائب الضائع.. ركزوا معي في حجم التلاعب و(الكذب) الصراح في شأن عام هو من صميم حقوق الشعب السوداني كله. صحيح أن الحكومة أعلنت سياسة الخصخصة منذ بواكير تسعينيات القرن الماضي.. وشملت كثيراً من مرافق الدولة على رأسها قطاع الاتصالات.. وكان مطروحاً من ضمن برنامج الخصخصة قطاع النقل وعلى رأسه الخطوط الجوية السودانية (سوادنير) والخطوط البحرية السودانية. وجرى حديث كثير وكبير عن دخول شكراء استراتيجيين في شراكة مع الحكومة لخصخصة (سودانير) وطرحت أسماء شركات عالمية سامقة مثل الخطوط البريطانية British airways.. ولكن فجأة من بين غيوم الغيب هبط من السماء اسم مجموعة (عارف الاستثمارية) الكويتية. وللحقيقة هي مجموعة مالية معروفة ومقتدرة مالياً.. لكن معرفتها بصناعة الطيران كمعرفتي باللغة الصينية. ومن هنا كانت الكارثة واضحة حتى قبل أن تبدأ فصول المأساة.
الكذب الرسمي..!! منذ لحظة إعلان صفقة شراكة مجموعة (عارف الاستثمارية) مع حكومة السودان في شركة الخطوط الجوية السودانية لم تكف أجهزة الإعلام المحلية والخارجية عن تكرار تصريحات كبار المسؤولين التي توضح تفاصيل الصفقة.. كانت كل تصريحاتهم تكرر حقيقة واحدة لا تحتمل التأويل أو اللبس.. حقيقة أن مجموعة (عارف) الكويتية حازت على نسبة (49%) فقط من أسهم شركة الخطوط الجوية السودانية. وأن (السودان)!!.. وأرجوكم تنتبهوا جيداً لكلمة (السودان!!) هنا.. السودان يمتلك الـ(51%) الباقية.. وبذا تظل شركة الخطوط الجوية السودانية حاملة للجنسية السودانية بالميلاد ببقاء غالبية الأسهم في يد الشعب السوداني.. شركة سودانية أُماً عن أب وتستحق لقب (الناقل الوطني) وتستفيد من كل مزايا الناقل الوطني. بما فيها الحقوق التاريخية لـ(سودانير) في مطار الخرطوم ومطارات العالم الأخرى.. وليس أقلها حق الهبوط (التاريخي) في مطار هيثرو في لندن.
من بين فكي الأسد خرجت كلمات خفيضة تتحدث عن شريك سوداني محلي هو جزء من المكون السوداني في شراكة الخطوط الجوية السودانية.. شركة أو مجموعة اسمها (الفيحاء).. لا تشغلوا أنفسكم كثيراً بأي اسم من رجال الأعمال السودانيين تلتصق.. ولا حاجة للذهاب إلى المسجل التجاري (التابع لوزارة العدل) للاستفسار عن المالكين لهذه الشركة.. مجموعة الفيحاء.. فهي وَهم ابن وَهم، حفيدة خيال وكذب بواح.
حسب عقد الشراكة تحوز عارف على 49% من أسهم (سوادنير).. وتمتلك مجموعة الفيحاء 21% وحكومة السودان الباقي 30%..
مراسم توقيع عقد الشراكة اكتملت هنا في الخرطوم، حضر الوفد الكويتي برئاسة علي الزميع رئيس مجموعة عارف الكويتية (آنئذ)..
مدير عام شركة الخطوط الجوية السودانية آنئذ – أدلى مباشرة بعد حفل التوقيع بتصريحات صحفية نشرتها غالبية الصحف قال فيها: (العقد أبقى على نسبة 30 بالمائة من أسهم الشركة باسم الحكومة السودانية، و21 بالمائة للقطاع الخاص السوداني)، مبيناً أن الوضع الجديد تأسست بموجبه شركة برأسمال مليار دولار.)
حصرت مثل هذا التصريح على لسان عدة شخصيات رئيسة في السودان كلها تجمع على هذه النسب في الشراكة بين الشركاء (الثلاثة!!!)..
حسناً.. نحن شعب يؤمن بالحكمة التي تقول إن (المؤمن صديق).. علينا بالظاهر.. نصدق ما يقال لنا ونتفاءل بالخير عسى أن نجده. فما الذي حدث بعد ذلك؟.
تماماً كما يحدث في مشاهد فيلم درامي مثير.. لن أطلق أية أحكام من عندي.. سأنقلكم مباشرة لنفس هؤلاء المسؤولين بعد فض عقد الشراكة مع مجموعة عارف.. بالله اسمعوهم ماذا قالوا: هذا الخبر من من موقع (العربية نت): (أعلنت شركة عارف للاستثمار الكويتية، اليوم الثلاثاء، أنها وافقت على بيع حصتها وحصة شركتها التابعة في الخطوط الجوية السودانية لحكومة السودان بمبلغ 125 مليون دولار.
وأكد مدير عام الشركة السودانية للخطوط الجوية العبيد فضل المولى في تصريحات خاصة لمراسل العربية نت بالخرطوم صحة هذا الاتفاق.
وقال إن الاتفاق الذي وقعه عن الجانب السوداني وكيل وزارة المالية مصطفى حولي فيما وقع عن شركة عارف الكويتية الرئيس التنفيذي للمجموعة محمود خالد الجسار، ستعود بموجبه كل الأسهم الـ 49 المملوكة لشركة عارف الكويتية و 21 سهما لشركة الفيحاء إلى الحكومة السودانية.) صحيفة الرأي الكويتية نشرت في شهر مارس 2011 هذا الخبر: (إن مجموعة عارف للاستثمار الكويتية باعت كامل حصتها في شركة الخطوط الجوية السودانية إلى الحكومة السودانية بقيمة تربو على 100 مليون دولار. وكانت مجموعة عارف للاستثمار قد تملكت في يونيو 2007 نسبة 49 في المئة من شركة الخطوط الجوية السودانية بمبلغ 56.3 مليون دولار).
وواصلت الصحيفة: (حصة عارف في السودان إير رئيسية تتجاوز الخمسين في المئة.)
ونسبت الصحيفة إلى مصادر لم تسمها أنه (بهذه الصفقة يكون من المتوقع أن تحقق عارف أرباحا من استثمارها مقارنة بالقيمة المسجلة بها الحصة في دفاتر الشركة.)
مجموعة عارف الكويتية أصدرت بياناً نشرته في موقع سوق الأوراق المالية في الكويت قالت فيه إنها قامت بتوقيع عقد مع الحكومة السودانية يتم بموجبه إعادة استحواذ ‏هذه الحكومة على حصة مجموعة عارف الاستثمارية وشركتها التابعة الفيحاء القابضة في الخطوط الجوية السودانية. أين ذهب الشريك السوداني المحلي؟؟ المفترض أن الشعب المسكين ذاكرته لا تسعفه للرجوع إلى ليلة توقيع عقد الشراكة في الخرطوم. والتصريحات التي أدلى بها كبار المسؤولين وأكدوا فيها أن شريكاً وطنياً سودانياً حاز على 21% من أسهم شركة (سودانير)..
الواقع أنه في لحظة بيع الأنصبة وفض الشراكة نسي الشركاء ما قالوه للشعب في السابق.. وكشفوا أن شركة الفيحاء (السودانية) ماهي في الحقيقة إلا شركة (عارف) الكويتية..
(الفيحاء هي عارف.. وعارف هي الفيحاء)..!! هذه العبارة قالها لي بالحرف شخصية قيادية في الصف الأول من الحكومة.. لماذا رضوا بدور (المحلل)؟.. شركة الفيحاء (السودانية!!!) حسب سجلها الرسمي تحوز مجموعة عارف على 96% من أسمهما.. والـ(4%) الباقية من نصيب أسماء سياسيين سودانيين لا علاقة لهم بالمال والأعمال.
لماذا رضي هؤلاء الساسة أن يمثلوا دور (المحلل).. بوضع أسمائهم في هذه الصفقة المشبوهة؟.. الله اعلم..
لماذا رضوا أن يكونوا أداة كذب في حق عام يملكه الشعب السوداني؟.. الله أعلم..
لا يهم كيف سولت لهم أنفسهم الارتباط بهذه الصفقة الصفعة. لكن المهم أنهم كانوا يعلمون أن شركة الفيحاء من الأصل مجرد (لعب وكذب) على شعب تهدر موارده وتقتل ثرواته أمام عينيه. لماذا كذبتم على الشعب مالك هذا البلد وخطوطه الجوية؟.. مالك رأسمال الشركة المذبوحة قرباناً للمنافع الشخصية؟.. لمذا كذبتم؟. السؤال وجهته لحوالي ثمانية شخصيات مرتبطة بالوقائع، الإجابة كانت واحدة.. أقرب لاسم الرواية الشهيرة للكاتب المصري الراحل إحسان عبد القدوس: (أنا لا أكذب لكني أتجمل)..
قالوا لي: (كذبنا نعم.. لكننا لم نكذب على شعب السودان.. كنا نكذب على العالم الخارجي.. لنستفيد من مزايا الناقل الوطني..)
حسناً (المؤمن صدّيق) كما أسلفنا لكن دعونا نجرد بعد ذلك المكاسب.. فالنتائج باهرة على قارعة الطريق.. الشراكة انفضت واتضح أن شركة الخطوط الجوية السودانية كانت في أفضل حالتها قبل الشراكة.. وأن الشراكة ما زادتها إلا وبالاً وقضت على الأمل الباقي في إنقاذها من المصير المحتوم.. المصير الذي جعلها مطلوبة في محاكم إمارة دبي تحت لائحة (مجهول العنوان)..
تصوروا خطوطنا الجوية السودانية.. جثة مجهولة الهوية تبحث عن عنوانها محاكم إمارة دبي!.
ربما يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال عفوي: وما الذي استفاده أبطال هذه الدراما من كل هذه اللعبة؟..
هنا بيت القصيد!!
تعالوا معي أفصل لكم ما جنوه من هذه الصفقة الصفعة..!. وبالوثائق..!!

نواصل.. غداً بإذن الله.

صحيفة اليوم التالي
عثمان ميرغني
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version