أنت نقابي.. إذاً أنت ملياردير..

[JUSTIFY]لم أرَ قيادات يتم اختيارها بالطريقة التي ابتكرها د. الترابي والتي اطلق عليها اسم «الاجماع السكوتي»، فدائماً ما يفاجيء المتنفذون من المؤتمر الوطني الجميع باختيار قيادات معينة ويعلنون أنهم يمثلون نقابة عمال التعليم العام مثلاً في الولاية ويسكت الجميع من هول المفاجأة ويصرح هؤلاء هم قادة النقابة وسرعان ما يتم اختيار الرئيس ونائبه والأمين العام ونائبه وأمين المال ومساعده وأعضاء المكتب ويتربع هؤلاء على مقر النقابة الفخيم المكيف بالهواء البارد في برج المعلمين وفي الخارج تكون سياراتهم ذات الدفع الرباعي في انتظار سيادتهم في أي وقت لخدمتهم وخدمة أسرهم وخزان الوقود ممتليء تماماً حتى الثمالة.
كنا نعرف سكوت الفتاة عند خطبتها للزواج ويقولون إن السكوت علامة الرضا.. لكن د. الترابي بذكائه المعهود حوّل ذلك السكوت إلى عالم السياسة ولعله صاحب نظرية «أحزاب الموالاة»، حيث جاء ببعض أشخاص غير معروفين تماماً لدى الغالبية العظمى من الناس فجعل منهم قادة الأحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي وتمّ تسجيل هذه الأحزاب بقياداتها النكرة بصورة رسمية فصاروا يتحدثون باسم أكبر الأحزاب المعروفة في البلد الأمة والاتحادي.
ولعلَّ د. الترابي يكتوي الآن بمثل هذه الأفكار التي ابتكرها ويشقى بتداعياتها، وهو الآن في المعارضة فلم يعد هناك حزب أمة واحد ولا حزب اتحادي ديمقراطي واحد أيضاً بل هي أحزاب كثيرة لا نكاد نحصي عددها مما أضعف المعارضة كثيراً وقد أضحى هو أشهر أقطابها، وكما يقولون «فقد جنت على نفسها براقش» وقد بات المؤتمر الوطني بسبب تجليات د. الترابي يتندر على المعارضة ويسخر منها ويتحداها أن تنزل بجماهيرها الى الشارع لاسقاط النظام ويعلن بكل ثقة أن صناديق الإقتراع هي الفيصل، فالحكومة تعلم أن المعارضة ضعيفة جداً لا تقوى على مجرد الحبو، وأن د. الترابي عندما كان في الحكم قد أصاب المعارضة في مقتل لن تبرأ منه قريباً
ماذا يفعل القادة بعد تربعهم على عرش النقابة بطريقة الاجتماع السكوتي المبتكرة؟
لا شيء تقريباً غير حرصهم على جمع الاستقطاعات التي تتحول الى مليارات بل أنهم يبادرون بتوجيه الصراف شفوياً باستقطاع مبالغ معينة لزوم أداء الحج لهم ولغيرهم من المغتربين من حاشيتهم وكل عام..
إن رئيس نقابة عمال السودان هو أحد أهم قيادات التنظيم السياسي، فهو يجمع بين وظيفتين نقابية وسياسية أهمها التي في الحزب بينهما تعارض واضح وهو ينحاز بدون شك إلى جانب الحكومة على حساب النقابة وقت الحارة
هل رأيتم أحد أعضاء النقابة وهو معتقل أو حُكم عليه بالسجن لفترة ما ؟ هل قام جهاز الأمن بالتحقيق مع أحدهم؟ هل تمّ تشريد نقابي منهم أو تمّ نقله تعسفياً الى أقاصي البلاد؟ إن هؤلاء يمثلون جانب الحزب ولا يمثلون المسحوقين الكادحين من قواعدهم لذلك فإن المرتبات «مثلاً» تظل على حالها لا تتقدم خطوة الى الأمام وما يتم إعلانه من زيادات للحد الأدنى من الأجور هو مجرد «وهم» لا يتحقق أبداً، فوزارة المالية هي التي تقرر متى وكيف وكم تدفع، أما قيادات النقابة فإنهم يبيعون لاعضائهم «الوهم» كما ذكرنا..
إذا أردت أن تكون ملياديراً فسارع بترشيح نفسك للقيادة في أحد النقابات اتصل بالمتنفذين من قيادات المؤتمر فقد يقومون باختيارك بطريقة الاجماع السكوتي عندها ستبتسم الدنيا في وجهك وتتذوق حلاوة «كيك السلطة»..

محمد إبراهيم منصور: صحيفة الوطن
[email]moheeby@hotmail.com[/email]

[/JUSTIFY]
Exit mobile version