أراك محتجاً على منح الشمالية قطاراً حديثاً طالبنا به كثيراً ليكون أول تطوير للسكك الحديدية منذ الاستقلال.. ولم أفهم سر احتجاجك واستعانتك بأرقام غير صحيحة عن عدد سكان الشمالية، ألا تعلم أن أهل الولاية الشمالية هم أول من استخدم القطار في السودان منذ أواخر القرن التاسع عشر؟ وهل تعلم أن هذه الولاية تزود السودان بوجبتين يومياً كان بإمكانها بيعها إلى مصر؟ تخيل كيف حال السودان إذا لم يتوفر صحن الفول كل صباح!! كما أن فدان القمح في الشمالية ينتج أضعاف ما ينتجه نفس الفدان في الجزيرة وبإمكانك التأكد من الخبراء.. وهل تعلم أن مشروع الجزيرة نفسه قام على أكتاف أهل الشمالية ابتداءً من العامل البسيط إلى أكبر مهندس كانوا كلهم من الشمالية؟! أضف إلى ذلك أنها الولاية الوحيدة التي لم تهاجر كلها إلى الخرطوم وتستقر فيها كما فعلت ولايات أخرى، فالناس في الشمالية مرتبطون بالأرض، ولولا هذا الارتباط لاحتل المهاجرون من غرب أفريقيا كل السودان، ولهذا هي الولاية الوحيدة التي يقول الناس فيها (أنا ماشي البلد) ويقصد قريته، أي أنه لا يهجرها نهائياً، بل يذهب إليها ولو مرة في كل عام إذا لم تكن له أرض أو جنينة.. لقد حافظت الشمالية على السودان في الماضي، وهي تحافظ عليه في الحاضر.
أراك استندت إلى حجم السكان في الشمالية، وقلت إنهم لا يساوون سكان مدينة في الجزيرة.. وأقول أولاً إن سكان الجزيرة ليسوا كلهم من أبنائها، فهي تضم مجموعات جاءت من كل أنحاء السودان وغرب أفريقيا، واستقرت هناك نهائياً ولولا أبناء الشمالية لاحتلت هذه المجموعة كل الجزيرة بحكم كبر عددها ونشاطها الدؤوب.
وهذا الرقم الذي استندت إليه غير صحيح، فمدينة مثل عطبرة والدامر وكريمة سكانها لا يقلون عن سكان ود مدني، أضف إلى ذلك أن كل سكان القرى لم يغادروها، ولهذا الشمالية هي التي تزود العاصمة بالفاكهة ولو كانت عنباً، وبالقمح والبصل والفول، بل إن سكان بعض القرى لا يشترون الخبز من المخابز لأنهم يصنعونه بأنفسهم في منازلهم في أفران توارثوها منذ آلاف السنين.
السودان هو الذي بحاجة إلى الولاية الشمالية وليس العكس، وهي ولاية مظلومة في الخدمات رغم أنها قدمت الكوادر التي تدير كل هذه المرافق، رغم أنهم يزرعون الأرض قمحاً ووعداً وتمني كما يقول “محمد وردي”.
تقول إن هذا القطار الحديث كانت الجزيرة أحق به، وأظنك تعرف أن السكك الحديدية (شغّلت) من قبل قطاراً بين ود مدني والخرطوم لمدة عام فلماذا أوقفت التجربة؟ أليس لأن التجربة فشلت.. لقد قرروا إعادة التجربة في منطقة اعتادت السفر بالقطارات وتتزاحم عليها، وبها محاصيل طوال العام تتطلب النقل بالقاطرات، وستشاهدون أثر ذلك في أسواق العاصمة والجزيرة.. ويبقى الود.
سؤال غير خبيث
أيهما أكبر.. سكان مدينة ود مدني أم سكان مدينتي عطبرة وشندي؟!.
صحيفة المجهر السياسي
ت.إ[/JUSTIFY]