غريب الدارين: ما بال هؤلاء الذين يلحدون في السودان وبلاد الحرمين ؟

رأي موجز في قضية قديمة تتجدد ما بين حينٍ وآخر صرنا نسمع بشاب أو فتاة ارتد عن الإسلام ….أو ألحد . فما بال هؤلاء الذين يلحدون ؟ علما بأنّ هذا الأمر ليس قصرا على السودان بل ظهر حتى في بلاد الحرمين الشريفين التي قد يحسب البعض أنها أبعد ما تكون عن مثل تلك الظاهرة ، وقد كتب بعض الباحثين هناك عن ذلك . لماذا يلحدون ؟

هذه القضية ليست جديدة ، فعجلة التاريخ دارت ثم ما لبثت أن وصلت عند نفس المنحنى الذي توفرت فيه عوامل ومتغيرات دفعت البعض إلى التخلي عما اعتبر مسلمات .
وخير مثال لذلك فلسفة الوجودية ، ففي القرن الماضي حين أطلت وجودية سارتر على الدنيا ورفعت الحرية شعارا براقا ، انبهر الناس بها ومن أولئك بعض الأدباء والمفكرين في عالمنا العربي ، فجاء بعض إنتاجهم مصبوغا بتلك الوجودية الإلحادية ….وبالطبع لايمكن لمفكر أو أديب أن ينتج شيئا إلا بعد أن اختمر في نفسه وخالط معتقده ورؤاه .
وجوهر الفلسفة الوجودية يكرس فكرة أن الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة ولا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته.
علما بأن سارتر لما اختبر فعليا في شعار وجوديته جبن وانزوى في ركن بعيد ناقضا شعاره النظري ، فقد كتب له زيارة الأرض المحتلة ورأى حال الفلسطينيين وتعاطف معهم ، ولكنه حين رجع لفرنسا وقع مع زملاء له عريضة لنصرة اليهود المحتلين!!
إذن الحرية هي مبتغاهم حين يلحدون ، فهم يحسبونه تعبيرا عن حرية الرأي …وحرية الرأي أن تتجرد من كل ما تحسبه قيودا …الدين ….الأعراف …التقاليد
واحدة من فتياتنا تجردت من كل ذلك ….حتى شعرها حلقته ، وأحسب أن لو كان بمقدورها أن تسلخ جلدها لسلخته كما انسلخت من عقيدتها .
ولكننا نقول لهم بل تركتم الحرية وراء ظهوركم ، فدينكم كفل لكم تلك الحرية حين قال القرآن الكريم ….قوله تعالى ” قال تعالى : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) يونس : 99 .
وقيل في ذلك : بيان أن الإكراه على الدين من قطعيات المنهيات ، حتى أصبح مجرد القرب منه والشبه به سبباً للعتاب ولمثل هذا السؤال الاستنكاري .
وقال ” لست عليهم بمسيطر” الغاشية 22
وقال ” فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب”الرعد 13
ويعدد بعض الباحثين أسبابا لإلحاد هؤلاء الشباب غير مسألة الحرية فيذكرون ضعف الثقافة بعامة والانهزامية وحب الظهور ….أو بوصف موضة ….الخ من أسباب .
لكني أقول الإلحاد نفسه عقيدة ….مادام هو نهج اتخذه الإنسان وتمسك به ، ففي أيام روسيا الشيوعية التي هي معقل الإلحاد جعل قبر لينين في مدخل مدينة موسكو بطريقة تجعل الداخل كأنما يطوف به تقديسا للرجل الراقد في الضريح !!
وهناك أمر لابد من الوقوف عنده وهو موقف من يدافعون عن أولئك الملحدين ….فهم يذكرون مبررات لا تصمد أمام جدية النقاش …بل يستشهدون بما ورد في كتاب الله تعالى ، يقولون ألم يقل القرآن ” لكم دينكم ولي دين ” ؟ ويقولون قال ” فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ”
وأسوأ من ذلك الذين يقولون إن الإنقاذ كانت السبب !
وهل سيكون ذلك معذرة لهم أمام الله ؟! فهل الإنقاذ جاءت بالإسلام ؟ لماذا لا تبحث بنفسك وتقارن ؟
فكل ذلك استشهاد في غير محله ….
ولكننا ندعو لهم بالرجوع إلى الحق والهداية .

غريب الدارين

Exit mobile version