رقص «اليوان» و«الروبل» على جثة «الجنيه» السـوداني ..!

[JUSTIFY]اكتفت الولايات المتحدة «سيدة العالم» بالنظر دون تعليق وهي تشاهد تنافس «اليوان» الصيني و«الروبل» الروسي وكلاهما في سباق مع الآخر ليحجز له مقعداً في مقدمة قطار الاستثمار السوداني، ولعل «بكين» أكثر تجذراً وتغلغلاً في جسم الاقتصاد الوطني، فالعلاقة التجارية بين البلدين أزلية و«50» سنة كفيلة بأن تجعل من بكين الشريك الإستراتيجي الأول للخرطوم.. ولكن يبدو أن «روسيا» التفتت أخيراً إلى مصالحها المهملة في «ماما أفريكا»، بجانب أن انهيار الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وترنح الاقتصاد السوداني بعد خروج نفط دولة «الجنوب» الوليدة من حظيرته، قد أثار مطامع الكثير من الباحثين عن الموارد وصائدي الأرباح ورؤوس الأموال وجذبها نحو «قلب أفريقيا».

حسناً فعلت موسكو وهي تدفع بوفد مقدمة يترأسه وزير مواردها الطبيعية سيرغي دينيسكوي للدخول في مباحثات مستفيضة أفضت إلى شراكة تطمح الخرطوم في أن تصبح إستراتيجية في القريب العاجل، إضافةًَ إلى أن الحكومتين وبمباركة رئيس الجمهورية المشير البشير الذي قال:«علاقاتنا مع روسيا على الصعيد السياسي جيدة ويجب أن ترقى على الصعيد الاقتصادي لذات المستوى».

وقعت الحكومتان على بروتوكول تعاون اقتصادي تجاري مشترك وأربعة مذكرات تفاهم بين وزارة المعادن ووزارة الموارد الطبيعية الروسية في مجال المعادن والجيولوجيا وأخرى حول الطرق والسدود والكهرباء، وثالثة في المجال الصحي ورابعة بين اتحاد أصحاب العمل السوداني وأصحاب الأعمال الروس لزيادة فرص التعاون وتبادل الخبرات بينهم.

وزير المعادن محمد الكاروري الذي كان يترأس الجانب السوداني في اللجنة الوزارية المشتركة، وصف الحدث بأنه لبنة أولى لبناء جسر تعاون إستراتيجي مشترك، وتطوير الاقتصاد لمصلحة البلدين، مؤكداً التزام حكومته بمتابعة وتنفيذ توصيات أعمال اللجنة الوزارية التي اختتمت أعمالها نهاية الأسبوع الماضي بفندق كورنيثيا، كما تعهد كاروري بتكوين آلية لمتابعة تلك التوصيات.

ولا ضير في أن تعطي الخرطوم قليلاً من المعادن لموسكو مقابل «القمح والنفط» الذين تعهدت الأخيرة بتوريدهما للسودان.

مقارنة:

وبعقد مقارنة بين حجم الاستثمارات الصينية والروسية في السودان، نجد أن حجم التبادل التجاري الروسي لم يتجاوز الـ«200» مليون دولار في الأعوام الماضية. بينما كانت الصين شريكاً أصيلاً لأكثر من «10» سنوات في استكشاف واستخراج النفط و الغاز بحجم استثمار بلغ «3» مليار دولار في السنوات الأخيرة، وبنسبة شراكة 47% للشركة الوطنية الصينية للبترول أكبر شركة مساهمة في المجال النفطي، حيث كانت تستورد ما يقدر بـ64% من نفط السودان، بخلاف الصفقة البليونية التي وقعتها بكين والخرطوم لإعادة تأهيل السكة الحديد بين الخرطوم وبورتسودان في مطلع العام 2007 بقيمة 1.2بليون دولار.

كل ذلك دفع الحكومة ممثلةً في بنك السودان للتقدم بطلب تداول عملة «اليوان» الصيني كبديل نقدي والاستعاضة به عن الدولار في المعاملات الخارجية، بالرغم من أن كثيراً من الخبراء قلّلو من أهمية الخطوة.. الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج قال: هي فكرة ليس لها معنى، ولن تساهم إلا بقدر يسير في السيطرة على أزمة العملات الأجنبية، ولكنها لن تكون حلاً جذرياً».

وأضاف كبج «لا يجب أن يكون التوجه إلى تداول عملة اليوان مدعاة للتغيير بل يجب أن يشكل إضافة بجانب اليورو و العملات الأخرى»، وأشار إلى أنها عملة منخفضة القيمة مقارنة بباقي العملات.

وعن توقعات كبج لمستقبل المنافسة بين موسكو وبكين في الاستثمار بالسودان، قال: التوجه شرقاً نحو الصين والهند وماليزيا نهج ذكي أخطته الحكومة لتقليل أثر تداعيات الحصار الاقتصادي»، وأضاف أن التعامل التجاري مع الصين به نوع من الإجحاف في حق السودان و قروضهم ليست طويلة المدى مقارنةً مع مؤسسات التمويل العربية»، وتوقع كبج أن تشكل روسيا منافساً شرساً للصين في أفريقيا عموماً وفي السودان تحديداً إذا سارت بحسب الخطة الموضوعة خلال العشر سنوات القادمة».

تبقى مآلات مستقبل: الاستثمار الصيني والروسي أبواب من الاستفهامات مفتوحة على مصراعيها، وآراء الخبراء ستظل بمثابة توقعات،إما أن تدحضها أو تصادق عليها حقيقة وضع الاستثمار في السنوات القليلة القادمة.. فأيهما سيرقص كثيراً «اليوان» أم «الروبل»؟!

صحيفة آخر لحظة
تقرير : مؤمن مصطفى
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version