هنادي محمد عبد المجيد

لماذا نُبْتلى ؟‏

لماذا نُبْتلى ؟‏
الوقوع الإبتلاء على الناس حكماً عظيمة يريد الله بها تحقيق أشياء بعينها ألا وهي :* تحقيق العبودية لله رب العالمين ، فكثير من الناس عبد لهواه وليس عبد لله ، يقول أنه عبدلله ولكنه إذا أُبتلي نكص على عقبيه ، فخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المُبين يقول الله تعالى : [ وَمِنْ النّاسِ مَنْ يَعْبُدْ اللّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْر أطْمَأَنّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدّنيْاَ وَالآخِرَةْ ذَلِكَ هَوَ الخُسْرَانُ المُبِينْ ] الحج ١١ .
* الإبتلاء إعداد للمؤمن للتمكين في الأرض : قيل للإمام الشافعي رحمه الله : أيهما أفضل ؟ الصبر أو المِحنة أو التمكين ؟ فقال : ” التمكين درجة الأنبياء ، ولا يكون التمكين إلا بعد مِحنة ، فإذا اُمتحن صبر ، وإذا صبر مُكّنَ ” .
* كفارة للذنوب : روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { مايزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة } رواه الترمذي .. وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا أراد الله بعبده الخير عجّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة } رواه الترمذي .
* حصول الأجر ورفعة الدرجات : روى مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ ما يُصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة ، أو حطّ عنه بها خطيئة } .
* الإبتلاء فرصة للتفكير في العيوب ومراجعة النفس .
* البلاء درس من دروس التوحيد والإيمان والتوكل : فالإبتلاء يطلعك عملياً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف ، لاحول لك ولا قوة إلا بربك فتتوكل عليه حق التوكل وتلجأ إليه حق اللجوء حينما يسقط الجاه والتيه والخيلاء ، والعجب والغرور والغفلة ، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه ، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه .
قال ابن القيم رحمه الله : ” فلولا أنه سبحانه وتعالى يداوي عباده بأدوية المحن والإبتلاء لطغوا وبغوا وعتوا ، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الإبتلاء والإمتحان على قدر حاله ، يستفرغ به من الأدوات المُهلكة ، حتى إذا هذّبه ونقاه وصفاه ، أهّله لأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه ” .
* الإبتلاء يُخرِج العجب من النفوس ويجعلها أقرب إلى الله : قال ابن حجر :” قوله [ وَيَوْمَ حُنَيْنْ إذْ أَعَجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ] روى يونس بن بكير عن أنس قال : قال رجل يوم حنين : لن نُغلب اليوم من قلّة ، فشق ذلك على النبي صي الله عليه وسلم فكانت الهزيمة “.
* إظهار حقائق الناس ومعادنهم : فهناك أناس لا يُعرف فضلهم إلا في المحن ، قال الفضيل ابن عيّاض :” الناس ماداموا في عافية مستورون ،فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم ، فصار المؤمن إلى ايمانه ، وصار المنافق إلى نفاقه ” .
* الإبتلاء يُربي الرجال ويُعدّهم : اختار الله لنبيه العيش الشديد الذي تخلله الشدائد منذ صغره ليعده للمهمة العظمى التي تنتظره وتحمل المسئولية ومعاناة الشدائد من صغره فنشأ يتيماً وعائلا .
* من حكم هذه الإبتلاءات أن الإنسان يميز بين الأصدقاء الحقيقيين وأصدقاء المصلحة ، وفي ذلك قال الشاعر : جزي الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقي
.. وما شكري لها إلّا لأني عرفت بها عدوي من صديقي .
* الإبتلاء يذكر بالذنوب فنتوب منها : فهو فرصة للتوبة .
* الإبتلاء يكشف حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور .
* الإبتلاء يذكرك بفضل الله عليك ونعمه .
* الشوق إلي الجنة والتي لن تشتاق إليها مالم تذق مرارة الدنيا .
هذه بعض الحكم والمصالح المترتبة علي حصول الإبتلاء وحكمة الله تعالى أعظم وأجل .. والحمدلله
هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]