قطاع الشمال وأحداث الجنوب.. ترقب مشوب بـ «الانتهازية»

[JUSTIFY]إن كانت المحاولة الانقلابية التي أحبطتها حكومة سلفا كير ليست الأولى لكنها تعتبر الأكبر والأخطر من حيث المواجهة مع قوات الحكومة، والأخطر من حيث تفجر الأوضاع في جوبا مما أدى إلى اعتقال أكبر القيادات على رأسهم وزير الدفاع وعدد من الضباط، المحاولة وإن فشلت في إطاحة نظام سلفا كير إلا أنها أحدثت انقلابًا أمنيًا وأحدثت الكثير من المواجهات العسكرية قُتل على إثرها المئات، وتتواصل الأوضاع في التأزم بعد إصابة طائرة أمريكية في بور أُصيب جراءها ثلاثة جنود، فالأوضاع في الجنوب إذا تفاقمت فهي ستؤثر حتمًا على مستقبل العلاقة بين الخرطوم وجوبا ومع تصاعد وتيرة الأحداث بجوبا التي وصلت ذروتها على الرغم من دعوة سلفا كير لنائبه السابق رياك مشار إلا أن الأخير رفض الدعوة واشترط قبول الحوار بتشكيل حكومة انتقالية بمشاركة كل ألوان الطيف السياسي الجنوبي، وتستوعب المعارضة وغيرها من الحركات المسلحة بجانب إقامة انتخابات مبكرة منتصف العام المقبل وإطلاق سراح المعتقلين، شروط مشار يرى مراقبون أنها تريد إطاحة سلفا ونظامه، ويذهب الخبير الإستراتيجي اللواء عباس شاشوق إلى أن الأمور ستمضي إلى غير صالح السودان، وربما ستقود إلى تعقيدات كبيرة خاصة في ملفات فك ارتباط جوبا بقطاع الشمال، وتراجع الترتيبات الأمنية التي قطع فيها سلفا كير شوطًا كبيرًا مع الخرطوم، وعلى الرغم من أن مشار قد صرح بأن النفط مستمر بالتدفق ولن يتأثر بالأحداث لكن يبقى الحذر والترقب من قبل الخرطوم من أن يشهد ملف النفط تعقيدات جديدة إذا تصاعدت الأوضاع في الجنوب وتمت إطاحة سلفا كير خاصة أن جل المعارضين لحكومة سلفا يؤيدون فكرة إيجاد بديل للتصدير غير الأنبوب السوداني.
قطاع الشمال إلى أين؟ ظل قطاع الشمال يفقد يوميًا منذ فترة جزءًا من علاقته بدولة جنوب السودان جراء سياسات سلفا كير الإصلاحية التي جاءت متتابعة وأدت إلى إقصاء أولاد قرنق من حكومته، فكانت تلك التعديلات الحكومية الأخيرة أكبر ضربة لقطاع الشمال باعتبار أن أولاد قرنق هم من ظلوا يقدمون الدعم لقطاع الشمال «ربيكا وباقان ودينق ألور وآن إيتو وآخرين معتبرًا ثلاثي قطاع الشمال «عقار والحلور وعرمان» أول الخاسرين. وبالنظر إلى ما يحدث في الجنوب ومع تصاعد الأحداث يبرز قطاع الشمال المستفيد الأكبر من إطاحة نظام سلفا كير مما يخلق تأثيرًا على علاقة جوبا والخرطوم ويرى المحلل السياسي الخبير الإستراتيجي اللواء «م» عباس شاشوق خلال حديثه للصحيفة أن من مصلحة الخرطوم استقرار الأوضاع في جوبا واستمرار السلطة الحاكمة في جوبا لأنها تعمل لخلق الاستقرار وعودة العلاقات بين الدولتين، على الرغم من وجود مجموعات متصارعة منذ الانفصال حيث حدثت مشادات بين مجموعات في الحركة إبان الانفصال، وهذه المجموعات تتكون من تيارات قبلية مختلفة ومتباينة الآراء من حيث الأهداف، بينما ترى مجموعات الاستمرار في النهج الثوري، وبرزت تيارات تنادي بضرورة الاستقرار مع السودان لأن الجنوب مرتبط اقتصاديًا به وأن لا خيار لإصلاح الأوضاع المتردية إلا بتحسين العلاقة مع الخرطوم، بينما ظلت تيارات أخرى تنادي بفصل أبيي عن السودان، لكن هذا التيار لم يجد السند الكافي إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في الجنوب وخاصة بعد إيقاف مرور النفط عن طريق السودان. وستعود بقوة الاتهامات المتبادلة بدعم وإيواء متمردي البلدين، كل هذه الاحتمالات واردة بدرجات كبيرة، لأن ذهاب سلفا كير يعني عودة التحالف الذي أشرنا إليه بمكوناته وأهدافه، ومشروعه القديم المتجدد، وستعود جوبا لاحتضان كل المسلحين السودانيين والدفع بهم في اتجاه الحرب.
هل ستنجح المبادرات؟ أُطلقت مبادرات ووساطات إفريقية للوصول إلى إيجاد مخرج وإيقاف العمليات المسلحة التي تحدث بدولة الجنوب. فبعد يوم من تصاعد الأحداث غادر وزير الخارجية علي كرتي إلى جوبا وكذلك وزراء خارجية دول الإيقاد وذلك بهدف إجراء مباحثات لتهدئة الأوضاع جراء الأحداث.. الوفد يضم أيضاً مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي بجانب سفراء دول الإيقاد في إثيوبيا مضيفاً أن الوفد سيلتقي بالفريق سلفا كير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان في إطار مهمته. وأمس غادر الوسطاء إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وأوفدت الولايات المتحدة مبعوثها للسودان السفير دونالد بوث للمساعدة على دفع المحادثات.. إذًا فالوساطات أُطلقت على المستوى الإقليمي والدولي ويشارك السودان فيها بوزير الخارجية، فهل سيجلس الطرفان للخروج من تلك الأزمة التي تهدد دولة الجنوب والتي لها تاثير مباشر على السودان خاصة أن وفدًا عسكريًا إسرائيليًا وصل إلى جوبا للتوسط لإيقاف وإنهاء عمليات العنف وذلك بحسب موقع ديبكا الإسرائيلي.

صحيفة الإنتباهة
هنادي عبد اللطيف
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version