من الصحافة والى الصحافة

[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]من الصحافة والى الصحافة [/ALIGN] فلتهنأ ذاكرة الصحافة السودانية بقامته المهنية العالية الرفيعة.. منها تفجرت عبقرية والى رحاب ثرى مقبرة الصحافة أستراح من عناء ورهق مهنة لا تعرف الركون ولا الألوان الرمادية.. أسود وأبيض.. فكان ذلك المتجلي ما بين اليوم والأمس ما بين التحضر بغربيته المرتبة وسودانيته الأصيلة بنيلها وجروفها، فكان «حسن ساتي» السيناريو والحروف وتسلسل التفاصيل في جمال ورقة.. أدب رفيع.. وقلم متأنق شفيف.. أذكره الآن ببدلته الأنيقة «الفل سوت» وهندامه الذي ينم عن نمط مرتب الظواهر.. دلفت اليه صغيرتي المشاغبة «ولاء» في مكتبه في ذلك اليوم، فلحقتها حتى لا تعبث بمقتنيات مكتبه فوجدته قد رحب بها وسألني أن أجلس، فوجدت في كلامه أنساً راقٍ وثقافة عالية أشعرتني بضآلة بينة.. ومرة أخرى أذكره عندما ربت على كتفي إحتفاءً بما كتبته عن رحلتي الى سوريا.. فكان تعبيره ذلك جسراً واضحاً للدفع والتواصل ما بين جيله المعتق وأبناء اليوم.. وكم لمست حزناً بيناً عليه عندما أصطدم مشروعه لتكريم أبناء الوطن ببعض المصاعب التي كادت أن تعيده قافلاً الى مهجره مدينة الضباب.. التي ألفها وألفته، ولكن العودة للوطن كانت هي الأقوى وأنتصر قلمه لصف الوطن، فعاد ليكتب لإنسان السودان «صاحب العمل».. محاولاً أن يباعد بينه وبين الموت «سمبلة».. ولكم كان هذا الرجل طموحاً لا يهدأ له بال.. فكان دوماً متطلعاً للتطور والجديد، حدثني ذات مرة عن إعتزامه الخروج بإصدارة جديدة.. رؤى وأفكاراً تشف عن خبرة صحفية عالية معتقة.. ندعو الله أن يبدلك خيراً عما تركته من إرث مهني رحمة وغفراناً والموت مصير محتوم وكأس كلنا سنشربه، ولكنا الآن الأكثر حزناً في هذه الصحيفة المكلومة بفقدك كما كلمنا من قبل.. وتأبى أقدار المنون إلا أن تلتقط الثمار الناضجة من بستان «آخر لحظة» المثمر بحب القراء كما أسماهم الراحل «أصحاب العمل».. ويكفيه شهادة أن قلمه لم ينكسر يوماً حتى لحظاته الأخيرة.. ما تركه إلا تحت وطأة وسلطان الموت ورغم ذلك لم يتركه معوجاً ولا مسكوب المداد بلا فهم ولا رؤى.. فلتحفه السماء برحمتها، فقد كان رجلاً من رجال بلادي الزاهدين إلا من الثقافة والفهم.. فهل يجود عليه «أصحاب العمل» بهبة الدعاء التي نحتاجها جميعاً أمواتاً وأحياء.. آخر الكلام: تمضي الأيام تحمل الكثير.. ولا يبقى إلا الجهد والعرق لمن أراد أن تبقى له الذكرى خالصة.. و«حسن ساتي» اسم له بريقه.. عبرت روحه الى دار البقاء وتبقى كلماته مموسقة في وجدان قرائه أختلفوا معه أم أتفقوا.. ولكنه قلم عصي على التجاوز أو النسيان.
سياج – آخر لحظة -العدد 836 [/ALIGN]
Exit mobile version