لكن ربما التدخل المطلوب من الخرطوم تجاه الأزمة الجنوبية قد يكون مطلوباً بدعوة الفرقاء للحوار سيما وأن الوساطة الأفريقية تلقت موافقة من الرئيس سلفاكير وخصمه رياك مشار بالحوار غير المشروط.. وكان مشار قد وضع ثلاثة شروط للحوار وهي تشكيل حكومة انتقالية بمشاركة واسعة لكل الجنوبيين، تعجيل الانتخابات بإقامتها منتصف العام المقبل وإطلاق سراح المعتقلين.
ومع تأزم الأوضاع في الجنوب خاصة بعد التدخل الأمريكي واليوغندي وتعقدها على الأرض خاصة في ولايتي الوحدة وجونقلي.. تبدو الحاجة ملحة لإيقاف صوت الرصاص خاصة في ظل موجة النزوح العالية واقتراب الصراع من مناطق البترول.. بل إن مصادر أكدت لآخر لحظة أمس توقف ضخ النفط في الجنوب.. وكان القيادي بالحركة الشعبية لوكا بيونق قد قال لشبكة الشروق إن تركيز مشار في الهيمنة على مناطق البترول في ولايتي أعالي النيل والوحدة سيشل انسياب البترول.
ولعل التقدم الكبير الذي أحرزه مشار وأنصاره يدفع نظام جوبا نحو السعي الجاد للجلوس لطاولة الحوار سيما أن لوكا وصف سيطرة مشار على جونقلي بالمكسب الكبير.. وكشف أن رياك غنم معدات عسكرية ضخمة كانت أرسلتها الحكومة الجنوبية إلى هناك من أجل القضاء على تمرد الجنرال ياو ياو.
وبالتالي من خلال سيطرة مشار على مناطق النفط والحديث عن توقف النفط وتأثير ذلك على السودان سيما وأن الرئيس البشير في لقاء له أمس الأول بأعضاء حكومته الجدد والقدامى أعرب عن قلق السودان من ما يجري في الجنوب.. وإذا كانت هذه رؤية رئيس الجمهورية فمن الأجدى طرح وساطة من جانب الخرطوم كما قالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري د. فاطمة العاقب وأشارت إلى تصريحات رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بإعلانه أنهم أكثر دراية بتعقيدات جوبا وعدم ممانعتهم في التوسط.. وقالت لـ «آخر لحظة» الحكومة مطالبة بالتحرك سياسياً قبل أن يلحقها ضرر توقف ضخ النفط، ونوهت إلى خطورة ذلك بالإشارة كذلك إلى تدفق اللاجئين.
وكانت أخبار نشرتها الزميلة «الخرطوم» أمس حملت توقعات بوصول ألفي جنوبي إلى النيل الأبيض وسنار فضلاً عن تخوفات من تدفق الفارين إلى جنوب كردفان.
علاقة الخرطوم بجوبا يمكن أن تستثمر في محورين، الأول الاستفادة من الصلة القوية للرئيس البشير بسلفاكير، والثانية استثمار العلاقة الأوثق للنائب الأول السابق علي عثمان برياك مشار أو على أقل تقدير لعب الحكومة لدور أكبر من خلال الوساطة الأفريقية غير متناسين أن الجبهة الثورية أو قطاع الشمال من الممكن أن يستثمرا في الأزمة الجنوبية سيما وأن النظام الجنوبي سعى مؤخراً لإيقاف الإمداد والدعم الذي كان يحظى به خصوم الخرطوم ما يتطلب من الأخيرة خلق جدار من التحسبات خلال متابعتها للشأن الجنوبي.. والواقع يفرض على الخرطوم حماية مصالحها بالكيفية التي تجعل الموقف الرسمي في مأمن من الأزمة الجنوبية خاصة وأن جهات أخرى سعت للتوسط وبالقطع بهدف حماية مصالحها مثل يوغندا التي تمادت وتدخلت عسكرياً بقصف مدينة بور بولاية جونقلي التي يوجد فيها حليف مشار، الجنرال فيتر قديت.
ومهما يكن من أمر فإن الغليان الذي تشهده دول الجوار مصر، ليبيا، أفريقيا الوسطى والآن دولة الجنوب يستدعي من الخرطوم أن ترمي بثقلها في تحريك تلك الملفات دبلوماسياً.
صحيفة آخر لحظة
أسامة عبد الماجد
ت.إ[/JUSTIFY]