وما يثير المخاوف ويجعل الناس يندفعون دفعاً في اتجاه التحريض على الحزب الحاكم والحكومة بالمضي قدماً في إقرار الإصلاحات يعود إلى أن تغيير الوجوه من قبل الحزب الحاكم سبق السياسات وهذه مسألة معكوسة في تشخيص الحالة ومعالجتها ثم إن الأحزاب من جانب آخر مطالبة هي أيضاً بالتخلي عن النزعة الإقصائية وعزمها على إسقاط النظام دونما النظر إلى ما يطرحه من إصلاحات لاستقامة مسار الحكم حتى وإن جاءت الفرصة متأخرة.
شهادة لله نقولها إن المؤتمر الوطني في مراجعاته الأخيرة لأدائه ولأداء الحكومة أجرى تعديلات جوهرية في معظم الوجوه ويكفي دليلاً على ذلك خروج النائب الأول للرئيس ومساعده من الحكومة ومن رئاسة الحزب ما يعني أن المؤتمر الوطني أدرك أنه سيفقد الحكومة والحزب معاً إذا ما استمر على حاله الراهن وأن الإصلاح بات ضرورة بقاء دونه الانزلاق الجمعي في الهاوية، لكن المثير للدهشة أن القوى السياسية الشريكة في الحكومة مع المؤتمر الوطني لم تُجرِ أي تغييرات في طاقمها الوزاري وكأنما المعنيون بموجة التغييرات هم وزراء الوطني فقط وكأنما هم المسؤولون دون غيرهم عن التقصير والفشل في أداء الحكومة وهذه مسألة مرفوضة في الممارسة السياسية وينبغي اذا أقر الرئيس تغييراً في الحكومة أن يطول ذلك حتى القوى السياسية الأخرى المتحالفة مع الحزب الحاكم لأنها تتحمل بالضرورة مع الحزب الحاكم كل الإخفاقات التي طالت فترة الحكم المعنية وهم جميعاً مسؤولون أمام الجماهير عنها، وهذه رسالة مرفوعة لمولانا الميرغني والدقير ونهار وكودي والياقوتي وآخرين، غير أن عملية الاستبدال في الوجوه ليست كافية بمعزل عن السياسات والمشروعات التي تبين المعالم الأساسية لتوجهات الحزب الإصلاحية وتحاكمه بمدى جديته من عدمها في التطبيق وصولاً للتحول الذي بشر به فالمؤتمر الوطني ينبغي ألا يباهي الأحزاب السياسية المعارضة بحركة تعديلاته طالما هو لم يقدم على خطوات جادة في إقامة قيم العدالة والحرية والديمقراطية وترسيخ الشفافية في الأداء السياسي بما يفتح الحياة السياسية العامة لقبول المشاركة في صياغة ميثاق سياسي دستوري يتوافق عليه الجميع لكونه يمثل مطلوبات المرحلة، نأمل أن يكون حديث النائب الأول الفريق بكري حسن صالح مع الصحفيين أمس الأول وحديث النائب الأول السابق الأستاذ علي عثمان في برنامج في الواجهة مع الأستاذ أحمد البلال الطيب وما جاء في إفادات للبروف إبراهيم غندور في برنامج مؤتمر إذاعي يوم الجمعة الماضية نأمل أن تكون كل هذه الأحاديث بمثابة رؤية تشكل الإطار لميثاق سياسي يقود المرحلة المقبلة مع مختلف المكونات السياسية للبلاد بلا إقصاءات أو عزل لأحد.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش