حدود مفتوحة:
وأشارت الدراسات إلى أن السودان قارة ممتدة لآلاف الأميال، ومفتوحة دون عوائق طبيعة مع تسع دول، أغلبها يتذيل قائمة الدول الأشد فقرا في العالم «مصر، ليبيا، أثيوبيا، كينيا، أريتريا، يوغندا، الكنغو، أفريقيا الوسطى وتشاد»، وهذه الحدود المفتوحة تجعل من الصعوبة البالغة للسلطات السودانية الحيلولة دون أو منع هذا التسلل غير الشرعي، خاصة من دول الجوار، وهو وإن كان محدوداً إلا إنه يحمل في ثناياه أخطاراً كبيرة وغير مرئية تهدد المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع فقـد ظهرت ممارسات خطيرة تهدد المجتمع السوداني. ووفق إحصاءات السجلات الرسمية، أوضح مصدر موثوق لـ «الصحافة» أن عدد الجرائم المرتكبة بواسطة الأجانب بلغ في عام 2002م «1558» جريمة، تمثلت في القتل والشروع في الانتحار والجراح العمد والأفعال الفاضحة والسرقة والاحتيال وغيرها من الجرائم المرتكبة ضد المال، أما عددها في عام 2003م فقد بلغ «2317» جريمة، وفي عام 2004م بلغت حتى شهر أغسطس «1113» جريمة. وسجلت سجلات الشرطة العديد من الجرائم كان أغلبها في الأموال مثال الهروب بأموال الشركاء والسرقات والنهب والامتلاك الجنائي للأموال.
وتحمل العمالة الوافدة وخصوصاً الآسيوية من شبه القارة الهندية والصين الى السودان، ثقافتها الخاصة والمختلفة، وخصوصاً المربيات اللاتي يؤثرن على العادات والتقاليد والقيم، وخاصة في ما يتعلق بالشعائر الدينية، والعلاقات وأنماط السلوك والملبس والمأكل، وكذلك الثقافة والتآلف الاجتماعي خاصة عند انشغال الوالدين، أو تدني مستواهما التعليمي.
فجوات وظيفية:
ويخشى بعض الاقتصاديين من أن تترتب على تشغيل العمالة الوافدة وخصوصاً الأجنبية والاعتماد لأمد طويل عليها، انعكاسات أمنيـة، ثقافيـة، سياسيـة، خطيرة على المجتمع السوداني، من اخطرها تفشي العطالة والممارسات اللا أخلاقية، وغيرها من الظواهر التي ساعد على انتشارها وجود الفجوات الوظيفية والاجتماعية، اهمها الاقتصادية التي صادفت ثورة التعليم العالي، مع الظروف المعيشية القاسية نتيجة لارتفاع أسعار المواد الضرورية، مع قلة فرص العمل والعائد غير المجزئ، مشيرين إلى انها اسباب حالت دون تحقيق الحياة الملائمة لبعضهم.
وزادوا بأن العمالة الوافدة تشكل مصدر استنزاف للموارد الاقتصادية نظير الأجور التــي يتقاضونها، وقد قدرت بعض الدراسات هذه التكلفة بأكثر من ضعفي الأجر النقدي.
واذا كانت أجورهم عالية أو مرتفعة لتردد كثير من أصحاب العمل في استقدامهم، أو على الأقل لكان هناك تفكير قبل الإكثار منهم، وكذلك ساعد في ذلك سوء الأوضاع الاقتصادية، وانخفاض الأجور، وانتشار البطالة في الدول المصدرة لهذه العمالة.
وفي تصريح سابق منسوب للواء ركن معاش معتصم الريح عبيد، أوردته صحيفة سودانية، الذي يعمل في إدارة شركة تعمل في مجال النفط وهو القطاع الذي يستوعب إعدادا كبيرة من العمال الوافدين، قال: نحن بحاجة ماسة إلى العمالة الاجنبية، لأننا بصفتنا سودانيين لا نعمل في بلادنا مع إننا نعمل بالخارج. وأضاف إن العمالة السودانية في الخارج مميزة، وهو الشيء المحير.. فلماذا تعمل بكفاءة في الخارج وتعجز عن العمل ببلادها. وقال إن المستثمرين ليست لديهم ثقة في العمالة السودانية، لذا يلجأون الى العمالة الأجنبية، بالإضافة إلى أن بعض التخصصات المطلوبة في مجال البترول مثلا غير متوفرة في السودان ولم يدرسها السودانيون، ويذهب غالبا نحو الدراسة النظرية. ويرى اللواء أن اللغة ستكون حائلاً، لأن بعض المهندسين السودانيين لا يجيدون اللغة الانجليزية، لذا يجدون صعوبات عديدة في العمل.
تقنين عمالة:
ومن جانبة أكد أمين شؤون الولايات بالاتحاد العام لنقابات عمال السودان آدم فضل لـ «الصحافة» أن العمالة الأجنبية تؤثر على البنية التحتية للبلاد، نتيجة لانتشار البطالة والامراض، وانتقال بعض الظواهر والعادات والجرائم الدخيلة على المجتمع دون تقنين من الدولة لهذه العمالة، وحصرها في أضيق نطاق واقتصارها على التخصصات النادرة فقط، مع ضرورة وجود اتحادات عالمية لمراعاة حقوق العامل لمعالجة التخصصات الموجودة بالدولة، مع وجود جهات مشرفة تقرر أهمية هذه التخصصات ونسب العمالة الضرورية، مثل النوع، المهنة، الأعمار، الصحة. ونادت بعض الاتحادات والنقابات العمالية خلال أوراق قدمت في ندوات أو ورش سابقا، بضرورة تدخل الجهات ذات الصلة، خاصة وزارات العمل والصحة والداخلية باعتبارها الجهات التي تعطي الإشارة الخضراء لهذه العمالة لممارسة نشاطها في كافة المجالات، سواء أكانت ضرورية أو هامشية.
وفي استطلاعات «الصحافة» لبعض الشركات التي تمتلك عمالة أجنبية، أبانت أنه لا يوجد ما يمنع استجلاب دولة لعمالة خارجية من دولة أخرى، رغم دخول السودان عبر عائداته البترولية في دورة الاقتصاد التي أعطت الثقة الكبيرة لمؤسسات وبيوتات التمويل الإقليمية والدولية، لعكس أداء حراكها الاقتصادي، باعتبارها تشهد نموا مضطردا.
فاطمة صباحي :الصحافة
[/ALIGN]