هنادي محمد عبد المجيد
التدين وحقيقته
إسمحوا لي أن أضع معكم تصوراً للتدين الذي نقبله جميعاً ولا نختلف معه أو عليه ، تدينا يحمل سمات كل شرائح المجتمع وثقافاته ، بحيث يتقبله الجميع ولا ينفر منه طبع بشر ، لأن التدين مرتبط بدين والمعروف أن هذا الدين هو دين الإسلام المرن الذي يتناسب وجميع الطبائع البشرية على اختلافها ، لذلك يسهُل علينا وضع تصور محدد للشخصية المتدينة ووصفها بعدد من الصفات فنقول : أن الشخصية المتدينة هي شخصية متوازنة رقيقة الروح شفافة النفس ، صافية القلب ، دائمة التطهير لنفسها من الأمراض النفسية المُلازمة للنفس مثل الغل والحسد ، مستعينة على ذلك بالعبادات لتحقيق هذا التوازن والإلتحام الروحي والسلام النفسي .
أن الشخصية المتدينة هي شخصية ذات ثقافة وفكر تعتمد الأسلوب العلمي كمنهج للتفكير السليم ، والثقافة كوسيلة للحوار ، يستطيع التمييز بين الثقافة الغثة والثمينة فيضفي على خبراته مما صَلُح من ثقافات الغير وينبذ ما يخالف أصول دينه منها ، ويكون حلقة وصل بين الحضارة التي يمثلها والحضارات الأخرى .
الشخصية المتدينة شخصية قوية البنية البدنية كما هي قوية البنية الفكرية ، فهذا لا ينفصل عن ذاك ، يهتم بتنمية قواه البدنية بتحريه المطعم الحلال ، والإهتمام بعلاج بدنه دون إهمال وممارسة الرياضات البدنية التي تقوي البنية وتبنيها ليقوم بواجب الدفاع عن نفسه وماله وعرضه ودينه ووطنه ، تحقيقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وفي كلاهما خير }.
الشخصية المتدينة هي شخصية تتسم بالخلق الرفيع السامي النبيل ، فترى صاحبها متميزاً بسلوك الأمانة والصدق والتواضع والعزة والحياء ويقابل السيئة بالحسنة ويتميز بحسن الخلق ، لا يعرف الكآبة والعبوس في وجوه خلق الله ، ليس فظاً غليظاً بل مُترفقاً رحيماً ، نابذاً للمخالفة مُحباً للألفة والموافقة ، مُثبتاً لقول النبي الكريم { إنّما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق } .
الشخصية المتدينة شخصية حسنة التقدير للأمور فهي متوازنة تضع الأمور في نصابها الصحيح ، ولا تُقدّم المظهر على الجوهر ، فهي عميقة النظرة للأمور صائبة التحليل للمواقف ، ذات أهداف سامية مترفعة عن ترهات الأمور وصغائرها .
الشخصية المتدينة شخصية مثالية إن كان إبناً فهو يعرف حقوق والديه وإن كانا مُشركيْن ، وإن كان زوجاً فهو خير الناس لأهله لا يهجر ولا يظلم ولا ينسى فضل زوجته ، يتجمّل لها كما تتجمل له ، يعفو عن أخطائها ويتناسى زلاّتها ، يتواضع في بيته كما كان يفعل نبي الله ورسوله سيدنا محمد قدوتنا ، وهو أب مثالي لأبنائه يؤاخيهم و يمنحهم عاطفته وماله ، ينئى عن النزاع مع زوجته أمام أطفاله ، يُربي أبناءه علي مكارم الأخلاق .
الشخصية المتدينة هي الشخصية المنتجة المتعاونة ، فالمسلم المتدين يتهيأ لعمله كما يتهيأ لصلاته لأنه يرى أن العمل عبادة ، ويجوّد انتاجه حتى لو لم يتابعه أحد فهو يعلم أن الله يراقبه وأن ناتج هذا العمل مردود عليه بالكامل ، فلا غش ولا خداع ولا كذب ولااحتكار ولاجشع ولا رشوة ولا نفاق ، ويقول الحق ولو على نفسه .
الشخصية المتدينة هي طبيبة المجتمع أجمع ، فالمتدين ليس بطبيب نفسه فقط بل أن سلوكه يعم المجتمع بأسره فهو يرى حق مجتمعه عليه قبل أن يطالب بحقوقه ، وينشر الخير وينادي بالفضائل ، ويحث على النظافة والطُّهر والعفة والنقاء، وهو دائما إيجابي تجاه مجتمعه ، يتقدم بكل مفيد لحل المشاكل ، يوقر الكبير ويحنو على الصغير
يحرص على هندامه دون إسراف ولا خيلاء ولا تكبر ، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،{ إن الله جميل يحب الجمال } هذه هي حقيقة التدين الحق بعيدا عن التمييز والعصبية والتشدد والتشرذم .. والحمدلله هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]