مرحباً يا رمضان

مرحباً يا رمضان
ها نحن ذا في انتظار ذلك الضيف الكريم العزيز ، والذي لا يزورنا سوى مرة واحدة كل عام ، يأتي بخيره ويذهب بشرورنا ، فالكل يترقب هذه الزيارة بوجل ومحبة وفرحة
كيف لا نفرح به ، وفيه تصفو النفوس وتجود بالتسامح والمحبة ، كيف لا نفرح به وفيه تهفو القلوب إلى بارئها بفطرة سليمة ، كيف لا نفرح به وهو الذي يجمع شمل الأُسر المشتتة ، ويؤلِّفْ بين القلوب المتنافرة ، ويقوّم سلوك قد اعوج طيلة عام انصرم ، رمضان شهر الرحمة والغفران مرحباً بك بيننا في كل عام ..
تعالوا نتذكر فضل رمضان علينا ، في كلمات سيد المرسلين وخاتم النبيين ، وقد خبرنا أن الصيام هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بِنِيّة ،، وهو إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب ومباشرة النساء ، ومافي حكمهم خلال يوم كامل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنيّة التقرب إلى الله تعالى .. قال الله تعالى : [ وَكُلُوا وَاَشْرَبُوا حَتَى يَتَبَيّنَ لَكُمْ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الَخْيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الفَجْرِ ثُمّ أَتِمّوا الصّيَاَم إِلَى الّليْلِ ] سورة البقرة ١٨٧ .
وفي الحديث الشريف قوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة { كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي } متفق عليه .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { قال الله عزوجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جُنّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل ، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم – مرتين – والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك ، وللصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفِطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه } رواه مسلم والنسائي .
وعن عبدالله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفّعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفّعني فيه ، فيشفعان } رواه أحمد بسند صحيح .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا } رواه الجماعة إلا أبا داوود .
وللصيام ركنان إثنان : الركن الأول هو : * النِيّة : لقوله تعالى :[ وَمَا أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ ] البينة ٥ ، ،وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى } رواه البخاري ومسلم ،، وتصح في أي جزء من أجزاء الليل ، ولا يشترط التلفظ بها ، فإنها عمل قلبي لا دخل للسان فيه ، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل امتثالاً لأمر الله وطلباً لوجهه الكريم ، فمن تسحر بالليل قاصداً الصيام تقرُّباً إلى الله بهذا الإمساك فهو ناوٍ كذلك ، وإن لم يتسحر .
الركن الثاني من أركان الصوم هو :* الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلي غروب الشمس .
** رمضان له نفحاته الخاصة ففيه نحافظ على صلاة الجماعة ، ونؤدي زكاة الفطر ، وفيه نصل أرحامنا ، وفيه نبر والدينا ، ونتفقد الجيران ، ونصفح عن الناس ، ولا نُسرف ، ونهتم بشئون إخواننا من المسلمين ، وفيه نحفظ الأمانات ، وفيه نتقبّل النصح ، وفيه نحذر من الرياء ونتجنبه ، وفيه نحب لإخواننا ما نحب لأنفسنا ، وفيه نسعى للإصلاح بين الناس ، وفيه نتجنب الغيبة والنميمة وفيه نتدبر القرآن ومعانيه ، وفيه نقوم الليل : قال صلى الله عليه وسلم : { من قام رمضان إيماناً واحتسابا غُفِر له ماتقدم من ذنبه } متفق عليه ،، وقال :{ من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليله } رواه أهل السنن وحسن والترمذي .
** التسامح والإعراض عن الجاهلين من النفحات الرمضانية الخالصة والسبب أن الروح ترتقي مراقي أخرى في رمضان ، والنفس تصفو وتسمو ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله في أن يدع طعامه وشرابه } رواه البخاري .
** ومن نفحات رمضان الخاصة الإجتهاد في العشر الأواخر من الشهر الفضيل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدّ مِئْزَرَهُ وأحيا ليله وأيقظ أهله .
فالصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب ، بل هو أيضا امتناع عن معصية الله وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم :{ كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش } ، فالصيام يُنَقّي القلب ، وعلى المسلم أن يلتزم بالأخلاق الطيبة والسلوك القويم في رمضان ، ومن المهم أن نتذكر أنه على المسلم أن يتّصف بالأخلاق الحميدة دائماً وأن يستغل شهر رمضان لتدريب النفس على هذه الأخلاق فتصبح أخلاق أصيلة ودائمة وملازمة لنا طيلة العام وليست حكراً على رمضان وحده .
** الإعتذار عن الخطأ والتسامح من النفحات الرمضانية الخاصة لأن رمضان شهر التسامح والغفران ، والمسلم في هذا الشهر يتحلى بالأخلاق الكريمة ويعامل الناس معاملة حسنة ، وإذا أخطأ المسلم في حق أخيه ندِم على ذلك وسارع بالإعتذار إليه .
لا ننسى أن ما يُمَيّزْ هذا الشهر الفضيل أن أوّلَهُ رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ،، اللهم أعِنّا على نَيْل هذا الفضْل العظيم بفضلك وبركتك يا الله ،، اللهم آمين .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]

[/SIZE]
Exit mobile version