السودان: التغيير والاصلاح قفزتان فى الميدان السياسى

مرت مسيرة الانقاذ التى تتولى امر البلاد بأربعة مراحل (نسخ) كما اسماها المراقب والمحلل السياسى أ. عوض الكريم حيث قال ان النسخة الاولى كانت فى 1989م واجهة عسكرية والنسخة الثانية كانت فى 1999م حينما وقعت المفاصلة والنسخة الثالثة فى 2005م بعد توقيع اتفاقية مشاكوس للسلام مع الزعيم الراحل قرنق .اما النسخة الرابعة فهى الان وتمثل نسخة التغيير الكبير فى قيادات وكوادر الانقاذ التى اراحت بعضها ورفعت بعضها .
يقول البروفيسور ابراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية ونائبه للشئون الحزبية والذى حل محل الدكتور نافع على نافع فى اخر لقاء اذاعى معه ان التعديل الاخير ليس هو اول تعديل في الحكومة ولكن ربما يكون الاكبر والاشمل الا ان الملفت للانتباه انه قد شمل شخصيات لها وزنها وثقلها السياسي وبصماتها في العمل التنفيذي والتشريعي والعمل السياسي في هذا البلد لذلك استغرب الناس عن دواعي هذا التغيير البعض ذهبت به الظنون الى ان هنالك صراعات والبعض الآخر ذهيت به ظنون اخرى بأن المؤتمر الوطني يحاول ان يعد جيل لاستبدال جيل آخر لكن هذا التعديل جاء من اجل تجديد الدماء ومن اجل الدفع بقوى جديدة والدفع باضافات جديدة .
فى اواخر خمسينيات القرن الماضى حدث صراع سياسى ثم اعقبه
اول تغيير في حكومة المرحوم عبدالله خليل عندما كانت محاولات التغيير كان من نتيجتها كما يقال في التاريخ ويكتب تسليم الحكومة للفريق عبود وقيادة الجيش آنذاك وعندما جاء استبدال رئيس وزراء برئيس وزراء فيما بين المرحوم محمد احمدالمحجوب والامام الصادق المهدي ايضا كانت هنالك مساجلات وخلافات وخلافه وحتى في ما قبل الانقاذ بعد انتفاضة رجب ابريل ايضا كان السجال عندما يغير نائب رئيس الوزراء او وزير الداخلية كان السجال والصراع يخرج الى العلن لكن الحاضر الراهن يشير الى ان مجلس احزاب حكومة الوحدة الوطنية يجمع كل الاحزاب المشاركة في الحكومة الحالية وله مقر وله امانة عامة وله لقاءات دورية واجتماعات منتظمة ويناقش كل القضايا الكبرى التي تهم الوطن ويتخذ فيها قرارات وهذه من الاشياء التي يجب ان تخرج للمجتمع ويعرف بها الناس لان البعض يعتقد بان المؤتمر الوطني هو الذي يفعل كل شئ لكن المجلس فاعل وموجود ومرتبط مباشرة في علاقاته بالقطاع السياسي للمؤتمر الوطني وامانة العلاقات السياسية وبالتالي يتم الاتفاق على هذه السياسات .
والحاضر الراهن كذلك يحمد لحزب الامة والامام الصادق المهدي على وجه الخصوص (الحديث لغندور) وهو رجل اتسم بالعقلانية ورجل وطنيته لا تحتاج الى تقييم من احد وذكائه وقدرته غير مشكوك فيها جعلت مواقفه متوازنة جدا بل الاكثر توازنا ينتقد الحكومة عندما يرى خطأ ولكن لن يمانع بان يشيد باي خطوة ايجابية تتخذها.
والراهن ايضا يعترف بأن المؤتمر الشعبي الذى يقوده الشيخ الدكتور حسن الترابي رجل له اسهاماته الفكرية ومكانته السياسية الوطنية والاقليمية والدولية معلومة ويضم الحزب قيادات وقدرات ويحمد للمؤتمر الشعبي انه لم يعلن رفضه للحوار مع المؤتمر الوطني صراحة و ولديهم مواقف ايجابية جدا تجاه قضية التغيير العسكري ويرى الترابي ان اي محاولة تغيير عسكري ستحول السودان الى صومال آخر ولديهم موقف ثابت في قضية الشريعة ولديهم ايضا موقف واضح جدا في التحالف مع من يحملون البندقية و من الجبهة الثورية والتغيير المسلح وبالتالى موقفهم في قضايا كثيرة واضح وايجابي وله منابع وطنية .
والراهن حقيقة يؤكد ان الاحزاب العربية احزاب البعث والناصري بكل فروعها لها مواقف ايجابية تجاه التحالف مع الجبهة الثورية وهذا ايضا من المسائل الايجابية

المؤتمر الوطني وعلى لسان البروف غندور رحب باي معارضة وطنية تأخذ في الحسبان ان قضية التغيير يجب ان تكون ديمقراطية وقضية المعارضة يجب ان تكون موضوعية .وفي آخر لقاء تم بين الرئيس البشير والامام الصادق المهدي تم الاتفاق على قضايا يجب ان تكون قومية كالاعلام والسلام والاقتصاد ولابد ان يكون الحوار حولها قوميا ولذلك ظل المؤتمر الوطني ينادي على الدوام ويطلب من كل القوى السياسية في الحكومة والمعارضة الاتفاق على ثوابت في الدين وفي الاقتصادوفي نظام الحكم .
والراهن يقول ان الذين يرفضون النظام الرئاسي قلة والذين يرفضون الاقتصاد الحر قلة والذين يرفضون قضية الشريعة قلة بل قلة صغيرة جدا بالتالي هناك ثوابت ربما لا يكون عليها اجماع مائة في المائة لكن قطعا عليها اجماع كبير .
اخيرا ما قام به حزب المؤتمر الوطنى يعد قفزتان فى الميدان السياسى وينتظر ان تبادله الاحزاب والتنظيمات السياسية الاخرى نفس الفعل وليس بنفس الكيفية والمقدار حتى تتحقق تماما مفردة التغيير والاصلاح مبنا ومعنا .
كاتب التقرير :سعيد الطيب عبدالرازق
الخرطوم 15-12-2013 (سونا)

Exit mobile version