قناة فرنسا 24 عرضت فليما تسجيليا عن زراعة القطن المحور وراثيا من بوركينا فاسو تلك الدولة التي تعتمد على القطن في صادراتها اعتمادا كبيرا كان الفيلم في غاية الجاذبية وفي غاية الاهمية بالنسبة لشخص يتابع الحوار الدائر في السودان حول ادخال ذلك النوع من القطن. اجمل مافي الفيلم انه اعتمد على افادة المزارعين المجربين مباشرة ولم يلجأ للجدل العلمي الذي لم يحسم حتى ولو على المستوى العالمي.
بدأت زراعة القطن المحور وراثيا في بوركينا فاسو 2008 ومعظم المزارعين الذين استنطقهم الفيلم اجمعوا على ان الانتاجية اكبر بكثير من القطن التقليدي وبالتالي اصبح عائدهم منه كبيرا وانهم خرجوا من دائرة الفقر واصبحوا في حالة (بحبحة) وانهم ليسوا على استعداد للرجوع للقطن القديم اما حاج عثمان وهو مالك كبير قال انه لم ولن يزرع القطن المحور لانه غير مامون العواقب وانه يشك بان بذرته الشديدة السواد سوف يكون لها تاثير سالب على التربة وعلى مجمل الحياة في المستقبل وان العالم يريد المزروعات الطبيعية.
المعروف ان الاختلاف على ادخال القطن المحور وراثيا في السودان وصل مرحلة جدلية وكاد يكون خلافا وليس اختلاف وجهات النظر. المتعافي ومعه رهط من العلماء يقفون بشدة مع ادخال القطن المحور وهناك علماء اخرون يرفضون وبشدة ذلك ولكل وجهة نظره الجديرة بالاعتبار اذن الخلاف مازال نظريا لان التجرية العملية مازالت محدودة الاشارة هنا لتلك التي قام بها الصينيون وطبعا الصينيين (ناس حاضرة) لايهمهم مستقبل الارض او الانسان في السودان لذلك لايعتد بتجربتهم ومن هنا تكتسب تجربة بوركينا فاسو اهميتها بالطبع هناك اختلاف بين البلدين فبوركينا تزرع القطن مطريا فقط ونحن في السودان لدينا المطري والمروي فاذا استصحبنا تجربة بوركينا فيمكن ان ندخل القطن المحور في مناطق الري المطري ونخضعه لمزيد من التجارب في القطاع المروي لانه الاكبر وتكلفته اعلى.
بالطبع هناك نقاط اتفاق بين الفريقين وهي ان الانتاجية اكبر في المحور وانه لايحتاج الي مبيدات وما شاكلها ولكن بالمقابل قد يكون له تاثير على الانسان والحيوان والتربة ثم ان السودان قد يفقد ميزته العالمية في انتاج القطن طويل التيلة. اما حكاية المصالح الخاصة فلا يعتد بها في هذا الامر فان كانت لشركات المبيدات فائدة مباشرة من القطن التقليدي فان شركات البذور لها نفس الفائدة المباشرة من القطن المعدل وراثيا اذن النتيجة (درون).
ما لم يستصحبه النقاش اعلاه ان القطن بنوعيه المعدل والتقليدي سعره العالمي في حالة تراجع بدليل ان قطن السودان للموسم الماضي مازال حبيس المخازن وبعضه (مشتت) في الخلاء الي وقت قريب وكثير من المزارعين لم يصرفوا حتى الان اتعاب وتكاليف وارباح (اسعار التركيز) الموسم الماضي وبالتالي ان المزارعين (بطنهم طامة) من اية حاجة اسمها قطن معدل، محور، مبدل، ملخبط، مبشتن فـ(العوة فوق كم)؟ ومع ذلك ما جاء في الاخبار مؤخرا بان بذور القطن المحور وراثيا قد دخلت السودان قبل حتى بدء النقاش حوله ناهيك عن اجازته من مجلس السلامة والحيوية وانه (القطن المحور) في طريقه للجزيرة لهذا الموسم يكون هذا امرا خطيرا جدا لا بل كارثة.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]