والصرخة خرجت «مكتومة» من هيئة الآثار السودانية وبعض المشفقين للتغول والتخريب الذي يحدثه المواطنيون. ربما بدفع من الدولة متمثلة في وزارة الزراعة بمدينة سوبا شرق.. الحضارة العريقة.. وتستنجد بالمواطن والدولة للحد من العبث بالآثار…
وكما تعرضت مواقع أثرية وتاريخية للسرقة أخذت آثار مملكة علوة المسيحية (1904م) بسوبا شرق طريقها الى الزوال بعد «7» قرون بسبب تغول المواطنين بالزراعة في المواقع الاثرية وانشاء المساكن، وبالرغم من التحذيرات والبلاغات وقرار وزارة الزراعة إلا أن الهجوم مازال مستمراً، حيث أن المزارع والأشجار والمنازل في المواقع الأثرية تتمدد وتطمر المدينة الأثرية حيث بدأت الاعمدة المتبقية من الكنيسة التي كانت تعد اكبر كنيسة في افريقيا تتلاشى وسط سيقان الأشجار وتحتل المزارع مساحات كبيرة في الاتجاه الشرقي للمدينة وأخذت الرقع السكنية تتسع بصورة مجحفة للتاريخ.. صانعة ستاراً للآثار التي يمكن ان يزهو بها السودان امام العالم، وتدر خزائن الدولة ملايين الدولارات من السياحة. عشرات البلاغات تقدمت بها هيئة الآثار السودانية للسلطات القانونية.. ويبدو أنها مازالت حبيسة الأدراج، لعدم ورود أية افادة عما تم في البلاغات، ويقول د. عبد الرحمن علي بهيئة الآثار والمتاحف السودانية بانه تم التنسيق مع وزير البيئة والآثار بولاية الخرطوم في العام الماضي ووزير الزراعة بغرض التنسيق ووقف التعديات على المواقع المفتوحة، وبالفعل صدر قرار من وزير الزراعة للحد من التغولات في الموقع الأثرى بسوبا ولكن للأسف لم يجد أي استجابة، وقد قمنا بفتح العديد من البلاغات.
وتأكيداً على حديث د. عبد الرحمن سجل وزير البيئة والآثار زيارة ميدانية للموقع، واجتمع بوزير الزراعة وهيئة الآثار والمتاحف السودانية، وتم تكوين لجنة من كل الجهات ذات الصلة واتخاذ السياسات اللازمة بوقف التعديات واتخاذ السياسات اللازمة لحماية الآثار.
وأقر وزير البيئة والآثار الاستاذ أبو عبيدة عبد الرحيم الخليفة في وقت سابق بوجود تحديات كبيرة بالموقع الأثرى، مشيراً إلى أن الموقع واضح للعيان، ولا يمكن القول بأن أحدهم يجهله، مضيفا بأن الاعمدة الموجودة لكنيسة أثرية لمملكة علوة المسيحية « 1904م» أى القرن الرابع عشر كما توجد اشارات ولافتة توضح ذلك.
وفي هذا الصدد إلتقينا بأحد الخبراء والمهتمين بالآثار السودانية الذي تحدث قائلاً : من يشاهد المواقع الأثرية في السودان يشعر بالحسرة على حال الآثار والتاريخ الذي يتبعثر من بين أيدينا لسوء الإدارة أو التجاهل والجهل، فما من موقع على إمتداد السودان يوفر أساليب جذب السياح عكس الدول التي تهتم بالآثار إيما أهتمام وتوفر كل سبل الحماية لها وتنشيء نقاط مراقبة وتأمين، وأقل ما كانت تقوم به الدولة لحماية آثارها وتاريخها تسوير المواقع ليس بغرض تنبيه الزائر أو المواطن المقيم بأن المكان المحاط بالأسلاك موقع أثرى.. وممنوع العبث به.. أو الحفر.. كل هذا نتجاوزه رغم المرارة التي نحس بها كلما زرنا موقعاً للآثار في السودان، ولكن أن يصل الأمر بحرث المواقع بغية الإستزراع فيه أو انشاء مساكن فهذا قمة الفوضى والانانية اللذان يتمتع بهما الشعب السوداني المغيب عن تاريخه لعشوائية العاملين في حقل الآثار والتاريخ.. وكذلك الدولة. ويضيف: أخطر اعداء الآثار من يقومون بالحفر في مواقعها لأي غرض بعلم أو بغير علم.. لأنهم يطمسون كل معالمها.. فتاريخنا لم يكتب بل نستقيه من المخطوطات اوا لكتابات أو ما خلفت أسلافنا في شكل رسومات أو أواني.. وبهذا العمل الهجمي يفقد التاريخ قيمته.. بل يمحيه من اساسه.
وفي سابقة خطيرة جاء في الأخبار أنه عثر في العام الماضي على أواني فخارية مليئة بالذهب في ذات المنطقة، وكشفت مصادر عن اتجاه رجل اعمال لشراء اراضي بسوبا شرق بعد أن أظهرت الحفريات بأنها جزء من مملكة سوبا المسيحية وبها آثار وكنوز تعود إلى تلك الحقبة، وتضيف بأن بعض الأثار وجدت اثناء حفر مواطنين في المنطقة للبناء..
د. عبد الرحمن يقول بأن امكانيات الهيئة المناطة بحماية المواقع الأثرية ضعيفة ويجب تضافر الجهود الرسمية والشعبية بضرب سياج أمني حول المواقع الأثرية، ويستطرد بأن الهيئة في استراتيجيتها بتعريف المواطنين في المواقع الأثرية عن أهميتها التاريخية ومكانتها القومية تقوم من وقتٍ لآخر بحملات توعية ولكن في تقديري هذا وحده لا يكفي. خاصة بأن معظم الحقب التاريخية في السودان تستنبط من خلال المواقع الأثرية ولا تحتمل تلك المواقع أي عبث أو تخريب بسبب جهل الفاعل بأهميتها. وعن قوانين حماية الآثار قال حسب قانون حماية الآثار العام 1999م لا تنفذ أي اعمال انشائية في المواقع الأثرية إلا بعد أخذ التصريح اللازم من هيئة الآثار والمتاحف والتي تقوم بدورها في الكشف على الموقع المعني. وهذا الأمر أحياناً يتجاوزه المواطن وغيره، لذا نناشد الجهات ذات الصلة المساهمة في الحفاظ على التاريخ واشعار المواطن بأهميته وبأن الآثار هي تاريخه القديم ان يحس بانتمائه للوطن، وعن دور الهيئة في حماية المواقع قال بأنها تستقطب الدعم الخارجي من المنظمات الاجنبية العاملة في حقل الآثار.
من المحرر:
ليس من المعقول أن ننبه وزارة الزراعة بما يحدث في المواقع الأثرية من تخريب وسحق للتاريخ لأنها تعلم ما يحدث وتصدق للمتغولين بمباشرة زراعتهم لأنه ليس من المعقول أن يزرع المواطن دون علم وزارة الزراعة- فضلاً عن الكم الكبير من البلاغات المفتوحة ضدهم.. فقط ننبهم بمسئوليتهم للحفاظ على التاريخ.. لان المحافظة عليه ليس حكراً على هيئة الآثار ووزارة البيئة فقط، فالمسألة تمس «القومية».
نبيل صالح :الراي العام [/ALIGN]