وبالرغم من إنهم يقرأون أن الله سبحانه وتعالى عندما أرسل ملكاً إلى أهل بلدة وأمره بأن يجعل عاليها سافلها عاد إليه الملك وقال له يارب إن فيهم فلاناً.. وهو عابد زاهد لا يكاد يعصي الله قط.
فقال له ربه سبحانه وتعالى: به أبدأ فإن وجهه لم يتمصر قط غضباً لله.
العلماء والإعلامين اليوم مشغولون بتحليل المشهد السياسي، وتحليل التشكيل الوزاري الذي جرى قبل أيام.
هل هو تعديل شكلي أم جوهري؟ هل هو انقلاب عسكري وعودة إلى الإنقاذ الأولى؟ هل هو بادرة تدل على خير قادم أنه أحمد وحاج أحمد، بعضهم يقول إنه لا جديد فيه وأنه محاولة تسكين للحالة العامة عند الجماهير، والعبور بالإنقاذ إلى انتخابات (2015)..
والبعض يقول إنه جيد لأنه أفسح المجال للشباب والتخلص من الحزب القديم والإتيان بوزراء جدد في المواقع، هناك الكثير والكثير الذي يمكن أن يقال عن هذا التعديل تأييداً أو تفنيداً.. وكله يصب في اللعبة.. أي والله واللعبة- لا أجد تعبيراً أفضل منها- السياسية الإعلامية الانقاذية التي تشارك فيها حمائم الإنقاذ وصقورها- إن كان لها صقور- بالرغم من استنكاري الكامل لهذا الأسلوب في النقد وفي التحليل، إلا أنني أرى بعض المؤشرات التي لم يتعرض لها هؤلاء المحللون الذين يقدمون صورة جديدة للمحلل بمعناه الفقهي.
لأول مرة يخرج بعض قيادات الدولة الكبار إلى الفضاء العريض، وذلك منذ بداية الإنقاذ وإلى يومنا هذا.. فيما عدا الترابي فإن قيادات الإنقاذ يموتون في مناصبهم وعلى كراسيهم بالموت الطبيعي أو الحوادث.
الأمر الذي لم يتعرض إليه أحد هو غياب وزراء الأحزاب المتحالفة مع الإنقاذ.. الأمة والوطني وغيرها من التنظيمات.. هل يعني ذلك التخلي عن سياسة الترضيات والتسويات والتشبس؟ هل أهمل ذكرهم كما أهمل ذكر بعض الوزارات الأخرى مع بقاء شاغليها مثل الدفاع مثلاً، أم أنهم ذهبوا كما ذهب النائبان؟.
وكذلك من الأمور التي لم يتعرض لها أحد.. ما هو مدلول بقاء وزير الدفاع في مكانه، مع أن جميع المطلعين والمتابعين يظنون بل يتمنون أن يكون هو أول المترجلين.
بل أن بعض المعلقين يرون أن ترجل وزير الدفاع وحده سيكون كافياً لإعطاء الإنقاذ دفعة قوية للبقاء لسنوات.
إن المعلقين والمحللين والإعلاميين لا يقومون إلا بدور الشارح لفلسفة التعديل أو ما يسمونه بالانجليزية Ap
plagus أي توفير الذرائع لهذا التعديل والإعتذار للدولة
عن كل ما يمكن أن يراه الآخرون أخطاءً أو خطايا.
إن التعديل الذي جرى الآن لا يدل على تبديل في سياسات الإنقاذ.. ولا يدل على تحسين.. بل لا يدل إطلاقاً على رؤية جديدة.. ولا مراجعة لشيء من سياساتها رغم الهجوم الكاسح الذي انطلق موجهاً إلى كثير من أداء الوزراء والولاة والبرلمان.
والتعديل ليس انقلاباً لا عسكرياً ولا رئاسياً ولا مدنياً، إذ ليس فيه اعتقال ولا محاسبة وليس فيه (إلى من يهمهم الأمر سلام)، وليس فيه وجوه جديدة من خارج البوتقة الإنقاذية بوجوهها المختلفة.. إن أسوأ ما يمكن أن يقال عن هذا التعديل أنه تراضٍ والتراضي كما قال أحدهم غير الرضا.
كما أن الوجوه الجديدة التي جاءت لا تحمل شيئاً جديداً، ليس هناك أدنى أمل ولا بارقة أمل في أن العام القادم سيكون عاماً انقاذياً جديداً.
كل هذا الذي ذكرته يعد المقدمة، والذي دفعني لكتابة تلك المقدمة ليس توجيهها للعلماء والإعلاميين.. ولكن الذي دفعني شيء آخر.
الذي دفعني هو أن الذي يقول إن هذا التعديل دليل على مراجعة شاملة لسياسة الإنقاذ إنما هو لسان كاذب وكذوب.. أو جاهل وجهول.
أليس من المدهش أن كل الذين تناولوا التعديل الوزاري الجديد من الرسميين والإعلاميين والعلماء لم يفتح الله على واحد منهم بكلمة واحدة حول الشريعة والدستور، كيف يتوقع المواطن السوداني تجديداً أو جديداً في السياسات والإنقاذ (راكزة) ركزة المك نمر في موقفها من الشريعة.
إذا تحدثت مع واحد من المسؤولين القدامى- والجدد على ما أظن- عن الشريعة والدستور اسمعك شعراً وتهدج صوته وكاد أن تدمع عيناه، وجعل الإنقاذ حامي حمى الشريعة.. وجعلك تستصغر نفسك وتندم على أنك فتحت مع هذا الرباني موضوعاً أنت فيه بالمقارنة مجرد هاو أو جهلول.
ومع ذلك لابد من توجيه بعض الأسئلة.. هل الحركة الإسلامية أقل علمانية من المؤتمر الوطني أم أن المؤتمر الوطني أقل إسلامية من الحركة الإسلامية؟ هل يمكن القول بإن الإنقاذ دولة غير علمانية ولكنها تحكم علمانياً؟.
هل تظن الإنقاذ أن الحكم بالشريعة لا يتعدى إلا الأشواق واللهفات والأنات والأحاديث المنمقة؟.
إن الذي لا نستطيع أن نتجاوزه أو أن نخدع به أنفسنا أو نخادع به الآخرون هو أن الإنقاذ لا شأن لها بالشريعة لا من قريب ولا من بعيد.
الشريعة ليست أحكاماً وقوانين وتشريعات فقط- وبالرغم من فقط هذه- فإن الأحكام والقوانين والتشريعات لا وجود لها.
الشريعة سلوك شخصي قبل أن يكون سلوكياً جماعياً أو اجتماعياً.
ونحن نعلم أن هذا السلوك غير موجود لأنه لو كان موجوداً لكان قدوة وأسوة ومنهجاً يتبعه الجميع داخل السلطة وخارج السلطة.
من المدهش أن حلقة (حتى تكتمل الصورة) التي قدمت لتحليل التشكيل الوزاري لم يأت فيها ذكر الشريعة إلا بعد الاتصال بالمواطن العادي الذي يتكلم وذكر بأن الإنقاذ تدعي أنها إسلامية، وذلك يقتضي منها أداء معيناً ومميزاً.. قبل ذلك لم تخطر الشريعة ببال أحد.
عندما قال الرب عز وجل (بهم أبدأ) أي قبل العصاة!!.
فمن هؤلاء ومن أولئك؟!.
إلى أنس محمد حسن.. مع الود الصادق!!
أرجو أن تكون قد أطلعت على الرسالة التي أرسلتها لك عبر الإيميل.
لعلك الآن أدركت أن المقال وصلني عن طريق بريدك الإلكتروني، وأظن الذي أرسله شقيقك ولم يبين لي في المقال أن هذا المقال نشره شخص رافضي عني في موقع آخر.
على أي حال هذا يضع التقاط على الحروف، وأرجو ألا يفسد ذلك الود بيني وبينكم جميعاً أنت وأبوقرون وكل المشائخ الذين يقفون صفاً متراصاً في وجه الرافضة.. أما صاحب المقال فلي معه شأن آخر.
صحيفة آخر لحظة
رأي : سعد أحمد سعد
ت.إ[/JUSTIFY]