مغادرة علي عثمان رسالة لجيله أن عليكم بالرحيل وهأنذا قد فعلت فهل تتبعوني أم تنتظرون عسلها ورحيقها ؟
قتل الشائعاتأثارت التسريبات أو الاستقالة التي راجت بأن النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه قد تقدم بإستقالته من كل المناصب في الحزب والدولة أثارت جدلا واسعا و حركت بركة الخرطوم الساكنة هذه الأيام اللهم إلا في شكل الحكم الجديد ، هل هو كشف تنقلات ؟ أم عسكريون للحكم ؟ أم الجيل الثالث ؟
الذين ولدوا في منتصف الستينياتأما تفاصيل هذه الأسئلة والإستفهامات فنحن نعني بكشف التنقلات إنتقال الوزير الفلاني من وزارته كالمالية مثلا إلى الصناعة .. أما العسكريون الذين نعنيهم فهم حكام للولايات التي تدورفي رحاها الحرب في دارفور وجنوب كردفان .. أما الجيل الثالث فهم الذين ولدوا في منتصف الستينيات وينتظرون دورهم في التوظيف ، أي جيل محمد عبدالله شيخ إدريس ، وعبد الجبار ، والطيب ، والمهندس هاشم عبد المطلب ، وغيرهم من المحسوبين علي التيار الإسلامي ، أي الحركة الإسلامية ، أو الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني).
شعر بضرورة التغييروحتى لايفلت منا رأس الموضوع وهو السؤال الأول لماذا غادر علي عثمان المسرح ؟ نقول عبر إحتمالات عدة أولها وأقواها أن الرجل شعر بضرورة التغيير ولذا تقدم بإستقالته وهي ذاتها رسالة مفادها لجيله الذي يتربع علي سدة الحكم أنه آن أوان الرحيل فينبغي أن تضعوا عصا التسيار مثلما وضعتها أنا .
العبور للبرلمانوالثاني وهي التسريبات التي ملأت الأسافير والصحف بأن النائب في التعديل القادم سيعبر للبرلمان.. وربما شعر الرجل بان هذا المنصب اقل من قامته ولذا قطع الطريق أمام التشيكل بأن يغادر مبكرا ، وهذه فيها حفظ لماء الوجه ، ورسالة ما أسلفنا القول بأن المنصب لايعنيني في شيء.
هروبا من السفينة قبل الغرقأما الرسالة الثالثة أو الإحتمال الثالث أن المغادرة في تلك اللحظات والتحلل من كل وظائفه في الحزب قد يعتبرها جيلي هذا هروبا من السفينة قبل الغرق .. فالرجل ينظر إليه بأن يكون الرئيس القادم أو مرشح الحزب الحاكم في إنتخابات الرئاسة في ألفين وخمسة عشر (2015م) .. وقد أبدى المشيرالبشير زهده في هذا المنصب ، فلماذا إستعجل علي عثمان بالدفع بإستقالته ؟
الرباعي طه .. غازي .. رزق .. الإماموبمغادرة علي عثمان لمناصبه في الحزب والدولة يكون الحزب قد فقد اربعة قيادات في مكتبه القيادي اولها غازي صلا ح الدين وثانيها حسن عثمان رزق واللذين تقدما بإستقالتيهما بعد تكوين حزب الاصلاح الان اما الثالث فهو المرحوم احمدعلي الامام واما الرابع فهو النائب الاول المستقيل الاستاذ علي عثمان محمد طه .
هل يصعد الوطني أربع آخرينالسؤال الذي يفرض نفسه وبقوة هو : هل يصعد (المؤتمر الوطني) الحزب الحاكم أربعة آخرين ممن أحرزوا درجات أقل في ترشيحات المكتب القيادي أم يتم تعيينهم بقرار من رئيس الحزب بعد التشاور مع السبعة وعشرين الباقين لأن العدد الكلي لـ (المكتب القيادي) هو (31) واحد وثلاثين .
كاريزما شيخ /عليويبقى الإنتظار طويلا لشل هذه الحكومة بعد أن غادرها (روماريو) أو هداف ثوانيها الأخيرة وقد يكون عسيرا على الذي يخلفه في هذا المنصب أن يجد الكاريزما أو القبول الذي يحظى به شيخ /علي وهوطوال نصف قرن في دروب العمل الإسلامي لم يضع عصاه منافحا ومدافعا عن الدولة التي حلموا بها وكان صمام أمان أصعب الفترات في الإنقاذ وهي ليلة التغيير والتي بقى فيها خارج أسوار السجن ليدير الدولة عبر مكتبه بــ (بنك الشمال) وشغل بعدها منصب وزير التخطيط الإجتماعي ، وهي الوزارة التي من خلالها نظم شكل الدولة التي تحكم الآن حينما كان شيخ /حسن حبيسا داخل السجن ثم رئيسا لــ (البرلمان) ، ود.نافع رئيسا لــ (جهاز الأمن).
أمامه خيارات عدةوإذا غادر علي عثمان المنصب فأمامه خيارات عدة ، وهي : إما أن يفتح مكتبه للمحاماة ببنك الشمال ، أو يجلس بالبيت ليداعب أحفاده من بناته ، أو يكون رئيسا شرفيا لإحدى المنظمات
أزمة القيادةوقبل أن نختم هذه الحلقة نقرأ بعض ماكتب عن شخصية علي عثمان في كتاب الأخ الأستاذ عبد الغني أحمد إدريس ( أزمة القيادة وجذور) «كما وصفه تجاني عبد القادر في كتابه المشار إليه».
لديه طاقة تحويليةيقول عبد الغني أحمد إدريس : شيخ / علي «الأستاذ علي عثمان محمد طه» يحب دائما أن يكون بعيدا عن المغامرات غير المحسوبة أو غير المضمونة النتائج ، ولديه طاقة تحويلية في فترة الأزمات المستعصية ليصير كتلة من النشاط والحركة الذاتية التي تولد عنده عقيدة راسخة انه يستطيع ان يحول الحديد بين يديه إلى ذهب موظِفا كل جهد سبقه الي رصيد في يده، كان الاستاذ محمد طه محمد أحمد يطلق عليه لقب (هداف الثواني الاخيرة) بمعني اللاعب الذي يلج الي ميدان الملعب في الدقائق الاخيرة ويجد الكرة الي جانب مرمي الخصم فيسددها هدفا، وبما انه لا يحب الاضواء ولا يعمل في الضوضاء فإن ظهوره في الدقائق الاخيرة يجعل صورته اكثر رسوخا.
حذر دائمكما أن لديه حذر دائم من أن الأقدار تضعه بين خيارات صعبة ومصيرية وفي بعض الاحيان مكلفة فمثلا الصراع مع الترابي كان عليه ان يختار اما الانحياز بقلبه إلى الترابي وفاء لتاريخه وعلاقته معه أو إلى العسكريين ليحول دون وقوع فتنة كارثية ، ليصبح عقلا ضابطا لهم يمنعهم من الانجراف الي الدم (التجربة الماثلة امامه دائما نموذج نميري في يوليو 1971م وتجربة السوريين في حماة).
تحمله لأخطاء الآخرين ولو علي كرهففي تحمله لأخطاء الآخرين ولو علي كره دون محاسبتهم يكون قد رم الجرح علي فساد، اوعلي طريقة ابراهيم اللقاني صاحب الجوهرة:«ليس مجبورا، ولا اختيارا، وليس كل يفعل اختياره » (راجع حوار صحيفة الانتباهة مع د.علي الحاج ، وحديثه عن عدم إجتماعات نائب الرئيس »الزبير« ووزير الخارجية ومدير جهاز الامن وابراهيم شمس الدين .. الخ عن السلام وموقف الوزير من ذلك).
أثقال تحميل الأمور بأكثر مما تحتملالصراع مع الترابي خلف لديه أثقال تحميل الأمور بأكثر مما تحتمل فصارت عقدة حجبته عن الصدح بالحق وبذل النصح في أوقات تكون القيادة فيه احوج ما تكون اليه من الطبطبة وتسكيّن الألم بدعاوي خشية الفتنة وذهاب الريح، حتي وان كانت الفتنة تكبر بالصمت عنها.
صارت خصما إستراتيجيا من رصيده السياسيففي ذهابه بمشروع السلام مع جون قرنق الي الحد الذي مضي به وما ترتب عليه من إنفصال جنوب السودان بتلك الطريقة العدائية وما جرته من ويلات وتبعات في الاقتصاد والامن الحدودي في النيل الازرق وجبال النوبة او القضايا المعلقة مثل أبيي وغيرها، صارت خصما إستراتيجيا من رصيده السياسي وربما الشخصي ولاجيال قادمة ستتحمل هذا العبء، دون أن يقبض هو أو الحزب أو الوطن أي ثمن في المقابل.
أشبه بالسرابفحتي السلام الذي كان مؤملا في تلك الفترة بات أشبه بالسراب بعد مناكفة الشريك اللدود »الحركة الشعبية«، كذلك استمرار اشتعال الاوضاع في دارفور بطريقة لم يشهد لها مثيل ودور الشريك في ذلك ، ولن يجدي معه مظاهر التشدد التي يحاول بعض مساعديه طرحها عنه الان في الاعلام وتصويرها وتسويقها للرأي العام) .. وهو قاضي سابق ومحامي قديم لا يمكن أن يضع رجال الادارة في موضع القاضي . رسالة لجيله أن عليكم بالرحيل
مغادرة علي عثمان رسالة لجيله أن عليكم بالرحيل وهأنذا قد فعلت فهل تتبعوني أم تنتظرون عسلها ورحيقها ؟
أخبار اليوم
معتصم طه محمد أحمد