سحر بشير سالم : للمغترب .. هواجس أحياناً

[JUSTIFY]هنالك مثل شائع يقول «البقولوا القلب إن شاء الله ماتشوفو العين» في إشارة واضحة إلى ما يختلج القلب من أحاديث وانفعالات تجاه الشخص البعيد أو الغائب. والمغترب بحكم غيابه وبعده الدائم عن أسرته كثيرًا ما تنتابه هواجس تجاه أسرته سواء من نواحٍ اجتماعية أو اقتصادية وهذه الهواجس قد تتسبب في انهيار جزئي أو كامل لأسرته عندما يرضخ وينصاع لها. «الملف الاجتماعي» استطلع عددًا من نساء المغتربين وبعض المغتربين ليسردوا لنا حكايتهم مع تلك الهواجس..

حقيه أن ما نسمعه بل ونراه في مواقع التواصل الاجتماعي كفيل بزرع بذرة الشك تجاه الآخرين، ولكن ذلك لا يحدث الا من اصحاب النفوس الضعيفة وفاقدي الثقة، هكذا ابتدر أحمد الامين حديثه وأضاف قائلا: هذا بالنسبة لهواجس الثقة أما فيما يتعلق بناحية المصروفات وتدبير الزوجة لشؤون المنزل في ظل غياب رب الاسرة فيجب على الزوج عدم محاسبة زوجته وفق مايقوله الآخرون عنها ولكن يتعامل معها بكل شفافية ووضوح.

«س» كانت لها تجربة مريرة مع هواجس زوجها المغترب والسبب المباشر لذلك ترويه لنا قائلة : أهل زوجي يصرون على التدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتي خاصة فيما يتعلق بجانب المصروفات فأنا بحكم اقامة زوجي بالخارج كثيرًا ما يزورني اخوتي بالمنزل وهذا ما لا يقبله اهل زوجي فيكيدون لي، وذات مرة سمعت أخ زوجي عن طريق الصدفة وهو يتحدث هاتفيًا مع زوجي فيما معناه أنني اقوم بالصرف البذخي على اسرتي على حساب اطفالي الصغار وزوجي مع الاسف تأثر تأثيرًا بالغًا مما انعكس سلبًا على تعامله معي،ى وبالنسبة للمصروفات قام بخصم «500ج» بحجة انه سيضعها في حساب توفير باسم ابنائه بدلاً من صرفها على الأغراب ولا يخفى عليكم الظروف الاقتصادية الطاحنة التى لا ترحم.

«أمل» زوجة لمغترب تعاني كثيرًا من هواجس زوجها فهو كثير الملاحقة لها في كل خطوة تخطوها بل يتعدى امر المتابعة الى كيل الاتهامات لها فيما يتعلق بصرفها البذخي على نفسها دون ابنائها في اشارة واضحة منه الى اهمتامها بنفسها في ظل غيابه وتعزو «امل» ذلك لتدخل الاهل السافر في خصوصياتها مما ساهم في نمو وترعرع بذرة الشك والهواجس في نفس زوجها.

«ط، م» مغترب باحدى دول المهجر قال في افادته لنا: إن الهواجس والشكوك ورياح الشك التى عصفت به افقدته اجمل ما كان يملك في حياته وهي زوجته. ولكن يبرر لنفسه بان ما يراه في مواقع التواصل الاجتماعي وما يسمعه عن بعض النساء والفتيات يجعله متأرجحًا في تفكيره وغير متوازن بالمرة ولكن زوجته لم تتحمل ما يبدر منه من كلمات جارحة بحقها مما حدا بها أن تطلب الطلاق.

«ف، ح» زوجة لمغترب اوجزت افادتها لنا بقولها: عندما يكون الزوج بعيدًا عن زوجته ويكون رجلاً «سميّع» بمعنى انه يستمع لكل ما يقال في حق زوجته خاصة من قبل اهله فإن الحياة تصبح شبه مستحيلة.

رأي الأختصاصي النفسي.. الأختصاصي النفسي زكريا آدم محمد صالح قال في افادته لنا:
الاغتراب هو ابتعاد الفرد عن موطن اهله الى بيئة أخرى وقد يكون بصورة قهرية أو اختيارية. في حياة المغتربين العديد من الهواجس المرتبطة باسباب الاغتراب والمتمثلة في العوامل الاقتصادية، الشخصية، والاجتماعية،.. الخ » ولكن نجد لكل مغترب دوافعه الخاصة به التى دفعته لاختيار حياة الغربة وما يترتب على ذلك من عوامل ايجابية وسلبية تنعكس على حياته، ومن الهواجس المترتبة على حياة الاغتراب هنالك الحرمان خاصة من الاشياء التى لها ارتباط بالمشاعر والوجدان والذكريات كالبعد عن الوطن والاهل والاصحاب كذلك هاجس العمل فقد يكون العمل المتاح دون الطموح أو به اعباء تفوق حد الاحتمال أو محدودية الدخل. أيضًا هنالك هواجس اللغة او المشاعر السلبية المتمثلة في القلق والاحباط وعدم التوافق الذاتي والبيئي، إضافة إلى الصراع النفسي بين الدوافع الشعورية واللاشعورية والرغبات المتعارضة والاحباط والفشل، ايضًا نجد الحرمان والخبرات الصادمة. فقد يعاني المغترب من هواجس داخلية أو خارجية. فالداخليه تتعلق بمكونات شخصيته ومشاعره وفهمه لنفسه وما يريده هو ويسعى لتحقيقه من آمال وطموحات وفقًا للامكانيات والواقع المعيش وكيفية التعامل معه. أما الهواجس الخارجية فهي تتعلق بمحيطه الاجتماعي والمهني وعلاقته مع الآخرين ومدى تأثره بهم وتأثيرهم فيه.

إن من أكثر الهواجس تعقيدًا وحساسية هي طبيعة العلاقة بين المغترب واسرته فقد تحدث بعض الصراعات في امور الحياة بين أفراد الاسرة وقد تصل مرحلة من الشد والجذب مما يجعل ذلك مهددًا لاستقرار الاسرة. ومن الهواجس ايضًا غياب الزوج فترة طويلة وما يترتب على ذلك من آثار «فهو من ناحية قد يكون حقق الإشباع المادي للاسرة ولكنه قد يكون ترك فجوة وفراغًا في اشباع النواحي النفسية والوجدانية والتربوية والاجتماعية». فالزوجة مثلا تتأثر بضياع حقوقها الشرعية كزوجة إضافة الى الحرمان من العاطفة والتحنان الزوجي وذلك أن الابتعاد بين الزوجين فترة طويلة قد يولد حالة من الشك والبرود العاطفي وغياب الحميمية والتفاعل، فالمرأة تمر دائمًا بتغيرات فسيولوجية من فترة لأخرى، وعندما تزداد عليها ضغوط الحياة اليومية والمسؤولية المترتبة عليها من تربية الابناء وادارة شؤون الأسرة هنا يزداد لديها الاحتياج لزوجها ليكون بجانبها ولكنها تجده بعيدًا، بجانب هذا هنالك حاجز سوء الظن والشك بين الزوجين وقد يكون متعلقًا بالجانب الاقتصادي «المصاريف» أو متعلقًا بجانب العفة والشرف «الاتهامات» ونجد في هذا آثارًا مدمرة للأسرة وناسفة لاستقرارها وتماسكها.

ولعلاج الهواجس النفسية لا بد من الالتزام بالتعاليم الإسلامية والقيم الأخلاقية والتربوية وجعلها اساسًا في التعامل بين الافراد، لذلك لا بد ان تكون الاسرة مجتمعة في مكان واحد مهما امكن وفي حالة فقدان ذلك لا بد من التواصل المستمر بوسائل الاتصالات الحديثة للتعبير عن المشاعر، أضافة الى المشاركة في كل شؤون الاسرة والشفافية والاستشارة والوضوح وعدم الاستماع لكل ما يقال في حق الزوجة خاصة من قبل المحيطين بها والاقربين، مع الحرص على قضاء الاجازة مع الأسرة.
ايضًا لا بد من تحقيق مفهوم التوافق النفسي من خلال البعد عن سوء الظن والشك والتفسير الايجابي لسلوكيات الطرف الآخر مهما كانت والعمل على استقرار الاسرة وزيادة مستوى التحمل النفسي والقدرة على التأقلم مع المحيط الذي يعيش فيه وفقًا للظروف والإمكانات.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version