د. عبد اللطيف البوني : هنا الخائن وهناك البطل

[JUSTIFY]قال أحد الناطقين باسم حزب المؤتمر الوطني إن التراشق اللفظي بين حزبي الأمة والمؤتمر الشعبي قد برأ الحزب الوطني من فصل الجنوب وقضية دارفور والإشارة هنا لقول سارة نقد الله بأن الترابي هو مهندس مشكلة دارفور وقول قطب من أقطاب الشعبي أن حزب الأمة هو الذي فصل جنوب السودان ولكننا نقول للسيد الناطق إن الأمر ليس بهذه السهولة اللهم إلا إذا كانت هناك ريشة فوق الراس او كاد المريب أن يقول خذوني فمثل هذه القضايا الشائكة والمعقدة لا تفتي فيها سارة نقد الله وكمال عمر وناطق الوطني.

من الاسئلة التي سوف تسيطر على مجرى السياسة السودانية ليس في الأيام القادمة بل في السنوات القادمة السؤال ما ومن الذي فصل جنوب السودان؟ هذا السؤال يتم تداوله الآن في شكل اتهام متبادل أنتم الذين فعلتم, وأنت الذي فعلت لدرجة أن البعض يحمل الطيب مصطفى المسؤولية في فصل الجنوب وياله من ابتسار واختصار مخل لقضية كبيرة. إن فصل الجنوب ليس مثل بتر جزء من جسم إنسان تعرض صاحبه لحادث حركة فرأى الأطباء ضرورة بتر الجزء المتضرر حتى لا تتسمم بقية الجسم ففي أقل من ساعة يخرج المصاب من العملية فاقدا لعضو من أعضاء جسمه راضيا بقدره. إن فصل الجنوب لم يتم بين يوم وليلة إنما جاء نتيجة لظروف موضوعية وذاتية طويلة ومعقدة ومتشابكة علينا أن نفحصها ثم نأتي للسبب المباشر
مجموعة أكاديمية ومتخصصة وبمظلة من معهد السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية تريد أن تجيب على سؤال من وما الذي فصل الجنوب بدراسات متعمقة تتناول كل مكونات الحركة السياسية السودانية ودرجة تماس أي مكون بقضية الفصل هذه ومن المؤكد أن هناك دراسات أكاديمية في شكل شهادات ماجستير ودكتوراة وأوراق أكاديمية سوف تتناول ذات القضية وبمداخل مختلفة ومهما بلغت تلك الدراسات من اعداد فلن تصل لإجابة شافية ووافية وستظل هذه القضية محط خلاف ليس في الوقت المعاصر بل وقت قادم قد يطول.

كل الذي ذكرناه أعلاه لا يمنع من او لا يقلل من أهمية إثارة الجدل الآن في هذه القضية لأن هذا الجدل ولو كان في إطار مماحكات ومطاعنات سياسية سوف يبرز بعض الحقائق التي ربما تطمثها الأيام وسوف يعطي مادة يسترشد بها الباحثون في يوم من الأيام وطبيعي أن يبدأ هذا الجدل باتهام الحزب الوطني الحاكم بأنه هو الذي تسبب في فصل الجنوب لأن الفصل تم في عهده ويمكن للحزب أن يدفع بأنه ليس وحده بل للآخرين من الفصائل السياسية سهم في هذا الأمر على طريقة (كلنا أكل بصل) ولكن أن يبحث عن براءة عند سارة وكمال عمر فهذا عدم نضج سياسي.

علينا أن نتذكر أننا في ذات الوقت الذي نتجادل فيه عما ومن الذي فصل الجنوب بأنه في دولة الجنوب سوف يبرز من يبحث تحت عنوان ما ومن الذي قاد معركة استقلال الجنوب بعبارة أخرى إن كنا في السودان أي الشمال القديم نبحث عن الخائن فإنهم في الجنوب سوف يبحثون عن البطل وفي هذه المسافة بين الخائن والبطل سوف نصل الى حقائق موضوعية في هذا الشأن وهذا للأجيال القادمة.

صحيفة السوداني

[/JUSTIFY]
Exit mobile version