ونود من هذا الإتفاق أن تنطلق سياسات أخري تجارية واقتصادية لإرساء تكامل بين المنطقتين المتجاورتين، حيث تنشط تجارة الحدود المقننة بدلاً عن عمليات التهريب التي تنعكس سلباً علي الدولتين والمواطنين في الجانبين، وأذكر هنا في سنوات نظام “مايو” كنا في زيارة عا1970مع الرئيس نميري الي قيسان وعندما طرح قادة شرطة ولاية الجزيرة الكبرى آنذاك بأن يتم ترحيل السكان الواقعية منازلهم ومتاجرهم علي الحدود الي عدة أميال الي الوراء لإيقاف التهريب رفض نميري.. قائلاً : “الأرض هي الشرف وعلينا ان نحافظ علي كل شبر فيها لأننا إذا تراجعنا الي الوراء فإن احتلالها وارد”، وأضاف “علينا بدلاً من ذلك أن نسعى لتكامل بين “قيسان” وأصوصا”.
بعد أن سمعنا هذا من الرئيس عبرنا ومعي الزميلان عبد الله الجيلي وعثمان عقيلي بالبطاقات الصحيفة الي القرية الإثيوبية الواقعة علي بعد مائتي متر من “قيسان” وشاهدنا علي مد البصر مزارع البن الأثيوبي التي تحددها في الجانب السوداني أشجار المانجو التي يستظل بها المواطنين حتي في السوق، وهذان المنتجان يكفيان وحدهما لتجارة تكاملية بين الدولتين خاصة إذا وصل هذا التكامل الي ما هو قائم منذ عشرات السنين في بلدة (قرورة) السودانية الإثيوبية علي الحدود حيث المدرسة واحدة للتلاميذ داخل السودان والطاحونة الوحيدة في الجانب الإثيوبي وبئر الماء كانت مشتركة بينهما في وسك الوادي الذي يتوسط البلدين.
قيسان وما يجاورها تزخر بثروات غير الزراعة منها ما برع فيه المواطنون بتعدين الذهب، فقد قام الشعراء بتنظيم أغنيات عن (دهب شيبون) و”سافرت أجيب المالي من برتا والقصار”.. وكان احد أصدقائي وهو موظف جمارك يرسل الي زوجته كل شهر أوقية ذهب للمصاريف، وقال لي أن الأمر لا يكلفه سوي الذهاب عصراً إلي (سرف) الماء بجانب منزله المتدفق من الجبال حيث يصطاد رقائق الذهب ويجمعها ويرسلها الي زوجته بدلاً عن الحفر المضني والمميت في الصحاري.
صحيفة الرأي العام
يوسف الشنبلي
ع.ش