المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان فى السودان قال إنه تسلم وقبل هذه الشكاوى من أفراد ومواطنين وهي قيد النظر، ولهذا قلنا -أنصافاً للحق- إن هذه ممارسة عدلية جدية وذلك لعدة اعتبارات.
الاعتبار الأول أن وجود منافذ عدلية رسمية لتلقي الشكاوي بشأن أي انتهاك حقوقي -وقابلية ذلك للكشف والإعلان- فيه موازنة مطلوبة ما بين ما يقع من أجهزة الدولة في سياق أدائها لعملها اليومي وما قد يتطلبه من طابع السرعة وانجاز العمل واحتمال وقوع أخطاء هنا أو هناك، وما بين إعادة إصلاح ما وقع لجبر الضرر وتصحيح الأمر بحيث تتم تسويته.
الاعتبار الثاني إن تلقي الشكاوي من عامة المواطنين بهذا الصدد، فيه عنصر ردع -إذا صح التعبير- لبعض أجهزة الدولة التى ربما تشتط -بحسن نية أو بغيرها- فى التغول على حقوق المواطنين، فحين يدرك أي جهاز حكومي أن هناك (جهة تراقب) أدائه اليومي وتستمع الى من يتضرر من هذا الأداء فهي دون شك تسعى لتفادي هذه الأخطاء أو على الأقل التقليل منها، وهذا في الواقع يمثل ذروة الممارسة الحقوقية الرشيدة حيث يستحيل بالطبع تفادي وقوع انتهاكات تفادياً تاماً إذ أنّ الأمر طالما تعلق بممارسات البشر، فإن الخطأ وارد لا محالة.
الاعتبار الثالث أن المسلك فى حد ذاته يحقق للحكومة السودانية سجلاً تقريبياً لرصد بعض حالات الانتهاكات التى تقع بحيث يمكنها أن تعالج ما يقع حتى إذا ما أشيع عن وقوع واقعة معينة كان للحكومة السودانية سجلاً واضحاً يبين ما وقع -بحيثياته ووقائعه- والإجراء العقابي الذى اتخذ بشأن ما وقع، والنتيجة النهائية للواقعة، وهذا بدوره يعطي أي ناشط حقوقي يتحرى الموضوعية صورة كاملة عن ما يجري والإجراءات التى اتخذتها الدولة لمنع تكرار ما جرى أو لمحاسبة الجاني.
وعلى وجه العموم فإن هذا المسلك يشكل تطوراً مطلوباً فى سياق العمليات الفنية التى كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أوصى به فى وقت سابق بما يفتح الباب واسعاً لخروج السودان من هذا الصندوق الحقوقي فى المستقبل القريب.
سودان سفاري
ع.ش