وتحدث الحاج الذي كان يعمل وزيرا لوزارة الحكم الاتحادي في فترة الترابي، وبعد الانقلاب الذي تم على الترابي من أتباعه في الحزب الحاكم الآن استقر الحاج في بون بألمانيا التي أتاها لاجئا، حيث رفض العودة وأصبح يعارض النظام في الخرطوم من الخارج، بإسهاب عن قضية دار فور وعن الحلول المفترضة للقضية. وقال «الآن أصبحت الحلول في الخرطوم بتوزيع المناصب وهذا لا يحل القضية، كل من جاء للحكومة أعطي منصبا».
وكانت الحكومة الحالية طالبت الشرطة الدولية (الانتربول) بملاحقته وتسليمه لها لمحاكمته في تهم وجهت إليه تتعلق بالفساد بطريق الإنقاذ في غرب السودان غير أن الحاج سخر من الطلب الحكومي واعتبره كيدا سياسيا.
وعن السؤال آنذاك حول الفساد في طريق الإنقاذ بغرب السودان وهو طريق بري يربط وسط السودان بغربه قال قولته المشهورة «خلوها مستورة». والحاج الذي درس الطب في جامعة الخرطوم معروف بصراحته وردوده الدبلوماسية، وملم بالجوانب التاريخية والسياسية للسودان، وقال إنه يفكر الآن في نشر كتاب عن السودان وما يدور فيه. وفي ما يلي نص الحوار:
* ما هو رأيكم في اعتقال الدكتور حسن الترابي.. وهل يرجع ذلك لتصريحه الأخير الذي قال فيه للبشير أن يسلم نفسه للجنائية أم هنالك أشياء أخرى؟.
– لم يكن تصريح الترابي هو السبب في اعتقاله بل كان النظام مبيت النية، وهم يريدون أن يكون صوت السودان موحدا ضد قرار الجنائية، ولا يريدون أي صوت آخر أن يظهر، هذا كان خطهم اتخذوه للتصدي لأي صوت يؤيد قرار المحكمة الجنائية ضد البشير، فلمجرد قال الترابي إن على البشير أن يسلم نفسه للجانية لتفادي الشعب السوداني من القرار تم اعتقاله.
* ذكرت بعض المصادر في الحكومة بأنها ستقدمه إلى المحاكمة. فهل ستعتقد بأنها ستقوم بذلك، وسبق أن قالت الشيء نفسه في الاعتقالات السابقة؟
– لا اعتقد انه سيقدم لمحاكمة، الحكومة اعتادت أن تقول هذا القول مرارا وتكرارا، وهذه الاتهامات في سياق الهراء فقط. وليس هنالك أسرار خفية لدى الحكومة. وقضايا السودان الماثلة أمامنا اليوم هي قضايا كبيرة جدا، اعتقال الترابي أو محاكمته، أو اعتقال أعضاء حزب المؤتمر الشعبي المعارض لا يحل هذه القضايا، بالعكس سيعقدها، الترابي تم اعتقاله لكن القضايا لم تعتقل، قضايا السودان ما زالت موجودة ومطروحة، وانا اعتقد لو هنالك رشيد في حكومة البشير فان التصريح الذي أطلقه الترابي له مغزاه، وانه حسب القوانين والنظام الأساسي لروما، إذا الشخص وجهت له تهمة ومثل أمام المحكمة هذا بدون شك فيه ميزة كبيرة جدا للسودان، على أساس انه يجنب البلاد أي قرارات سوف تتخذ وللشخص نفسه، عندما يمثل أمام المحكمة فهذا فيه أشياء ايجابية له، والعكس صحيح إذا لم يمثل فالمحكمة ستتخذ الإجراءات التي تراها، شأنها شأن كل محكمة.
* لكن الحكومة ترى أن هذا القرار إهانة للحكومة والرئيس السوداني بالمثول أمام المحكمة؟ – هذه ليست إهانة، العكس الرئيس يمكنه أن يمثل وكل متهم بريء. والكلام الذي تقوله المحكمة هي فقط اتهامات لم تثبت بعد وقد يكون بريئا من تلك الاتهامات، لذلك أرى أنه من الأحسن له أن يمثل أمام المحكمة طوعا واختيارا ويبرئ نفسه من تلك الاتهامات. وقد تكون هذه واحدة من الايجابيات في صالحه وعندئذ يتحدث عن أشياء كثيرة جدا ينفي ما هو ضده، وبهذه الطريقة قد يكون جنب نفسه شر الإهانة، وأيضا جنب البلاد شر الإهانة وشر المشكلات الكثيرة التي قد تحدث. وأنا في تقديري الأقوال بعدم امتثال الرئيس للمحكمة تكون أثارها على السودان وعلى الشعب سالبة وكبيرة جدا، ولا أحد يريد ذلك للبلاد، أنا أقول هذا الكلام ولا أريد الآثار التي تترتب على ذلك، وعما قريب سيجد الشعب السوداني نفسه أمام خيارين إما أن يكون حريصا على السودان ككيان موجود أو على الرئيس كشخص، فهو لا يقدم كرئيس للجمهورية وهو يقدم كشخص للمحكمة الجنائية، فأنا أعتقد أن التصريح الذي ذكره الترابي من الناحية القانونية وناحية إجراءات المحكمة هو تصريح مهما قيل عنه، محاولة للتنبيه والتذكير، لكي يخرج البلاد والبشير من الورطة.. في تقديري المسألة ذاهبة في الإجراءات المعروفة.
* الحكومة تتهم المؤتمر الشعبي والدكتور بدعم الحركات المسلحة في دارفور، وخاصة حركة العدل والمساواة وأيضا دعمه للهجوم على أم درمان، ما هو رأيك في ذلك؟
– هذه الاتهامات تكاد تكون برنامجا عند الحكومة لا يوجد فيها شيء جديد، والكلام الذي قيل قبل ذلك، ومازال يقال لا يثبت في يوم من الأيام أن المؤتمر الشعبي له ضلع في هذه الأشياء، وحركة العدل والمساواة ليس لها أعضاء في المؤتمر الشعبي، بل هم خرجوا مثل الذين في الحكومة الآن، هم كانوا في الحركة الإسلامية ولكنهم خرجوا، وأصبحوا الآن في المؤتمر الوطني الحاكم. وهذا القول ذكروه للجهات الأجنبية بأن حركة العدل والمساواة هم أعضاء في المؤتمر الشعبي، هذا كلام هراء ليس فيه جانب من الحقيقة.إذن ماذا عن الحركات الأخرى وماذا عن القضية نفسها. والحكومة أعتقد أنها في جهل أو تجاهل من القضية.
* هنالك كلام بأن الترابي له علاقات مع حركة العدل والمساواة بما يتردد في تصريحاته بأنه قادر على حل قضية دارفور، ما هو رأيكم في ذلك؟
– دكتور الترابي قادر على أشياء كثيرة ولكنه ليس قادرا على كل شيء في يده، ولكن بدون شك إذا كانت هناك حريات في البلاد وأتيحت حرية لحل المشكلات في السودان، وليس فقط قضية دارفور. فأنا أقول الآن لا توجد مشكلة في دارفور، المشكلة في الخرطوم مشكلة المركزية في الحكومة هي المشكلة الأساسية. وفهمنا للقضايا في نظري خاطئ، نقول قضية الجنوب لأنها في الجنوب وقضية الشرق لأنها في الشرق وقضية دارفور لأنها في دارفور، هذا فهم قاصر ويعيد القضايا بأنها ليست لها علاقة بالسلطة المركزية. وأنا في نظري القضية الأساسية هي في المركز، والترابي عندما يتحدث عن حل القضية لا يتحدث بأنه سوف يتكلم مع الحركات هذا فهم ساذج، الترابي يتحدث عن أنه سوف يجد حلولا للمركز أي حل عادل للسلطة ولتقسيم الثروات والتنمية بمعايير معينة بعيدا عن الإغراءات، والآن أصبحت الحلول بتوزيع المناصب وهذا لا يحل القضية. كل من جاء للحكومة أعطي منصبا. ولا يجد أحد عنده الحل الآن في يده، الحلول عند كل السودانيين، والحلول لكل مشكلات السودانيين ليس دارفور فقط، وان الحلول المجزئة جنوبا وشرقا ودارفور قد تؤدي لمزيد من التجزئة، وما يحدث في الجنوب أو الغرب لا نعتبر هذه قضايا، أعتبرها فقط كنموذج لقضايا أخرى، ونعالج تلك القضايا على هذا الأساس من غير تجزئة. وتجربة الجنوب أوضحت لنا ذلك. وكنا نتحدث عن قضية الجنوب ولكن اتضح لنا ان القضية في المركز، وليس في الجنوب. وأعتقد ان القضايا كل مشكلاتها هو المركز، أي حكومة الخرطوم.
* كنتم جزءا أساسيا من نظام الحكم الحالي، ومن الانقلاب الذي جاء به ألا تعتبرون أنفسكم مسؤولين عن الوضع الذي تنتقدونه الآن؟
– نعم، نحن أتينا بهذا النظام وهذه حقيقة تاريخية موجودة، ولكن شعرنا بأن هناك أخطاء كبيرة حصلت في فترة الديمقراطية الثانية، وكوننا قمنا بانقلاب على النظام بتلك الأوضاع بدون شك فإن المعطيات التي كانت موجودة جعلتنا نتخذ هذا القرار آنذاك. ولكن القرار كان غير صائب، ونحن ننتقد أنفسنا بهذا المعنى، والآن حصلت مفاصلة بيننا وبين حزب المؤتمر الشعبي والحزب الوطني الحاكم. وأصبح الموضوع تاريخا الآن. وكون وجود مؤتمر وطني وشعبي الآن وناس في الحكومة والمعارضة، وحتى في النظام الديمقراطي أنت يمكن أن تنتخب شخصا للرئاسة أو البرلمان وفي آخر المطاف يمكن أن تنتقده أو تسحب الثقة منه لا حرج في ذلك، فنحن من هذا المنطلق نؤكد، نعم أتينا بهؤلاء لكن بدون شك هذا ليس البرنامج الذي أتينا به. والكثير من الناس يقولون لنا هذا نوع من الكيد، كيف تنتقدون النظام الذي كنتم فيه، هذا الحديث ليست له قيمة.
* هنالك في الكواليس حديث عن خلافات بين البشير ونائبه علي عثمان طه، هل هذا يعني انقلابا جديدا على البشير لتجنب البلاد من قرارات الجنائية؟.
– الخلافات ليس بين البشير ونائبه الثاني، الخلافات كثيرة داخل المؤتمر الوطني الحاكم، وهناك احتمالات كثيرة يمكن أن تحدث. والمشكلات ليست بين البشير ونائبه، هناك آخرون، والآن إن قضية المحكمة جعلت هنالك تناجيا وسط الذين يتولون السلطة، وأنا عندما أقول تناجيا لابد أن نفرق، هناك أناس نافذون في السلطة وهنالك منفذون، أنا أتحدث عن النافذين الذين لا يتعدى عددهم خمسة أشخاص، أما البقية فليس لديهم دخل في القضية، هناك مشكلات بين النافذين، وأيضا هناك رسالة موجهة إليهم، الآن بقينا في مشكلة حقيقية هي موضوع المحكمة، إما البلاد السودان أو البشير، وعلى كل سوداني آن يفكر في هذا الإطار، وعلى الحركة الشعبية والأحزاب المعارضة في الحكومة والجيش والشرطة كلهم لابد أن يعرفوا الآن أن هناك وضعين إما السودان أو شخص البشير، وليس الرئاسة ولابد أن تكون هذه المسألة واضحة لا يكون فيها خلط، وهذه مسؤولية كل الشعب السوداني في المعارضة أو الحكومة.لأن القرار الذي صدر للمحكمة هو من مجلس الأمن، وتحت البند السابع، البند السابع يجيز استعمال القوة، أنا لا أحب استعمال القوة في السودان في هذه القضية، أنا ضد استعمال القوة وهذا يعني على الرئيس البشير أن يسلم نفسه أفضل من أن يتم القبض عليه، وهذه المسألة لا تسقط بالتقادم، حتى إذا اوكامبو (المدعي العام للجنائية) مات فإن القضية لن تموت، حتى إذا ألغى مجلس الأمن قراره، فان المحكمة سوف تستمر، هذه مسألة لابد أن تكون واضحة للشعب السوداني، والمحكمة عندما تصدر قرارها لا دخل لمجلس الأمن في ذلك، هذه محكمة لا تخضع لمجلس الأمن، وحتى الحديث الذي يقال عن التوقيف وأن هذه المسألة تأجلت، هذا القرار قد يتخذه مجلس الأمن، لكن القاضي ليس ملزما بهذا القرار هذا قضاء، هناك مشكلة في التعتيم الإعلامي من الناحية القانونية ومن الناحية الدستورية ومن الناحية السياسية، هذا ليس في مصلحة أحد، وأنا أقول هذا الحديث للشعب السوداني عامة، والنتيجة مهما طال الزمن أو قصر، في النهاية هذا ليس في مصلحة السودان. شيء مؤسف ولكن لا بد للناس أن تعرف الحقيقة، وأنا أعرف أن هناك خططا كثيرة عند الحكومة لكي يعملوا ويقاوموا وهذا لا يخفى على أحد وأنا أعرف أن نهايتها سوف تكون مؤسفة جدا.
* الحكومة أطلقت مؤخرا تهديدات للغرب بأن هنالك عناصر متشددة داخل السودان ولكن ليست القاعدة ويمكن أن يحدث انفلات أمني في حالة صدور قرار من الجنائية ضد البشير ما تعليقكم على ذلك؟
– هذا كلام غير مسؤول إذا كان هذا يطلقه مسؤول أمن عند حدوث انفلات أمني، كيف لإنسان يعمل في الأمن أن يتنبأ بذلك، هذا يعني أنه هو المسؤول عن هذا الانفلات. وهو يدعو لانفلات أمني، هذا كلام بائس وليس من المفترض أن يقال لأنه إدانة، وهذا الحديث الذي يقال يصل للمحكمة، وهذا الكلام يؤكد أن الحكومة هي التي تحرك أي جهة، وفي الحكومة ناس من الأمن، والمحكمة لديها علم بذلك ولديها تجارب، أعتقد أن المسؤولين من الأفضل لهم أن يلتزموا الصمت، وهذا الصمت أفضل في بعض الأوقات، وهذا التصريح من رجل الأمن فيه نوع من الاتهام، والرئيس البشير بنفسه اعترف أن هناك 10 آلاف هم ضحية الأحداث في دارفور، عندما سئل من طرف (البي بي سي) قال هذا الرقم مبالغ فيه والذين قتلوا 10 آلاف، وهذه الإجابة سوف تدينه ليس لدى المحكمة فقط إنما سياسيا، وجنائيا، وهذا الحديث مسجل وليس سرا، والأحداث التي تمت في قطاع غزة الآن وكل هذا العدد من القتلى الذي تعدى الآلاف أحدث ضجة دولية فما بالك بـ 10 آلاف قتيل اعترف بهم الرئيس البشير، بأي منطق نحن نحمى هذا الشخص.
* هنالك خلافات واضحة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، هل تعتقد أن اتفاق السلام سيصمد أم أن الشمال والجنوب يتجهان نحو فراق أو احتراب جديد؟
– احتمال قيام حرب في الجنوب ضعيف، لكن المعطيات الموجودة الآن تشير في أغلب الظن بأنه سوف ينفصل الجنوب عن الشمال بالمشكلات الحاصلة، واليوم إذا طرح موضوع الانفصال، الجنوب أقرب للانفصال لأسباب موضوعية نتيجة المشكلات الحاصلة في حكومة الخرطوم، فهم الآن لا يحتاجون للقتال بالرغم من مشكلات ابيي وغيرها، ولكنهم ينتظرون الانفصال. ومن الأشياء التي تتسرب من الحكومة إذا حصل قرار المحكمة أنها لن تلتزم بالاتفاقيات وهذا ليس في صالحها، لأن هذه الاتفاقية شهد عليها كل العالم وأصبحت عهدا، وهذا عهد ملزم لا رجعة فيه، الحركة الشعبية نفسها هي مطالبة أن تقول رأيها في موضوع المحكمة لأنها هي الشريك المباشر للحكومة وهذه مسألة تحدد أشياء كثيرة قد تحدد السلام في الجنوب، أنا أعرف أن هناك أراء ظهرت من أعضاء الحركة الشعبية، فهم إما أن يرضوا السودان أو الحكومة، إذا كان رئيس الحكومة نفسه يقول نحن قتلنا 10 آلاف مدني ليسوا أعضاء الحركات المسلحة، كل الكلام الذي قائم على الحكومة هو قتل الأبرياء المدنيين غير الإبادة الجماعية وعمليات الاقتصاب المنظم وهذه مسألة موجودة، إذا كانت الحكومة تشعر بأنها بريئة فيجب أن تحضر وتبرئ نفسها من تلك الاتهامات، والحركة الشعبية مطالبة أن تقول شيئا في قضية دارفور، إذا لم تقل شيئا فأنا اقدر موقفها هي في حرج، بالرغم من أن وزير خارجيتهم صرح أكثر من مرة، وأنا لا أرى أن الحركة سوف تعارض المحكمة لأنها هي نتاج للمجتمع الدولي لولا وقوف المجتمع الدولي مع الحركة الشعبية لما كان لاتفاقية «نفاشا» الموقعة بين الحكومة والحركة في كينيا أن تتم، «نفاشا» لم يصنعها الشعب السوداني بل هي نتاج للمجتمع الدولي والحكومة الحالية وليس للشعب السوداني ضلع فيها، بل كان متفرجا، وأنا مع «نفاشا» ولست ضدها.
* ما هو الحل في نظركم لمشكلة دارفور، خاصة وأن الحكومة تجد صعوبة في الحوار مع هذا العدد من الحركات، البعض يرغب والآخر يرفض؟
– المشكلة ليست مشكلة دارفور وأنا اعتقد أن هذه التسمية خطأ، المشكلة مشكلة السودان ككل، قضية دارفور يجب أن تؤخذ كعينة مثل الجنوب، هذه المشكلة نفسها موجودة في الشرق والشمال والوسط، الناس الآن وعت والسودان الآن ليس ما كان قبل 50 عاما، هنالك وعي حدث، والناس كلها لها تطلعات ومن حقها، والحركة الإسلامية لها دور كي ترفع تطلعات المواطنين وأن يطالبوا بحقوقهم، وهذه مسألة مفروضة ليس تفضلا وتكرما من الحركة الإسلامية، هذا واجب منها لكي توعي الناس بحقوقهم، والوعي يجب أن يكون في كل السودان، وأنا أعتقد أن تتخذ دارفور كعينة، ولا يحصر الموضوع في دارفور بل كل السودان، عندئذ يمكن ان تطرح القضية، وهي قضية سياسية وليست عسكرية، أنا ضد الحل العسكري، وكون ان الحكومة تقول هناك قضية حفظ الأمن، وإذا اعتبرنا ان المشكلة أمنية، الحكومة نفسها تقتل المواطنين. المجتمع الدولي أخذ على إسرائيل ضرب المواطنين وليست عناصر حماس، هذا الوضع ينطبق على الحكومة في الخرطوم.
هنالك أقوال تذكر أن حملة السلاح في دارفور تشرزموا كثيرا، وأنا لا أؤمن بأن قضية دارفور تحل بعد توحد الفصائل، هذا نوع من صرف الأنظار، والفصائل ليست القضية، حملة السلاح عبروا عن القضية، لكنهم ليسوا القضية، والحكومة لها دور في التشرزم نفسه باعتبار كلما تشرزم الناس ضعفت الفصائل، لكن الفصائل قد تضعف وتذوب، لكن القضية لا تضعف، لا تتشرزم ولا تسقط وإنما تظهر أكثر، وأنا أرى ان الحكومة تريد من الفصائل أن تتوحد كي تعطيها منصبا واحدا، والمناصب عند الحكومة محدودة، لذلك تفكر في جمعهم، والحكومة لديها الآن وزراء بـ«الكوم» ومساعدون كبار وصغار ومستشارون، وهي تحاول تقليل عدد الناس الذين تريد أن تستوعبهم في المناصب، ولكن مهما تشرزمت الحركات، ليست هي القضية هي عبرت فقط عن القضية. لا بد أن تكون الحلول للقضية وليس للحركات، ولدينا عبرة في قضية الجنوب، وأنا أقول إن المركزية التي أتت مع الحكم التركي هي السبب في هذه المشكلات، والمركزية كانت تحب أن تتمركز السلطة في الخرطوم، ولكن الآن مع هذا الوعي للناس لا يمكن أن تتمركز السلطة، وهل السودان الآن كما كان يحكمه محمد علي باشا، العالم تغير، والحكومة واحدة من إشكاليتها الكبيرة تمسكها بالمركزية، وهي تتحدث عن اللامركزية وتوزيع السلطة وكل هذا عمليا عبارة عن حديث لسان ليس هنالك شيء على أرض الواقع، ولا بد من الحريات وقضية دارفور لم تحل لأنه لا توجد حرية، حتى حامل السلاح لابد أن تتحدث معه، وإذا كانت لا توجد حرية والمسألة قهرية فقط، فما من شيء يمكن تحقيقه بالقهر.
* هل هنالك مساع لتوحيد الحزبين الشعبي والوطني حسبما كان سابقا تحت راية حركة إسلامية واحدة؟
– لا توجد مساع لتوحيد الحزبين الشعبي والوطني بل هنالك أشواق وتمنيات أن تتوحد الحركة الإسلامية، واليوم الأهم ليس توحيد الحركة الإسلامية إنما توحيد السودان. وكل هذه أشواق تجاوزها الزمن نحن الآن مواجهون بمحكمة دولية. وقضية إنسانية في دارفور، ومصير الجنوب هل ستكون هنالك وحدة أو انفصال، ومسألة الحريات، هذه قضايا أكبر من توحيد الحركة الإسلامية، نحن في الشعبي والوطني نعرف بعضنا جيدا ونعرف الخلافات، وهذا الذي حدث قد يكون فيه خير على السودان.
دنيا الوطن [/ALIGN]