أبناء دينكا نقوك وصناعة اللوبيات

[JUSTIFY]بذلت قيادات أبناء دينكا نقوك جهداً ملموساً ومقدراً في الاستفادة من تجربة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة وتأثيره العميق في التحكم والهيمنة علي مفاصل ومسارات توجهات السياسة الخارجية الأمريكية وذلك عبر إخضاع مؤسسات التشريع والجهاز التنفيذي والإعلام ومراكز البحوث والدراسات ومناخات البحث الاستراتيجي للعمل علي توجيه قراراتها وتوجيهاتها المحورية لخدمة المصالح العليا لإسرائيل.

وكانت النواة الصلبة التي احتضنت لوبي أبناء دينكا نقوك في الولايات المتحدة تجسدت في لجنة السبعة التي تشكلت في أعقاب اندلاع العمليات العسكرية للحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 1984م في احد مطاعم العاصمة الأمريكية واشنطن لدعم وإسناد تلك الحركة المشاركة كل من روجر ونتر موظف المعونة الأمريكية والخبير بمنطقة البحيرات العظمي والسودان والذي صار فيما بعد مستشاراً لحكومة الجنوب والدكتور فرنسس دينق مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والدكتورة سوزان رايس عضو مجلس الأمن القومي وجون براندر قاست عضو مجلس الأمن القومي الأمريكي وكلاهما كان ضمن إدارة الرئيس كلينتون والأخير أسس فيما بعد منظمة كفاية والسيد داغني وهو إثيوبي الجنسية ويتولي إدارة مكتبة الكونغرس الأمريكي وتولي فيما بعد وظيفة مستشار لسلفاكير الا انه هرب من جوبا تفادياً لمحاولة اغتياله إضافة الي آخرين.

كل ذلك الجهد بذل لخدمة أهداف الحركة الشعبية لفصل جنوب السودان ومن إلحاق أبيي الشمالية بالجنوب مع التسويق لإقناع الإدارة الأمريكية في دورتي الرئيس جورج بوش الابن 2000- 2008م باستعداد الحركة الشعبية وحكومتها لخدمة الأهداف الشعبية للسياسة الخارجية الأمريكية في إفريقيا في الحصول علي النفط والمعادن والتحكم في الممرات المالية والأسواق والاستثمارات إضافة الي إسناد ودعم المصالح الأمريكية والإسرائيلية في القرن الإفريقي والبحيرات العظمي .

وقد بذل كل من الدكتور فرانسس دينق الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي لدينكا نقوك ودينق الور الذي تولي قيادة العلاقات الخارجية في الحركة الشعبية ابان الحرب الأهلية ودكتور لوكا بيونق دوراً مقدراً في إنشاء اللوبي الخاص بجنوب السودان والحركة الشعبية في أمريكا إضافة الي لجنة السعة وكلا من اللوبي الإفريقي واللوبي الإسرائيلي .

وشكل الحضور البارز للدكتور فرانسس دينق في بيئة اللوبيات الضاغطة علي الأوضاع السياسية والعسكرية والأمنية في السودان في تولية قيادة ورشة العمل التي عقدت في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن وهي ورشة حوارية أنجبت الأفكار الرئيسية لمبادرة السلام السودانية واليت كانت خلاصتها العملية علي الأرض اتفاقية نيفاشا للسلام بكل تداعياتها.

إلا انه يؤخذ بالحسبان ان برتوكول ميشاكوس في يونيو 2002م قطع بأن الخط الحدودي بين الشمال والجنوب هو حدود يناير 1956 بما يعني ويفيد بأن منطقة أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق هي مناطق شمالية.

ولما كانت تلك المناطق توجد بها كنائس ومسيحيون نجد ان اللوبي الجنوبي يستثمر تلك الواقعة ليحقق اتصالا مع بيئة أمريكية سريعة الاستجابة للشأن الديني المسيحي في أي بقعة من العالم ألا وهي لجنة الحريات الدينية وبخاصة في أجواء هوس الرئيس الأمريكي بوش الابن بالدين المسيحي لدرجة ادعائه انه موسي العصر إضافة الي رؤية الرئيس بوش للسياسة الخارجية الأمريكية ودور الدين المؤثر في تلك السياسة وكذلك صدور كتاب صدام الحضارات للمفكر الأمريكي البارز هنتجتون.

وقد تناول الرئيس بوش في اجتماع له مع لجنة الحريات الدينية الحالة السودانية تفصيلاً واليت جاءت متوافقة مع تصور لجنة الحريات الدينية ومن الأهمية بمكان الإشارة الي ان لجنة الحريات الدينية كان لها الأسبقية في وضع تصور حول الحالة السودانية منذ عام 1997م كما ان اللجنة أصدرت تقريراً في 29/4/2002م أوصي بأمرين هما:

1/ حق تقرير المصير لجنوب السودان
2/ حكومة علمانية تتضمن الحرية الدينية مع الإشارة الي ان النفط هو المشكلة كما انه الحل في الوقت نفسه وهو ما جاء في تقرير القس دانفورث نصا فيما بعد وبعد ان عين مبعوثاً رئاسياً لدراسة الحالة السودانية بناء علي توصية لجنة الحريات الدينية الي الرئيس بوش.

وهنا نميل الي الاعتقاد وهو أمر تشير اليه قرائن الأحوال بأن تنسيقاً قد حدث ما بين القس دانفورث ولجنة الحريات الدينية من جهة ولوبي أبناء نقوك في الولايات المتحدة من جهة أخري بشأن مستقبل أبيي ومصير تبعيتها أعده دانفورث الذي رفضته الحكومة وقبيلة المسيرية وما نجم عن ذلك من سلسلة التفاعلات التي أدت الي إحراق أبيي في ما يو 2008م ومن ثم إحالة النزاع الي محكمة لاهاي الدولية.

ونشير كذلك الي الضلع الثالث في قيادة لوبي أبيي من أبناء نقوك وهو الدكتور لوكا بيونق الذي تولي رئاسة وزارة مجلس الوزراء في الخرطوم بعد توقيع اتفاقية السلام كما تولي بعد الانفصال موقع وزير الرئاسة في حكومة دولة الجنوب وقد ظل يسعي بإلحاح لنقل ملف أبيي الي مجلس الأمن الذي كانت تمثل الولايات المتحدة فيه سوزان رايس “عضو لجنة السبعة” والتي تشغل حالياً وظيفة مستشار الأمن القومي في إدارة اوباما.

ونعتقد ان الهدف الكامن وراء استقالة دكتور لوكا من حكومة سلفاكير للعمل في جامعة هاردفارد الأمريكية في واحدة من الإدارات الجامعية المعنية بتحديد ملامح وتوجيهات السياسة الخارجية الأمريكية يظل هدفه الأساس هو إسناد وتقوية لوبي أبيي في أمريكا مع ملاحظة انه وآخرين تمكنوا من استقطاب دعم بمبلغ مائة مليون دولار تحت واجهة منظمة “كوش” لإسناد الاستفتاء المنفرد الذي اجري في شهر أكتوبر المنصرم وهو استفتاء رفضه ورفض نتائجه كل من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

ومن جهة اخري فإن الرغبة في صناعة اللوبيات دفعت بأحد أبناء أبيي سفيرا لحكومة الجنوب في إثيوبيا حيث مقر الاتحاد الإفريقي وكذلك سفراء حكومة الجنوب في كل من روسيا وجنوب افريقيا وايطاليا اضافة الي تأثيرهم في هياكل حكومة الجنوب في الجيش والأمن والحزب الحاكم والإدارة العامة.

وبالطبع فإن مستوي التعليم العالي الذي حصل عليها أبناء دينكا نقوك لتسنم المناصب التي ارتقوا إليها حدث بحكم كونهم من أبناء الشمال حيث تلقوا تعليمهم الأولي والأوسط في مدارس رجل الفولة والمجلد والثانوي في مدرسة خور طقت ثم جامعة الخرطوم وذلك بعكس وظائف التعليم في الجنوب الذي كانت تتولاه مدارس إرساليات التبشير الكنسي التي كانت تقام في الأحراش وهو تعليم لا يؤهل إلا الي إنتاج عمال حرفيين تجاريين أو حدادين .. الخ.

صحيفة السوداني
عمر مهاجر حمدين
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version