بعد أن أصبح استخدام مفهوم «الإسلام فوبيا»-Islam Phopia- دارجاً في الدول الأوربية وأمريكا عقب أحداث 11 سبتمبر، وذلك بكراهية ورفض الإسلام واختزاله في «كيان شرير» ورفض قيم «الإسلام » كمجموعة من القيم الشاملة على المستوى الإنساني والاجتماعي والأخلاقي، وما زاد الكراهية للإسلام تغذيته بأحكام مسبقة وقوالب جاهزة تمارس خلطاً بين مفاهيم متعددة، مثل مسلم ومتأسلم وإرهابي وأصولي، وبين الثقافة والدين من جهة.
والشواهد تشير إلى ما لايدع مجالاً للشك أن واشنطن بصدد إحداث تغيير في مفهوم الغرب «للإسلام فوبيا»، وظهر ذلك جلياً في تعاملها الحذر مع الحكومات الإسلامية التي جاءت عبر الانتخاب في مصر وتونس، ولكن الإدارة الأمريكية اختارت منهجاً آخر للعبور للسودان وذلك عبر التقرب من مشائخ الطرق الصوفيه في السودان
باعتبارها تمثل الإسلام «الوسطي» و «المعتدل» والمسلم وغير «المتشدد» من أجل الولوج من باب الطرق الصوفية لمعرفة المجتمع «السوداني المسلم»، ولم يعد هذا النهج خافياً على أحد في السودان فقد درج القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم جوزيف أستانفورد على زيارة مشايخ الطرق الصوفيه وخلاوي القرآن فى أنحاء البلاد رغم الرياح القوية الرافضة للأمر من قبل بعض أئمة المساجد في الخرطوم، ولكن أستانفورد واصل لقاءاته بمشايخ الطرق الصوفيه بل تخطى ذلك للمشاركة في المحافل الرياضية للأندية كالهلال والمريخ..
ووجدت زياراته صدًى لدى مشائخ الطرق الصوفية، بل تمكن مشائخ الطرق من استغلال فرص اللقاء بالقائم بالأعمال الأمريكي جوزيف أستانفورد ودفعوا بمطالب على طريقة الدبلوماسية الشعبية برفع العقوبات وإزاحة اسم السودان من ملف الدول الراعية للإرهاب، ولكن يظل الهدف من هذه الزيارات والتواصل الاجتماعي خافياً على الجميع رغم إعلان جوزيف أستانفورد عن إستراتيجية بلاده الجديدة تجاه السودان بالتركيز على الطرق الصوفية للتعرف عبر بوابتها على المجتمع السوداني المسلم باعتبارها تمثل الوسطية والاعتدال والإسلام المسالم، وظاهرياً تسعى أمريكا لترسيخ مفهوم البحث عن الإسلام المعتدل المسالم في الدول العربية والإسلامية لتغيير الصورة الذهنية لدى الغرب والتي تختزل«الإسلام» في «كيان شرير» كما ذكرنا سابقاً.. ورغم اختلاف مضمار العودة الأمريكية للسودان فإن أمريكا تعمل في مسارين لتحقيق إستراتيجيتها في الدول العربية والإسلامية.
أما في السودان على وجه الخصوص فإنها تسعى للتعرف على الطرق الصوفية ومكوناتها وأنصارها وقد تستخدم قوتها في المستقبل ضد الأحزاب السياسية أو الحكومة أو لدعم المعارضة على الحكومة، وهذا منطق موضوعي ومقبول، أو الطرح الآخر الذي يتمثل في دعم الطرق الصوفية وتحويلها لكيانات سياسية للعمل مع المعارضة ضد الحكومة.
وعطفاً على هذا الطرح الذي وجد تأييداً من قبل المحلل السياسي بروفسير حسن الساعوري والذي أشار إلى أن أمريكا عوّدتهم دائماً على السير في اتجاهين لتحقيق أهدافها وإستراتيجيتها تجاه الدول مبيناً أن الاتجاه الذي يتقدم ويحقق الهدف يمكن أن تتبناه أمريكا فوراً.
ولكن الساعوري قطع بأن الحكومة أثبتت أنها تمسك بخيوط اللعبة الأمريكية، فحضور القائم بالأعمال الأمريكي لمناسبات الطرق الصوفية وتحركاته تحت نظر الحكومة ومراقبتها، وألمح الساعورى إلى أن تفوق الحكومة على اللعبة الأمريكية يأتي في إطار مطالبة مشايخ الطرق الصوفية لأمريكا برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية وتذمر مشائخ الطرق من تحكم اللوبي اليهودي داخل الكونغرس الأمريكي في علاقة واشنطن مع السودان، واعتبر الساعوري ذلك تضييقاً على القائم بالأعمال الأمريكي، ويبرهن جاهزية الحكومة لأي مخطط تحريضي من قبل الأمريكان ضد الحكومة تحت دواعي البحث عن الإسلام المعتدل والمسالم في السودان.
ويظل السؤال قائماً هل ستنجح الدبلوماسية الشعبية السودانية في كسر حائط الصد في العلاقات السودانية الأمريكية ويخترق المجاذيب دهاليز السياسة الأمريكية، وتبدأ رحلة التطبيع بين الخرطوم وواشنطن من دامر «المجذوب».
صحيفة آخر لحظة
تقرير: بكري خضر
ت.إ