” الترابي” ومشكلة دارفور!!

[JUSTIFY]قال حزب الأمة القومي ان الشيخ الترابي هو مهندس الصراع في دارفور وقبل ان نعلق علي ذلك نتساءل لماذا سكت حزب الأمة ولم يدل بهذا التصريح إلا الآن لأنه لو كان قد كشف هذه المعلومة في وقت مبكر لعرفت الجهة المستفيدة من الصراع واتخذت ضدها الإجراءات اللازمة ومادام حزب الأمة يعرف من البداية ان الإسلاميين يؤججون الصراع لمصالح ذاتية فلماذا اصدر تلك البيانات التي تتحدث عن الظلم الذي وقع علي دارفور؟ ولماذا ذرف الدموع علي قضية لا وجود لها أصلاً؟!
جاء في التصريح اتهام للشيخ الترابي انه مهندس الصراع في دارفور وذلك معناه انه خطط له واطلع الحركات المسلحة علي الثغرات الكثيرة في الدفاعات ولعبت المعلومات دوراً كبيراً في الافتراقات التي حققتها هذه الحركات مهما كان حجمها أو مداها.
لكن هذا التصريح لو صح فإنه يعكس حقيقة مؤسفة عن طبيعة الحركات المسلحة وما تبعه من مرارات لإطالة أمد الحرب.. منذ الان علينا تمزيق كل البلاغات التي جاءت في البيانات حول الظلم التاريخي الذي وقع علي المنطقة ولكنه لم يكن ظلماً مجهولاً من احد.. وكانت كل الحكومات تعمل لإصلاحه منذ الاستقلال لطن طبيعة المنطقة الصحراوية لم تترك أمام الحكومات خيرات كثيرة حتي حزب الأمة كان يعرف هذه الحقيقة وهو في السلطة ومطلع علي إمكانيات الحكومة ويعرف أنها تقوم بجهد كبير لإصلاح الأوضاع ولكن ليس في الإمكان أفضل مما كان.

إذا تأملت الخريطة الاستثمارية لدارفور فسنجد ان الإقليم كله صحراوي يشهد أمطاراً بين متوسطة وشحيحة لفترة ثلاثة أشهر في العام وان أهالي المنطقة اضطروا للهجرة الي الخرطوم ليجدوا المساعدة والعيش الكريم وهذه الهجرة أدت الي تضخم العاصمة حتي امتدت الي داخل الولاية الشمالية وولاية الجزيرة.. والمفارقة انه رغم كثرة النازحين إلا أن من يعملون عملاً إنتاجياً عددهم قليل والدليل أننا نستورد العمال من إثيوبيا واريتريا لحصاد الذرة.
كل الحكومات منذ عهد الاستقلال لم تلتفت الي هذه المنطقة فيما عدا (حكومة عبود) التي حاولت إنشاء مشاريع زراعية رعوية في (الغزالة جاوزت) وفي جبال النوبة التي شهد مشروعها إضافات كثيرة وتطويراً لا يقل عن مشروع الجزيرة..وكان هناك اهتمام زائد بالصمغ العربي فأصبحت للإقليم إمكانات كبيرة لأنه احتضن مشاريع عالية الإنتاجية وجرت محاولات لإقامة مصنع تعليب الألبان في بابنوسة ولكنها فشلت لان الرعاة كانوا يترحلون ولا يستقرون في بقعة واحدة.
تقوم كل أدبيات حركات التمرد علي ظلم وقع علي الإقليم دون أن يضيفوا ان الإقليم جعل العاصمة تدفع هذا الثمن عندما حطم المشاريع ومنع الناس الزراعة حتي اضطروا للهجرة الي العاصمة للإقامة.
الآن بعد ان أصبحت معظم الحركات التي أشعلت التمرد في الحكومة او قريبة منها نأمل منهم القتال ضد الذين يشيعون الفوضي وان يتم التفاهم معهم لو كان هدفهم خدمة المنطقة اذ كيف يكون هناك عمل تنموي والحركات تمنع الحركة للآليات والناس.. المطلوب الآن من كل أعضاء الحركات إلقاء السلاح والعمل علي إعادة الناس للحياة المدنية وعلي الحكومة الاهتمام بالمشاريع التي توقف العمل فيها وبدلاً عن جلب الأيدي العاملة من إثيوبيا واريتريا عليهم استخدام أعضاء الحركات المسلحة في هذا العمل وعليهم حماية هذه المشاريع بعد ان كانت مهمتهم تدميرها.. ويجب استثمار المراعي الكثيرة التي ظهرت في معظم الإقليم ويجب تطويرها وتحديثها وكل هذا لن يتم إلا إذا تحول المقاتلون السابقون الي منتجين يحرسون المشاريع الزراعية وهذا لن يتأتي إلا إذا تفاهمنا مع القلة التي ما زالت تفضل القتال.
قالوا.. ونقول
قالوا بلادنا تستورد الأيدي العاملة من أثيوبيا واريتريا.. ونقول استفيدوا من أبناء الحركات المسلحة!!

عبد الرحمن احمدون
صحيفة المجهر السياسي
ت.ت[/JUSTIFY]

Exit mobile version